“تاريخ تجارة حلب”.. وثيقة مهمة ترصد الحياة التجارية في العاصمة الاقتصادية لسورية
تشرين-رحاب الإبراهيم:
إذا كنت ترغب في معرفة تاريخ حلب التجاري قديمه وجديده، فما عليك سوى قراءة كتاب “تاريخ تجارة حلب”، الصادر حديثاً، وطبعاً هذه النصيحة ليست متأتية من باب التزلف أو مديح في غير محله، وإنما جاءت بعد قراءة متأنية لهذا الكتاب الشامل، الذي يوثق الحياة التجارية في حلب منذ حقب تاريخية بعيدة وصولاً إلى عصرنا الحالي بأسلوب سردي بسيط وشيق.
كتاب “تاريخ تجارة حلب” الذي أعدّه وأصدره الزميل أحمد عز الدين النابلسي، واعتنى بأدق تفاصيله بدءاً من التصميم الأنيق الواضح عند تصفح صحفاته الـ152 صحفة من الحجم الكبير، الزاخرة بمعلومات موثّقة عن مدينة حلب وتجارتها، مع تدعميها بآراء وشهادات لكوكبة من الباحثين والمؤرخين المحليين وخاصة من مدينة حلب عاصروا مراحل مختلفة من تاريخ المدينة، إضافة إلى نظرائهم من العرب والأجانب المهتمين بمدينة كانت ولا تزال من أهم وأقدم المدن في العالم رغم ما مر عليها من أزمات وحروب.
ولم يغفل الزميل النابلسي أهمية الصور في الجذب والتوضيح، إذ أضفى بصمة خاصة على الكتاب عبر توثيق احترافي لمدينة حلب بماضيها وحاضرها من خلال صور ناطقة تحكي عن معالم مدينة حلب وأسواقها وآثارها وبضائعها والحياة التجارية عموماً لأهلها المعروفين بأنهم أهل إنتاج وتجارة وثقافة وحبٍّ للحياة، واستكمل هذه الخطوة بإفراد مساحات مهمة لعدد من الباحثين والمؤرخين والكتاب، إضافة إلى بعض الشخصيات المهمة، التي شغلت مناصب تجارية وإدارية وتحديداً فيما يتعلق بالثقافة والآثار.
كتاب “تاريخ تجارة حلب”، يأخذ قارئه في رحلة شائقة عبر التاريخ، حيث لم يكتف فقط بالإضاءة على تاريخ مدينة حلب التجاري عبر مراحل تاريخية مختلفة، لكنه يعرض أيضاً معالم هذه المدينة العمرانية والتراثية وأسواقها وخاناتها القديمة، ويسلط الضوء على كنوزها المادية واللامادية، التي دفعت منظمة اليونسكو إلى عدّها مدينة تاريخية لاحتوائها على تراث إنساني عالمي عظيم يجب حمايته، كما رصد علاقات هذه المدينة الدبلوماسية والاقتصادية مع ذكر الاتفاقيات التجارية الموقعة خلال حقب تاريخية مختلفة، في إشارة إلى أهمية مدينة حلب تاريخياً وتجارياً وخاصة أنها تشغل حيزاً جغرافياً لا تنافسها عليه أي مدينة أخرى لوقوعها على طريقي الحرير البري والبحري، عدا عن تنوعها الفكري والثقافي والاقتصادي، إضافة إلى عرض مخطوطات تجارية وأثرية نادرة توثق الحياة التجارية، كالرسالة الموجودة على جدار داخل غرفة تجارة حلب والمعروضة في متحف مدينة حلب وتعود إلى الألف الثاني قبل الميلاد.
وكما أشار الكتاب في صفحاته المعدة بأسلوب يجمع بين التاريخ والحداثة، إلى فترات ذهبية عاشتها مدينة حلب بالصور والمعلومات الموثقة من أهل العلم والأبحاث، رصد أيضاً الحقبة السوداء التي عاشتها العاصمة الاقتصادية خلال سنوات الحرب عليها والتدمير الكبير الذي أصابها من جراء الأعمال الإرهابية الممنهجة وخاصة فيما يتعلق بأسواق المدينة القديمة الـ37، التي أفرد لها الكتاب حيزاً مهماً للتعريف بها وبخاناتها التجارية والأثرية البالغة 68 خاناً، والجهود الكبيرة المبذولة من أجل إعادة الترميم والتأهيل لتعود إلى ما كانت عليه سابقاً وخاصة في المدينة القديمة.
وركّز الكتاب أيضاً على الاهتمام الكبير الذي يوليه السيد الرئيس بشار الأسد والسيدة أسماء الأسد لمدينة حلب، والدعم الكبير المقدم من أجل إعادة المدينة إلى مكانتها الاقتصادية، موثقاً زيارتهما إلى مدينة حلب، وما يبذل من جهود لتأهيل أسواق مدينتها القديمة، التي تحظى بدعم وعناية كبيرين، مع الإشارة إلى المرسوم رقم 13 الذي قدّم إعفاءات وتسهيلات غير مسبوقة لتجارها.
وعرض كتاب “تاريخ تجارة حلب” الذي يعد وثيقة تاريخية مهمة عن مدينة حلب في مجال التجارة والاقتصاد يمكن الرجوع إليه والوثوق به، تاريخ غرفة تجارة حلب مع ذكر رؤساء الغرف الذين تعاقبوا على إدارة هذه الغرفة التي تعدّ أقدم غرفة تجارية في البلاد.