سورية.. انتصار وأمل رغم الحصار والألم
تشرين- أ. كريمة الروبي:
جلست أشاهد نشرة الأخبار وأتابع آخر التطورات في سورية بعد أن ضربها الزلزال المدمّر فجر السادس من شباط الماضي، وأنا أرى الرئيس السوري بشار الأسد يستقبل وزير الخارجية المصري سامح شكري ومن قبله وفد البرلمانيين العرب في دمشق، تذكرت حينها بداية الأحداث منذ 12 عاماً وكيف كان حجم المؤامرة التي تعرضت لها سورية، وكان كافياً لإسقاطها وتمزيقها إلى دويلات على أسس طائفية وعرقية، وقد كانت الأمور متجهة نحو ذلك بقوة، حتى إنّ مجرد رفع علم سورية «علم الوحدة في زمن الجمهورية العربية المتحدة» كان كفيلاً لاستقبال الهجوم والاتهامات بدعم «الديكتاتورية» وصار علم الانتداب الفرنسي الذي رفعه ماسموا أنفسهم «الثوار» هو رمز الثورة والحرية، كم كنت أحتقر كل من يرفع هذا العلم، فقد كنت أراه رمزاً استعمارياً معادياً بالدرجة الأولى للعروبة ودعوة للردة على زمن الحرية والاستقلال، واستدعاء للرجعية التي مازالت تحاول العودة بنا إلى عصر ما قبل التحرر، كنت أشعر بالحسرة حين أراه مرفوعاً في التظاهرات والمناسبات المختلفة، كما أنهم قد صنعوا منه سواراً يرتديه الشباب، وانتشر بصورة كبيرة هنا في مصر.
في وقفات التضامن مع ضحايا الزلزال ارتفع علم سورية ممثلاً الوحدة والصمود والتصدي..
أما العلم السوري «علم الوحدة» ذو النجمتين الخضراوتين فلم يكن يحمله سوى القليل جداً من شرفاء الأمة الذين تمسكوا بثوابتهم ولم ينخدعوا بالدعاية الهائلة التي بثتها جميع وسائل الإعلام العربية والدولية ضد الدولة السورية.
مواقع التواصل الاجتماعي تعجّ بصور مفبركة لا صلة لها بحقيقة الموقف، وأصبح من يحملون سلاحاً «معارضة» ومن يطالبون بتدخل قوات «ناتو» لاحتلال بلدانهم «ثواراً» والدول المعادية أصبحت صديقة، والدول الصديقة والحليفة أصبحت معادية، وتاهت الحقيقة على الجماهير التي لم تجد أمامها سوى مصادر مختلفة للمعلومة، ولكن كلها تصب في الاتجاه ذاته، لا صوت غير صوتهم.
أتذكر أنني تحدثت يوماً مع صديقة لي ليس لها أي اهتمام بالسياسة، وقد شعرت بصدمة كبيرة من رأيي في الأحداث وهجومي الشديد على من يسمون أنفسهم «معارضة سورية» وقالت لي يومها أنها أول مرة تجد من يهاجمهم ويقدم معلومات مختلفة تماماً عما يعرفها الجميع، وسائل الإعلام إذاً نجحت في حجب الحقيقة بشكل كامل وتقديم صورة مشوهة عن الوضع، فقد شهدت سورية مؤامرة لا يمكن تخيلها، اجتمع فيها العدو والشقيق، سخّروا كل إمكاناتهم في خدمة الهدف الأكبر «سقوط سورية» والذي سيعقبه بالتأكيد الحصول على الجائزة الكبرى «مصر» فالبادئ بسورية سينتهي بمصر كما قال الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، ولا شك أن وجود جماعة «الإخوان المسلمين» الإرهابية خلال فترة سابقة وقصيرة من الزمن في حكم مصر كان داعماً قوياً للجماعات الإرهابية في سورية.. وأن التخلص من حكمها في 2013 قد أربك كل الحسابات، وجاء في مصلحة الدولة السورية.
سورية هي الباقية وجميع الخونة والمتآمرين زائلون
ظنّ الجميع يوماً أن مصير سورية أصبح في أيدي مجموعة من المرتزقة الذين ينفذون خطط أسيادهم ويحققون لهم أهدافهم، ولكن قليلاً هم الذين آمنوا بالنصر وقاتلوا من أجله، لم يسايروا الموجة ويسبحوا مع التيار، منهم من قاتل في ميدان المعركة ومنهم من ساند بالقلم والموقف، كان الوضع صعباً والاتهامات جاهزة للجميع، ولكن الثبات على المبدأ والأمل في النصر ودعم الحلفاء كانت حاضرة في المشهد، فانقلبت الأحداث وعرفت الجماهير حجم المؤامرة بعد أن رأت بعينها وحشية «الثوار» وعمالتهم التي لم ينكروها بل كانت المشافي «الإسرائيلية» تستقبل جرحاهم، وكانت الهجمات الصاروخية تنطلق من الكيان الغاصب تجاه سورية دعماً للمسلحين.
في وقفات التضامن مع ضحايا الزلزال ارتفع علم الوحدة، في الساحات وحتى في مباريات كرة القدم، هذا العلم الذي كان رفعه جريمة أصبح الجميع مجبراً على رفعه واحترامه، وسورية التي أنهكتها الحرب والحصار، وضربها زلزال مدمر لتكتمل ملحمة صمود شعبها الذي عانى وتحمّل ما لم يتحمله بشر، ستعود أقوى مما كانت، وستظل قلب العروبة النابض، ورايتها التي تمثل زمن الوحدة والصمود والتحدي ضد كل متآمر، هي الباقية.. وجميعهم زائلون.
كاتبة من مصر
أقرأ أيضاً: