السعادة ليست مسألة مال.. ولا عمر أيضاً

السعادة ليست في الجمال ولا في الغنى ولا في الحب ولا في القوة ولا في الصحة.. السعادة في استخدامنا العاقل لكل هذه الأشياء.. هذا ما قاله المفكر والكاتب مصطفى محمود.. ولعلنا في أوقات الشدائد والأزمات في أمسّ الحاجة إلى من يمنحنا مشاعر إيجابية لأن الرضا هو من يعيد التوازن إلى الروح والعقل ويجعلنا نتخطى الأزمات.

في سن الشباب غالباً ما تكون الحياة مغامرة، حيث يختبر المرء باستمرار أشياء جديدة، كما يتمتع في الغالب بلياقة بدنية وصحة جيدة وتكون لديه الجرأة على المخاطرة. في المقابل عندما يصل إلى الشيخوخة تميل الأيام لأن تكون أكثر رتابة، ولا تخلو تلك المرحلة من الشكوى من آلام في الظهر ومشكلات في الركبة والعينين وما إلى ذلك. ومع ذلك، فإن كثيراً من الناس يكونون أكثر سعادة في سن الشيخوخة.
قبل عشرة أعوام أطلقت الأمم المتحدة “اليوم العالمي للسعادة” في 20 آذار، حتى يذكرنا هذا التاريخ كل عام بأن السعادة ليست مهمة فقط للإنسان بمفرده، بل أيضاً للمجتمع ككل. يقول كارلهاينتس روكريجل الباحث في مجال السعادة والخبير الاقتصادي من الجامعة التقنية في مدينة نورنبرغ الألمانية: “الأشخاص السعداء يتمتعون بصحة أفضل ويعيشون فترة أطول”. لذلك يعتقد روكريجل وخبراء آخرون أنه لا يكفي قياس ازدهار مجتمع ما على أساس النمو المادي وحده، أي الناتج المحلي الإجمالي.
عندما يفوز شخص ما في مسابقة، يقال عموماً إنه محظوظ. لكن أبحاث السعادة لا تهتم بفرصة الحظ هذه أكثر من اهتمامها بالسعادة التي تشعرك بالارتياح.
وتوضح أستاذة علم الاجتماع، هيلكه بروكمان، من جامعة “كونستراكتور يونيفيرستي” في مدينة بريمن الألمانية، التي تتعامل مع هذا الموضوع منذ أكثر من 15 عاماً، قائلة: “السعادة هي التقييم الإيجابي لحياتك، ووضع معيشتك”، مضيفة: إن وصفة السعادة فردية للغاية لكل إنسان، لكنّ هناك شيئاً واحداً مؤكداً، المال وحده لا يجعلك سعيداً، وقالت: “في المتوسط الأغنياء أسعد من الفقراء، لكن الوصول إلى نقطة التشبع يحدث بسرعة”.
قد يكون للعمر دور محوري في الشعور بالسعادة، لكن مرحلة الشباب ليست كل شيء. يتحدث أستاذ الطب من جامعة فيتن/هيرديك الألمانية، توبايس إيش، الذي يبحث نظام المكافأة في الدماغ وتجربة السعادة منذ 20 عاماً، عن “مفارقة الرضا”.
يقول الخبير إنه على الرغم من الأمراض الجسدية، فإن كبار السن يكونون أكثر سعادة عموما وأكثر رضا من البالغين في منتصف العمر، وأضاف: “من المثير للدهشة أن الحافز الأكثر أهمية لهذا الشعور هو الشيخوخة نفسها”.
ويوضح إيش أن طريقة الشعور بالسعادة تتغير على مدار الحياة، فالشباب يبحثون عن المتعة والإثارة ويندفعون من لحظة سعادة إلى أخرى، وهي لحظات تكون ذات طابع مكثف لكنها عابرة. في أعوام لاحقة تأتي مرحلة في الحياة يشعر فيها كثيرون بالسعادة لمجرد أنهم ينعمون بلحظات خالية من الضغوط أو التعاسة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار