في اليوم الـ38.. المذبحة الإسرائيلية بحق أهل غزة مستمرة.. «القلق» الأميركي حول «استفزازات الكيان» تهويل أم تمهيد؟

تشرين – مها سلطان:
من غير المعروف إذا كان «القلق» الذي عبرت عنه الولايات المتحدة الأميركية، خلال اليومين الماضيين، من أن الكيان الإسرائيلي يسعى للاستفزاز، خصوصاً على جبهة الشمال، لتوسيع دائرة الحرب بما يجر إدارة بايدن «مع دول أخرى» إلى إجبارية الدخول فيها.. من غير المعروف إذا كان هذا القلق هو حقيقي أم للتهويل، أم للتحذير أو التمهيد، فيما لا تزال احتمالات توسع جبهة غزة إقليمياً حاضرة بقوة، رغم ميل فريق من المحللين والمراقبين إلى نظرية مستجدة مفادها أن التطورات ستبقى محصورة ومضبوطة على إيقاع ما يجري حالياً، بانتظار تسويات يجري التفاوض حولها، وهي لا تتعلق بمسألة الأسرى فقط، بل بمجمل الوضع سواء على مستوى قطاع غزة والصراع الفلسطيني- الإسرائيلي ككل، أم على مستوى الإقليم، خصوصاً الجوار، وبالأخص منه محور المقاومة.

*** ***
على ذمة إعلام العدو الإسرائيلي، ونقلاً عن مسؤولين إسرائيليين، فإن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن أبلغ الكيان الإسرائيلي بالامتناع عن القيام بـ«خطوات تؤدي إلى حرب شاملة» في الشمال، وأن أوستن أبلغ وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت، في مكالمة هاتفية السبت الماضي، بقلق الولايات المتحدة بشأن الدور الإسرائيلي في تصعيد التوترات على طول الحدود مع لبنان «وفق موقع إكسيوس نقلاً عن ثلاثة مصادر إسرائيلية وأميركية مطلعة على المكالمة».. والهدف الإسرائيلي هنا هو إيجاد ذريعة لحرب أوسع مع لبنان يمكن أن تجر الولايات المتحدة ودولاً أخرى إلى مزيد من الصراع.
الجانبان الأميركي والإسرائيلي رفضا التعليق رسمياً على ما سبق، باستثناء تصريح مقتضب لـ«البنتاغون» بأن أوستن «شدد على ضرورة احتواء جبهة غزة وتجنب التصعيد الإقليمي» من دون ذكر أطراف محددة بالاسم. وهنا يتم الحديث عن زيارة آموس هوكشتاين، كبير مستشاري الرئيس الأميركي جو بايدن، إلى لبنان قبل أيام، وأنها تأتي في هذا الإطار، أي احتواء التصعيد الإقليمي، والمقصود هنا من الجانب اللبناني، وعلى قاعدة أن الولايات المتحدة ستتكفل بالجانب الإسرائيلي لناحية عدم التصعيد، من دون أن يكون ضمن هذا التكفل إنهاء العدوان الإسرائيلي على غزة «قبل تحقيق الأهداف الإسرائيلية» حتى إن قضى كل أهل غزة.. واليوم الإثنين الذي هو اليوم الـ38 للعدوان قارب عدد الضحايا 12 ألفاً، أكثر من نصفهم أطفال ونساء، بينما عدد الجرحى قارب 30 ألفاً، والمذبحة ما زالت مستمرة.
على الأكيد، الولايات المتحدة قلقة من مسألة العجز الإسرائيلي عن الحسم أو تحقيق منجز واحد على الأرض رغم مرور 38 يوماً حتى الآن على حرب هي الأكثر وحشية في التاريخ الحديث، وهي قلقة لأنه كلما طالت هذه الحرب كلما حُشر الكيان الإسرائيلي «وهي معه» في أضيق زاوية وعلى كل الصعد، ليس فقط إنسانياً وأخلاقياً، بل على الصعيد العسكري أيضاً. وعليه فإن مسألة «الهروب إلى الأمام» عبر توسيع الحرب تبدو مسألة لا بأس بها، أو لنقل مسألة تقترب من أن تكون حتمية في سبيل جرّ الجميع إلى الحرب، وهذا الهدف ليس إسرائيلياً فقط، بل هو أميركي أيضاً، فعندما يكون الجانبان الأميركي والإسرائيلي على المحك أو في حالة صفرية تجاه سياق تطورات لا تصب في مصلحتهما فإن الهروب إلى الأمام يكون حلاً، ومن هنا قولنا بأن هذا القلق قد يكون تمهيداً، وعليه لا بد من تتبع التصريحات الأميركية ومسارها على الأرض بدقة شديدة في الأيام المقبلة لنعرف فعلياً اتجاهات ذلك القلق الأميركي.
*** ***
أيضاً في الإطار ذاته، من غير المعروف ما إذا كان كل ذلك الحديث الواسع عن الخلافات بين الكيان الإسرائيلي والولايات المتحدة حول إدارة الحرب على غزة، أو الأسرى، أو مسألة الهدنة، أو مستقبل القطاع «بعد الحرب» أو حتى التصعيد الإقليمي آنف الذكر، هو حديث حقيقي، أم إنه للتسويق الإعلامي فقط، إذ إن قليلاً من التعمق في المواقف الأميركية والإسرائيلية يُظهر بوضوح، لا لبس فيه، أن الأجندات واحدة ولا خلاف حولها، وإذا كان هناك خلاف حول بعض التفاصيل، فإن هذا لا يعد خلافاً جوهرياً يمكن إدراجه كقضايا خلاف شديدة بين الجانبين، مادامت الخطوط الرئيسة متفقاً عليها، إذ إن كل ما يُقال في التفاصيل الصغيرة أمر لا يُعتدّ به، أو يمكن التعويل عليه، أو التوهم بأنه سيؤدي إلى أزمة كبرى بين الكيان الإسرائيلي والولايات المتحدة.. وإذا كانت الولايات المتحدة هي من يشرف، بل يدير الحرب على غزة، وهي من يقود حملة ضغوط وابتزاز في المنطقة لمصلحة الكيان الإسرائيلي، وهي أيضاً من يمنع في المحافل الدولية أي قرار يدين الكيان الإسرائيلي ويقود إلى وقف عدوانه على غزة، وهي التي ما زالت تقول إنها لا تضع خطوطاً حمراء أمام هذا الكيان في عدوانه على غزة، فكيف يمكن الحديث عن خلافات أو التعويل على خلافات تبرز بين الحين والآخر، وبما لا يمسّ جوهر التحالف بين الجانبين؟
*** ***

كل ما سبق لا يعني أن الكيان الإسرائيلي والولايات المتحدة ليسا في حالة قلق دائم حيال توسع عمليات المقاومة «لبنان والعراق واليمن» لناحية الكم والعدد والجغرافيا، ولناحية أيضاً التأثير والتوسع والاستمرارية، هذا هو القلق الحقيقي الذي يستدعي مزيداً من التخبط في الكيان الإسرائيلي من جهة وهو ما يظهر بشكل أساسي على جبهة غزة.. ومن جهة ثانية يكشف مزيداً من الخلافات حول التفاصيل بينه وبين الولايات المتحدة، وإذا كانت جبهة الشمال هي القلق الرئيس، فإن القلق الآخر، الأميركي، لناحية الجبهات الأخرى لا يقلّ مستوى.. صحيح أن إدارة بايدن ترد بضربات عسكرية شهدت تزايداً في الآونة الأخيرة، إلا أنها ضربات جاءت بردّ عكسي، حيث تضاعفت واتسعت كماً وعدداً الضربات التي تتلقاها القواعد الأميركية «في سورية» على أيدي المقاومة، خصوصاً العراقية التي وصلت ضرباتها أمس إلى «إيلات».
كل ذلك يُربك رهانات الكيان الإسرائيلي والولايات المتحدة ويضعهما دائماً في حالة اللايقين تجاه الخطوات التي يجب اعتمادها، وقبلها أسئلة مصيرية: كيف نخرج رابحين من جبهة غزة؟ هل سنضطر لتوسيع الجبهة؟ هل نفتح باباً لحرب إقليمية، أم نترك فتحه للآخرين؟ وهل في الحرب الإقليمية مصلحة لنا، وإذا ما عجزنا عن الخروج رابحين من غزة، كيف سنخرج رابحين من حرب إقليمية؟

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
أميركا تعود إلى مسار «اليوم التالي» بمقايضة ابتزازية.. و«كنيست» الكيان يصوّت ضد الدولة الفلسطينية.. المنطقة مازالت نهباً لمستويات عالية المخاطر مع استمرار التصعيد شهادتا تقدير حصاد المركز الوطني للمتميزين في المسابقة العالمية للنمذجة الرياضية للفرق البطل عمر الشحادة يتوج بذهبية غرب آسيا للجودو في عمّان... وطموحه الذهب في آسيا مسؤول دولي: أكثر من ألف اعتداء إسرائيلي على المنشآت الصحية في قطاع غزة برسم وزارة التربية.. إلى متى ينتظر مدرسو خارج الملاك ليقبضوا ثمن ساعات تدريسهم.. وشهر ونصف الشهر فقط تفصلنا عن بدء عام دراسي جديد؟ إعلان نتائج انتخابات مجلس الشعب للدور التشريعي الرابع.. القاضي مراد: الانتخابات جرت بإشراف قضائي كامل بدءاً من الترشيح وحتى إعلان النتائج السفير الروسي في لبنان: لا يمكن لأي بنية مدنية أن تكون هدفًا لنزاع مسلح وروسيا التزمت بذلك ما الغاية والهدف من إقامة معسكر تطوير مهارات كرة السلة للمواهب الواعدة ؟ "لوثة" تنعش سوق الاستطباب الخفي في سورية.. اضطراب تشوه صورة الجسد حالة نفسية تلاحق الجنسين..والنتائج غير حميدة ترامب ومؤيدو بيتكوين.. العملات الرقمية مخزن للقيمة وأداة للتحوط ضد الاضطرابات السياسية