موجعة للقلوب

تأمّل أبو محمد كرم الزيتون والعنب الذي أضحى رماداً , بنظرة وداع أخيرة تلخص أن القلوب احترقت مع الكروم والغابات وكذلك مع الذكريات , حيث لم تُبقِ النيران شيئاً من المتنفس الأخضر الجميل من تلك الغابات الممتدة بدءاً من جبال الساحل إلى جبال مصياف ..إلى الريف الشمالي الغربي من عدة قرى لمحافظة حماة .. وكأنه لا ينقص أناس تلك القرى الطيبين إلا الحرائق لتكتمل الصورة معهم فعلاً بأنهم قد تحولوا إلى أنقاض بشر أو رماد .
رغم تعدد الروايات لأسباب تلك الحرائق المستمرة بين أسباب مفتعلة بهدف تجارة الخشب للتدفئة, أو حتى الاستيلاء على أرض المشاع حتى يتسنى للتجار بناؤها والاستثمار بها, أو لأسباب غير مفتعلة كارتفاع درجات الحرارة وغير ذلك, ربما كل شيء وارد لكن النتيجة واحدة هي أن من أحرق تلك الغابات بعيدٌ كل البعد عن الإنسانية , لأن تلك الأشجار التي تصل أعمارها إلى نحو مئة عام تحتاج إلى عقود وعقود لترميم ولو جزء منها ولتصبح برمشة عين حديثاً من الماضي, وأثراً بعد عين فضلاً عن الآثار البيئية على المنطقة , وعن خسائر المزارعين الذين هم أعرف الناس بذلك الوجع الذي اعترى من غَرَسَ واهتم وكبّر تلك الأشجار لتحترق قلوبهم ألماً عليها .
لكن بالمقابل ألا يحق لنا السؤال عن تلك الحرائق التي أصبحت سيناريو مكرراً, ولاسيما في السنوات الأخيرة بعد حرائق القمح وغيرها لتأتي الحرائق في المناطق الأكثر أمناً , حيث لا مجال لتعليق الأسباب على شماعة الحرب في بعض المطارح, هل لوزارة الزراعة أن تخبرنا ماذا هي صانعة ؟
هل لها أن تبين ماذا نفذت بشأن شق الطرق الزراعية التي كان غيابها عائقاً أمام وصول رجال الإطفاء لتنفيذ مهامهم لأن المنطقة التي تحتاج لساعتين أصبحت تحتاج ليومين للوصول إليها .؟!
هل للمعنيين أن يخبرونا عن الطيران الزراعي وهل يحتاج معضلة لإعادة تأهيله ؟
هل لوزارة الزراعة أن تخبرنا أين هم خفراء الحراج المعنيون بحراسة تلك الأرواح من الغابات؟ فالمسألة ليست حريق بضع شجيرات وانتهى الأمر وإنما احتراق غابات وذكريات وأرزاق ناس وتعب عقودٍ ذهبت هكذا بلمح البصر .. بشرارة ..

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار