لقطات
غالباً ما يتوهم من يدخلون في حوار حول مسألة ما، بخاصة تلك التي تُطرح على الجدار الأزرق، أنهم سيقنعون الطرف الآخر بوجهة نظرهم، ولذلك تحصل الخلافات وتحتد على هذا النحو أو ذاك، كثيراً أو قليلاً، دون أن يكون لذلك أي سبب، فالحوار في مثل هذه المسائل وفي هذا الوسيط مدعاته المشاركة والتفاعل وليس بالضرورة أن أقنع بالإجبار من أحاوره أو يفعل هو العكس، بل هي مشاركة وتحفيز لنا للتفكير في مسألة قد لا تخطر على بالنا، والحوار كما الرقص، مشاركة لا مضاهاة طرف على طرف، فهل تأملتم كيف يتحاور أو يتشارك الراقصين لتزداد جماليات حركاتهم فتزداد متعتنا؟
2
استكمل المخرج المخضرم “علاء الدين كوكش” شخصية المحقق شامل، بمرحلة متقدمة من عمره، في مسلسل “شارع شيكاغو” ورغم قصر مساحة الحضور إلاّ أنها قدمته بشكلٍ صحيح ويستحقه. وهذا ينم عن تقدير مخرج المسلسل “محمد عبد العزيز” للأساتذة الذين سبقوه، وأن الأجيال الفنية يجب أن تظل على تواصل وأن تقدّم التقدير الذي يستحقونه لبعضهم بعضاً. وهو في ظننا التكريم الذي ينتظرونه واللائق بهم أكثر من أي تكريم.
3
لا تأتي المتعة من أي عمل درامي سواء كان سينمائياً أم مسرحياً أم تلفزيونياً من المقومات الفنية لهذا العمل أو ذاك فقط، بل ومن المقومات الفكرية أيضاً، ولذلك نزعم أنه لا يمكننا الفصل بين الفني والفكري في مسألة تقويمنا لأي عمل، كما يرى بعضهم في أن المقومات الفنية هي التي يجب أن تكون المعيار لجودته. وفي زعمنا أيضاً كل عمل يعتمد فقط على الفني لا يترك أي أثر في المتلقين، بل ويتبخر من ذاكرة من شاهده بسرعة فائقة. ومن خير الأمثلة ما يتم تداوله على بعض المواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي لمشاهد تُنسب للمسرح تعتمد على ما هو حركي ومهارة وليونة جسد الممثلين والممثلات إضافة للإبهار في المؤثرات البصرية والسمعية، لكنها تمحو ذاتها من ذاكرتنا بسهولة وسرعة فائقتين، لخلوها من مقومات فكرية إلاّ ما ندر منها، التي تتجسد غالباً في اللغة. وكنا قد شهدنا ما يشبه هذه المشاهد إلى حدٍّ ما خلال بعض العروض المسرحية في أكثر من محافظة سورية وإن كان أكثرها في دمشق، لكنها ذهبت أدراج الرياح.