واشنطن تختبر جاهزية الإقليم وتطلق «حارس الرخاء».. هل المنطقة أمام أول توسع لجبهة غزة أم إن أميركا لديها ترتيبات أبعد من البحر الأحمر؟

تشرين- هبا علي أحمد:
استنفرت واشنطن واستنفرت معها كل القوى الداعمة والراعية للعدوان الإسرائيلي على غزة المتواصل لليوم الـ75، على خلفية مجريات البحر الأحمر وأمواجه اليمنية التي ما زالت تعصف بالتجارة العالمية وأمنها، وللتوضيح، هنا لا نقصد أي تجارة، إذ لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يزعزع اليمنيون استقرار الأمن السياسي والاقتصادي في المنطقة، وإن كان البعض يروق له الترويج لذلك، بل المقصود أي تجارة ترتبط وتصب في نهاية المطاف لدى كيان الاحتلال، على أن تستمر الحال حتى إيقاف العدوان الإسرائيلي والأميركي معاً على غزة، ما دفع واشنطن إلى إطلاق عملية «حارس الرخاء» متعددة الجنسيات، تحت مظلة القوات البحرية المشتركة وقيادة «فرقة العمل 153» التابعة لها، لمزاعم «حماية البحر الأحمر»، وتضم هذه العملية المملكة المتحدة والبحرين وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وجزر سيشيل وإسبانيا، مع إعطاء دول إقليمية الموافقة للمشاركة في القوة البحرية المتشكلة، في حين تقول المعلومات إن السعودية ترفض الانضمام إليها.

هل «حارس الرخاء» إعلان حرب على اليمن فقط أم إن مقصد واشنطن أوسع من ذلك؟

إعلان حرب
القوة البحرية بقيادة واشنطن هي إعلان حرب على اليمن الذي يعيش أساساً في حالة حرب منذ 2015، أي إن زيارة وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن إلى المنطقة هي زيارة حرب وإعلانها، ما يفتح المجال واسعاً للعديد من التساؤلات التي تبقى إجاباتها معلقة برهن التطورات، ومن هذه التساؤلات: هل «حارس الرخاء» إعلان حرب على اليمن فقط، أم إن مقصد واشنطن أوسع من ذلك؟ وإذا كان المقصد أوسع من ذلك فهل هذا يعني إعلان حرب إقليمية نفتها واشنطن مراراً ولكن قد تنوي إيجاد لحظتها المناسبة عبر البوابة اليمنية؟ وإذا رُجح التساؤل الثاني، فهل يعني هذا أن واشنطن تنوي اختبار جاهزية الإقليم عبر استهداف اليمن كمرحلة أولى؟.. كما قلنا كل الأجوبة تبقى رهن التطورات، هذا من جهة.

هجمات اليمنيين المتزايدة في البحر الأحمر تُسبّب صداعاً ومعضلة صعبة للبحرية الأميركية

من جهة أخرى، فإن العملية الأميركية والقوة البحرية الدولية هي عجز أميركي واضح أمام المقاومة اليمنية «أنصار الله» التي تحولت إلى طرف فاعل ومؤثر في مجريات الأحداث في المنطقة، رغم أن واشنطن ومنذ عام 2015 عملت على «كسرها وتهميشها»، لكن هذه المقاومة تستنفر «دولة عظمى» كأميركا.

موقف اليمن تجاه فلسطين لن يتغير
أياً ما يكون من أمر واشنطن فإن القوى اليمنية ثابتة على موقفها لن يُخيفها أي تحالف ولن يُثنيها، إذ أكدت مراراً حرصها على سلامة الملاحة الدولية، وأنّ البحر الأحمر ممنوع على السفن المرتبطة بالاحتلال الإسرائيلي فقط، محذّرةً جميع السفن والشركات من التعامل مع موانئه، في حين أعلنت القوات المسلحة اليمنية أن موقف اليمن تجاه قضية فلسطين لن يتغير بغضّ النظر عن تشكيل تحالف بحري، وأشار عضو المجلس السياسي الأعلى في اليمن محمد البخيتي إلى أنه حتى لو نجحت أميركا بحشد العالم كله فإن العمليات اليمنية لن تتوقف إلا بتوقف الإبادة في غزة، بينما أكد رئيس وفد صنعاء المفاوض محمد عبد السلام أن المياه المحاذية لليمن آمنة للجميع باستثناء السفن الإسرائيلية أو السفن المتجهة إلى «إسرائيل».
واشنطن، التي تستعرض قوتها اليوم، سارعت بالأمس إلى محاولة التواصل مع القوى اليمنية، حيث كشف عضو ‌المجلس السياسي الأعلى في اليمن، محمد علي الحوثي، أنّ الولايات المتحدة الأميركية سعت مراراً للتواصل المباشر مع الجمهورية اليمنية في صنعاء، إلا أنّ ذلك قوبل بالرفض، في حين أكد قائد المنطقة العسكرية الخامسة في حكومة صنعاء، اللواء يوسف المداني، أنّ أيّ تصعيد في غزة هو تصعيد في البحر الأحمر.

البحرية الأميركية وبايدن
أضف إلى ذلك أن تشكيل واشنطن القوة البحرية الدولية في البحر الأحمر ربما يحمل في طياته نذر حرب، فهناك أسباب أخرى تتمثل في محاولة أميركا «احتواء» التصعيد اليمني و«الحد» من قدرته على تغير المجريات بما يشكله ذلك من معضلة حقيقية تواجه البحرية الأميركية في المنطقة، إذ أفادت مجلة «نيوزويك» الأميركية بأنّ هجمات اليمنيين المتزايدة في البحر الأحمر تُسبّب صداعاً ومعضلة صعبة للبحرية الأميركية، فالجيش الأميركي قد يواجه خيارات صعبة بشأن كيفية الرد على موجات الضربات وعمليات الاختطاف في قنوات الشحن الرئيسية، مشيرةً إلى أنّ القوات اليمنية لديها مخزون جيد من الصواريخ المضادة للسفن، ويمكنها مضايقة سفن أكثر مما يمكن للبحرية الأميركية أن تأمل في حمايته.

بايدن الذي يُعاني بالفعل من معدلات تأييد سيئة للغاية واستياء عام من تعامله مع الاقتصاد لا يستطيع تحمل الارتفاع المفاجئ بتكاليف الطاقة والتبعات الاقتصادية

المعضلة الأخرى في جملة التحديات التي تواجهها واشنطن، وعلى نحوٍ خاص إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، تتمثل بالتأثير في السياسة الداخلية للولايات المتحدة الأميركية خلال الحملة الرئاسية 2024، إذ إن توقف الشحن التجاري في البحر الأحمر نتيجةً للهجمات اليمنية، يُضاف إلى قائمة المخاطر التي يواجهها بايدن أثناء ترشحه لإعادة انتخابه في تشرين الثاني المقبل 2024، حسب وكالة «بلومبرغ»، التي أضافت: بايدن، الذي يُعاني بالفعل من معدلات تأييد سيئة للغاية واستياء عام من تعامله مع الاقتصاد، لا يستطيع تحمل الارتفاع المفاجئ في تكاليف الطاقة والتبعات الاقتصادية، مشيرة في الوقت ذاته إلى أنه إذا كان هناك شيء واحد تُظهره استطلاعات الرأي، فهو «الرغبة في تجنب نشر القوات الأميركية في الخارج».

لن يُنقذ نتنياهو
نتنياهو ليس أفضل حالاً، حيث كشف استطلاع رأي إسرائيلي أنّ أغلبية الإسرائيليين فقدوا الثقة بالحكومة الحالية التي يقودها نتنياهو، مع تزايد الانتقادات ضده والخلافات بين أعضاء حكومته، وقالت نتائج الاستطلاع: إن 69% من المستوطنين يؤيدون إجراء انتخابات جديدة فوراً بعد وقف الحرب على غزة، في إشارتهم إلى فقدان الثقة بحكومة نتنياهو.

أي مسار يُعمل عليه أميركياً فات أوانه ولا يمكنه أن ينقذ رئيس وزراء الاحتلال الذي يواجه أزمة ثقة ضمن «المجتمع الإسرائيلي»

وبشأن صفقة لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية في غزة، فإنّ 64.5% من المستوطنين لا يعتقدون بقدرة «إسرائيل» على إعادة الأسرى.

خلافات إسرائيلية
الوضع الذي آل إليه الميدان، إضافة إلى الضغوط التي يعاني منها نتنياهو من قبل ذوي الأسرى الإسرائيليين، أظهر حجم الخلافات الداخلية لدى الكيان، ففي تصريح يعكس الاختلافات داخل المجلس الحربي الإسرائيلي حول جدوى استمرار الحرب في غزة، قال وزير إسرائيلي يدعى هيلي تروبر: إن «الحاجة لإطلاق الرهائن أصبحت أكبر من القضاء على حماس».
وعلق تروبر على المفاوضات الجارية من أجل التوصل إلى اتفاق جديد لإطلاق النار لتبادل الأسرى، قائلاً: «يمكننا القضاء على حماس في المستقبل، لكن إطلاق سراح الرهائن ضرورة ملحة أكبر، لأنه ليس من المؤكد أننا سنتمكن من إطلاق سراحهم في المستقبل».
الثابت في خضم كل ما سبق ذكره أن واشنطن كما هي عادتها لا تسعى إلى السلام إلا على المقاس الذي يخدمها ويخدم كيانها، وبالتالي ليس هذا سلاماً كما يزعمون، بل المزيد من زعزعة أمن واستقرار المنطقة والمزيد من الفوضى والصراع.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
وزير الإعلام: شاشة التلفزيون العربي السوري لاتزال أنموذجاً إعلامياً يحترم عقل المشاهد ويعلي قيمه مجلس الشعب في ذكرى ميسلون .. سورية استطاعت تحقيق انتصارات عظيمة في وجه الحروب والحصارات المتعددة الأشكال سورية تدين اتهام الاحتلال لـ«أونروا» بالإرهاب وتؤكد أنه يأتي ضمن محاولاته لإنهاء دورها وافق على تأمين 5 آلاف طن من بذار البطاطا.. مجلس الوزراء يعتمد الإطار الوطني الناظم لتبسيط إجراءات الخدمات العامة 1092طالباً بالثانوية العامة استفادوا من طلبات الاعتراض على نتائجهم قيمتها ١٥٠ مليون ليرة.. أين ذهبت مولدة كهرباء بلدة «كفربهم».. ولماذا وضعت طي الكتمان رغم تحويل ملفها إلى الرقابة الداخلية؟ الديمقراطيون الأميركيون يسابقون الزمن لتجنب الفوضى.. الطريق لايزال وعراً وهاريس أفضل الحلول المُرّة.. كل السيناريوهات واردة ودعم «إسرائيل» الثابت الوحيد هل هي مصادفة أم أعمال مخطط لها بدقة «عائلة سيمبسون».. توقع مثير للجدل بشأن مستقبل هاريس تطوير روبوتات لإيصال الأدوية عبر التسلل إلى دفاعات الجسم المكتبة الأهلية في قرية الجروية.. منارة ثقافية في ريف طرطوس بمبادرة أهلية