أحوال الفقير

يمشي الفقير و كل شيء ضده – و الناس دونه تغلق أبوابها

وتراه ممقوتاً وليس بمذنب – ويرى العداوة لا يرى أسبابها
حتى الكلاب إذا رأت ذا غنية – انحنت إليه وحركت أذنابها
وإذا رأت يوماً فقيراً عادياً – نبحت عليه وكشرت أنيابها
تناول الأدب الفقر من أوسع أبوابه وهذا ليس بمستغرب، فلطالما كان الفقر حالة من حالات الإنسان في الشرق والغرب، وكان لا بد من وجود حالة غنى وبحبوحة تقابل حالة الفقر والعوز ..
يقول أحد الأدباء في وصفه للفقر :
(أراه في تقاسيم عجوز تنتظر في طابور أمام المستشفى، تستعطف وتبكي بذل كي لا تجد نفسها تنتظر شهراً آخر، تعتقد أنها لو ماتت لكان أريح لها، لكن العمر لم يرحمها من الألم والانتظار وتقبيل الأيدي.. لتعالج! )
ويقول آخر :
(أراه دمعاً جارحاً في عيني طفل يقف أمام زجاج مخبز يتأمل الحلوى بحرقة، طفل سطح سوء التغذية جبينه، لم يعرف من الطفولة إلا الاسم، إن كان محظوظاً يجد عملاً في مشغل نجارة ليستنشق الغبار، أو يقضي ست عشرة ساعة قاعداً لدى خياط تقليدي فتعوج عظام ساقيه..)
وفي صورة أخرى يقول: ( أراه قهراً على وجه شيخ نحيف أبيض اللحية يقف في باب المحطة الطُرُقية ينتظر حافلة، يضع الحقائب في عربته ويدفعها ليحصل على درهمين، يعرق وينخفض نبض قلبه وهو يُجهد نفسه ليمرر العربة فوق الحجارة والرصيف..).
ولا يملك المفكر والأديب الا أن يسأل ويتأمل فخيرات الكرة الأرضية وعطاء السماء لا تدع في العالم متسولاً ولا جائعاً ولا محروماً ولا طفلاً يفارق الحياة من ضنك العيش.. ولا يمكن لعاقل أن يرى مأساة الفقراء والجائعين إلا في ثلة من وحوش الأرض تلتهم الأخضر واليابس.
ورغم بشاعة الفقر إلا أن بعض الأدباء وجدوا فيه نوعاً من الطرافة والفكاهة، حيث يروى أن برناردشو كان صديقاً حميماً لونستون تشرشل، رئيس وزراء بريطانيا الذي كان يحب من برناردشو سرعة بديهته ونكته وطرائفه اللاذعة:
قال له تشرشل ( وكان ضخم الجثة ): من يراك يا أخي برنار ( وكان نحيل الجسد جداً )، يظن أن بلادنا تعاني أزمة اقتصادية حادة، أزمة جوع خانقة! فأجابه برناردشو: ومن يراك يا صاحبي، يدرك فوراً سبب الأزمة!!
ويروي الكاتب فيكتور هيغوا في رواية البؤساء قصة الفقير البائس الذي تخلص من عقد المال وبات يساعد الفقراء والبائسين، فشعر بالسعادة التي حرمها منه الفقر ولم يلمس جوهرها إلا بالعطاء والمساعدة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار