المناورات السورية- الروسية في يومها الثاني.. تأكيد على قوة التحالف بمواجهة الإرهاب والمحتل الأميركي

تشرين – مها سلطان:
لليوم الثاني، تتواصل مناورات عسكرية مشتركة بين الجيشين السوري والروسي، وذلك بعد أسبوعين على آخر الاجتماعات الرباعية التي انعقدت في العاصمة الكازاخية، أستانة، في 20 و21 الشهر الماضي، وذلك في إطار مسار التقارب السوري- التركي، بوساطة روسية إيرانية.
ولأن هذا الاجتماع الرباعي كان في سياقه الأهم والأكثر عملاً باتجاه قضايا أمنية بالدرجة الأولى، ولأنه وسّع دائرة النقاش حول التواجد العسكري الأميركي الاحتلالي على الأرض السورية، وما يتخذه من ترتيبات ميدانية متصاعدة باتجاه تعزيز هذا الاحتلال، خصوصاً في الأسابيع القليلة الماضية… كان من المتوقع أن يتم ربطه بصورة مباشرة بالمناورات السورية- الروسية التي تستمر لستة أيام، وكانت قد بدأت يوم أمس.. كما يأتي هذا الربط في سياق ما يُطلق عليه اصطلاحاً «مضايقات» جوية ما بين روسيا والولايات المتحدة تضاعفت في الآونة الأخيرة، علماً أن الولايات المتحدة هي من ينتهك فعلياً، بمسيّراتها، ما يسمى سلامة الطيران فوق مناطق شمال سورية، وهي من تصعّد هذا الانتهاك وبصورة غير منسقة، ما يدفع روسيا للرد، مؤكدة أنها غير مسؤولة عن سلامة مسيّرات المحتل الأميركي.
حسب المُعلن، من جانب روسيا، فإنّ هدف المناورات هو العمل المشترك للطيران والدفاع الجوي ورفع كفاءة القوات والتدريب، لكن الأهداف المرتبطة بهذا العنوان العريض للمناورات، تكاد لا تخفى، خصوصاً ما يرتبط منها بالمحتل الأميركي، وضرورة العمل على مواجهته ميدانياً إذا جاز لنا التعبير، وصولاً إلى طرده. قد لا تكون هذه المواجهة الميدانية بالصورة التي تتبادر للذهن لمجرد سماعها لأول وهلة، فهناك العديد من وسائل المواجهة المحددة والمركزة، وليس بالضرورة الموسعة والمباشرة، لتحقيق هدف طرد المحتل، حتى وإن تحولت هذه المواجهة في مرحلة ما إلى مباشرة، فإنّ هذه المرحلة تكون النهائية بالنسبة لمسار طرد المحتل الأميركي.
هناك من يتحدث عن ميدان سوري جديد في المرحلة المقبلة، وأن المناورات السورية الروسية تأتي في إطار الاستعداد لمرحلة جديدة من المتغيرات الميدانية، ستكون تركيا جزءاً منها، بفعل ما تم التوصل إليه خلال الاجتماعات الرباعية التي توالت منذ بداية هذا العام، ومن المرتقب أن تستأنف خلال شهرين على أبعد تقدير.
وهناك من يتحدث عن أن ما يكرسه المحتل الأميركي على الأرض السورية في الشمال والشمال الشرقي خصوصاً في منطقة التنف (مناورات عسكرية، واستقدام تعزيزات وقوات، وتحصينات على الأرض، وإرسال مقاتلات A10 المتطورة والمزودة بقنابل خارقة للأعماق شديدة الانفجار إلى المنطقة حسب صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية).. كل هذا يخلق ميداناً جديداً تفرضه الولايات المتحدة وتريد تكريسه واقعاً، ومن هنا لا بدّ من المواجهة واللعب بالأوراق الأميركية نفسها، ومحاصرة الأهداف الأميركية.
ولنذكر هنا بتصريحات لافروف خلال الاجتماعين الأخيرين للرباعية، والتي قال فيها إنّ لدى الجانب الروسي معلومات تفيد بأن الولايات المتحدة بدأت إنشاء ما يسمى ـ«جيش سورية الحرة» بمشاركة تنظيم داعش الإرهابي ومنظمات إرهابية أخرى من أجل زعزعة استقرار الوضع في سورية. مضيفاً: حسب معلوماتنا بدأ الأمريكيون في تشكيل هذا الجيش في محيط الرقة. وعدّ لافروف أن الهدف الأميركي واضح وهو استخدام هؤلاء المسلحين ضد السلطات الشرعية في سورية لزعزعة استقرار الأوضاع في البلاد.
يأتي ذلك فيما يتحدث مراقبون عن خشية أميركية متصاعدة من مسار التقارب السوري التركي، على خلفية ما يتم تداوله حيال تفاهمات جديدة تمت بين الجانبين السوري والتركي، خصوصاً ما يتعلق منها بالميدان، ويشيرون إلى أن الجيش السوري يواصل إرسال تعزيزات عسكرية، تتضمن تشكيلات هجومية، إلى الشمال والشمال الغربي، تمهيداً لمرحلة ميدانية جديدة، ويشيرون تحديداً إلى الضربات المشتركة التي وجهتها القوات السورية والروسية للفصائل المسلحة، ومن دون رد فعل تركي واضح، باعتبار أن معظم تلك الفصائل تأتمر بالأوامر التركية، وهذا ما يعزز الحديث عن ميدان جديد، تركيا شريك فيه، بمواجهة المحتل الأميركي.
بكل الأحوال، وأياً يكن ما يُقال عن المناورات السورية الروسية المشتركة، فهي مناورات مهمة وضروية وتؤكد متانة العلاقات وقوتها، وتعزز من قوة الدولة السورية في مواجهة الإرهابيين ومن يدعمهم، ومن الطبيعي والمنطقي جداً أن يكون لهذه المناورات بنك أهداف، وإذا ما انتظرنا، لبعض الوقت، ربما، فإنّ بنك الأهداف هذا سيتكشف تباعاً، وحتى ذلك الوقت، فإنّ مثل هذه المناورات هي مدعاة للتفاؤل ميدانياً.. ولاحقاً سياسياً.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار