خطوط إنتاجه متشابهة، التجهيزات والمستلزمات ذاتها، الدقيق التمويني والخميرة لا يمتازان ولا يختلفان من مخبز لآخر، كل القواسم الإنتاجية مشتركة مابين المخابز الحكومية وبعض الخاصة باستثناء السياحية طبعاً، وبرغم كل ذلك هناك فوارق في جودة الرغيف ومستوى إنضاجه، أي أن الكثير من الأفران تحولت إلى إنتاج رغيف لا يؤكل أبداً، تساهلت وتجاهلت معايير الإنتاج الأساسية لرغيف المواطن الذي لم يعد سواه يسد رمق معيشته الخانقة..!
أفران استمرأت التهاون والاستسهال والضرب عرض الحائط بجودة الرغيف، والمواطن مضطر صاغراً لشراء ربطة خبز بسعر مضاعف، لا تدوم أرغفتها ساعات وتتحول إلى «فتافيت»، أو تصبح «معجنة» تسد النفس، وتبعث حالة استهجان واستغراب عند العامة، لماذا ننتج بهذا المستوى؟ ولماذا كل هذا الإسفاف والتعامي عن حق المواطن برغيف خبز جيد..؟!
لا ننكر أن هناك إجراءات ودعماً كبيرين للخبز اليومي، قوت العباد، وصرفت الجهات المعنية الملايين وتصرف مطلع كل شمس ليأتي من يسيء إنتاجياً لهذه المادة الأساسية في حياة المواطنين، في ظل تعامي أو تجاهل بعض الجهات الرقابية المختصة عما يجري من إساءات لإنتاج رغيف خبز جيد..!
أيها السادة «فظاعات» أفران إنتاج الخبز لم تعد تطاق، ولا أحد يسأل لماذا كل هذا التساهل..؟! أين الكفاءات والكوادر العاملة والمدربة..؟ مع الأسف هي موجودة، لكن هناك من وجد ضالته وفقد ضميره وتعمد التلاعب بالمواصفات والمعايير لهدف ما في نفسه، يحقق من ورائه مكسباً ما..!
بصراحة، إن بعض مسؤولينا لن يحركوا ساكناً لأنهم ببساطة غير مكترثين ولا يعلمون بحجم الارتكابات الحاصلة، واستغربت أكثر عندما جاءني زميل يعمل لدى إحدى الوزارات، حاملاً معه «ربطة» خبز شدني الفضول لفتحها لجمالية منظر أرغفتها وتذوق الطعم، عندها شعرت أنها من مستوى الخمس نجوم، وربما أكثر، فسألته من أي مخبز اشتريتها، فقال: أعطاني إياها السيد الوزير من مخصصاته.. عندها اقتنعت أن هناك من يصنع له خبزاً خاصاً به، فقلت: هذا هو خبز الوزير..!
أدام علينا وعلى الجميع هذه النعمة، فلا تسيئوا إليها بتجاوزاتكم و«غلاظاتكم» أيها المتلاعبون الذين بعتم ضمائركم، وأنتم أيها السادة المسؤولون، لا نحسدكم على أرغفة خبزكم الشهية والظريفة، فقط انتبهوا لما يحصل بحق مواطن لم تعد له طاقة للتحمل..!