جدلية “تنازع” المياه مع الكهرباء تبقي هاجس الارتواء مقيماً في اللاذقية

يوسف علي- باسمة اسماعيل:
ينعم الله على أهل اللاذقية بأمطار وفيرة ولكنهم لا يشعرون بهذه النعمة السماوية وخاصة في الريف لعدم استثمارها من قبل المعنيين بشكل جيد، وهذه المشكلة قديمة حديثة كما قال عدد من أهالي الريف لـ”تشرين”: منذ بداية الخريف تبدو بشائر الأمطار جيدة لكن لم نلمس تحسناً عن الصيف الذي أرهقنا مادياً من شراء صهاريج المياه، حيث ‎يعاني أغلب سكان المحافظة ريفاً ومدينة من نقص في مياه الشرب.
ويبقى حجم معاناة الريف أكبر لطول مدة رفدهم بالمياه، ففي أحسن الأحوال تأتي كل خمسة أيام للقرى القريبة من الخطوط، وتصل إلى عشرين يوماً في بعض القرى الجبلية، حتى إن القرى التي تعد من أكبر التجمعات ليست بأفضل حال حيث تتخطى الأسبوع كناحية بيت ياشوط والبودي ودوير بعبده والحفة، وغيرها.
ينابيع وآبار مهملة
وقال آخرون: لماذا لا يتم استثمار ينابيع الريف في الشتاء وإلحاقها بشبكة المياه ومنع هدرها في الأنهار، الأمر الذي من شأنه أن يوفر على مؤسسة المياه الضخ من بداية فصل الأمطار وحتى نهاية شهر أيار.
علاقة إشكالية
وقال مواطنون من قرى عدة: وضع ريف المحافظة بالمياه قديم، وفي كل سنة نقول هذه السنة ستكون أفضل لكنها تكون أسوأ، وما زاد الأمر سوءاً تقنين الكهرباء، فعند مجيء المياه بعد المدة الكبيرة لضخها تكون الكهرباء غائبة، وعندما توصل الكهرباء إلى أحياء سكنية تكاد لا تسمع شيئاً إلّا أصوات المضخات، ومن لا يستطيع شراء مضخة يضطر للانتظار حتى تنقطع الكهرباء أملاً في أن تصل المياه إلى خزان منزله.

محطة تصفية 16 تشرين في الخدمة خلال الصيف القادم لحل مشكلة نقص وارد مياه الشرب

فيما شدد آخرون على ضرورة تنظيف خزانات مياه التوزيع بشكل دوري وإغلاقها جيداً منعاً لدخول الحشرات وخلافها، حيث تتفسخ وتعطي رائحة كريهة غير مستساغة، مشيرين إلى أن إضافة الكلور لها لا يحل المشكلة، كما قالوا يجب منع التعدي على شبكات المياه الرئيسة، وإنشاء خزانات مياه إضافية، ومد خطوط مياه جديدة، ومكافحة الفاقد من خلال الهدر والأعطال في الشبكات، حيث يتراوح الفاقد والهدر في المياه على جانب الطرقات حوالي ٣٠%، ألا يكفينا طول مدة وصول المياه.

المعاناة نفسها
حال أغلب حارات المدن أيضاً سيئة فالضخ لا يصل للطوابق العليا، ففي معظم الأحيان لا تتوافق تغذية الأحياء بالمياه مع التغذية بالكهرباء. ناهيك بالمعاناة بسبب ضعف ضخ المياه التي لا يجعلها تصل للطوابق العليا إلّا بوساطة المضخات، مطالبين بزيادة ضغط المياه ( فتح السكر بقطر إنش أو 2 إنش) ليتسنى للقاطنين في الطوابق العليا وصول المياه بشكل جيد وعدم اللجوء لمضخات استطاعتها كبيرة تحرم غيرهم من المياه، متسائلين: إلى متى سيبقى موضوع الكهرباء شماعة، لماذا لا يتم البحث عن حلّ جذري بدلاً من حلول آنية مثل إعفاء خط ما من التقنين!؟.
و‎يتساءل مواطنون ألا يجدر بالجهات المعنية أن تكون قد تداركت الأخطاء السابقة بالنسبة لموضوع المياه، وعملت على إنشاء أحواض مياه تخزينية من أمطار الشتاء، وعالجت هدر مياه السن في البحر، وأضافوا: يجب أيضاً العمل على التخلص من ظاهرة التعدي على شبكات وقساطل مياه الشرب.
مليونا نسمة
من جهته قال المدير العام لمؤسسة مياه الشرب والصرف الصحي في اللاذقية المهندس محمد ميهوب لـ”تشرين”: يعدّ نبع السن المصدر الرئيس لمياه الشرب في المحافظة، حيث يؤمن حوالي ٨٥ % من حاجة المحافظة بالمياه، وبكمية تقدر حالياً بحدود (٢٩٥٠٠٠ – ٣٠٥٠٠٠) م٣/ في اليوم، والبقية يتم تأمينها من مصادر محلية أخرى ( آبار – ينابيع) وبكمية تقدر بحوالي (٦٠٠٠٠ – ٧٠٠٠٠) م٣ / في اليوم، ويقدر عدد سكان المحافظة حالياً بحدود مليوني نسمة، وعدد المشتركين وسطياً بحدود /٣٠٠/ ألف مشترك بعداد نظامي، إضافة لوجود مخالفات على الشبكة في أحياء السكن
وأكد ميهوب أن الكميات المذكورة أعلاه تعدّ كميات كافية إلى حدٍّ ما، بالنسبة لعدد المشتركين وعدد السكان، لكن المشكلة الرئيسة تكمن في عملية التوزيع وعدالتها حيث دونها صعوبات كثيرة، مدللاً أنه بالنسبة للمدن الرئيسة مثل اللاذقية وجبلة لا يمكن تحقيق عدالة التوزيع، بسبب عدم توفر التيار الكهربائي عند المشتركين، حيث إن الطوابق الأولى والأرضية تتوافر لديهم المياه بكميات وافرة، والطوابق العليا تعاني كثيراً بسبب قلة فترة التزود بالكهرباء، فقد كانت خلال فترة الصيف خمس ساعات ونصف ساعة قطع ونصف ساعة وصل وهي فترة غير كافية، والآن تحسن الواقع قليلاً بعد أن أصبح التقنين الكهربائي خمس ساعات قطع وساعة واحدة وصل. إلّا أن هذا البرنامج متبدل وغير ثابت.

معدل الهدر من جراء التعديات واللامبالاة يتجاوز الـ30%

وأضاف: بالنسبة للريف، هناك صعوبة في تحقيق عدالة التوزيع، حيث إن هناك اكتفاء إلى حدٍّ ما في المناطق التي تروى من المحطات غير الخاضعة للتقنين الكهربائي، وهناك معاناة كبيرة في المناطق التي تروى من المحطات الخاضعة للتقنين وتتمثل في نهايات المحور، فعلى سبيل المثال لا الحصر في محور بيت ياشوط المعاناة الأكبر في نهاية المحور وتتمثل في قرى (حلة عارا – حلبكو – المنيزلة) وجوارها من المناطق والتجمعات.
ضعف الإمكانات
وأشار ميهوب إلى أنه بالنسبة للفاقد المائي من الشبكة هناك فاقد عبارة عن تسريب طبيعي وغير ملحوظ بسبب الطول الكبير للشبكة حوالي /١٠/ آلاف متر على مستوى المحافظة، ولا يمكن السيطرة عليه يقدر بحدود ٢٠ %، وفاقد آخر ناتج عن تسريبات كثيرة وظاهرة ويمكن السيطرة عليها بإجراء الإصلاحات بسرعة يقدر بحوالي ١٠%، لكن لا تتم هذه الإصلاحات بالسرعة اللازمة بسبب ضعف الإمكانات الحالية، سواء من حيث تأمين الصيانات اللازمة للآليات الهندسية والسيارات أو تأمين المحروقات اللازمة لحركتها.
وأضاف: يوجد فاقد ناتج عن التعدي على الشبكات يقسم لقسمين، الأول فاقد أو تعدٍ يستخدم المياه لأغراض الشرب يقدر بحوالي ١٠%، أي إن هؤلاء عبارة عن مشتركين غير نظاميين يستجرون المياه ويستخدمونها ولا يدفعون ثمنها (موجودون بشكل رئيسي في المدن) والقسم الثاني الفاقد أو التعدي الآخر يستخدمون المياه لأغراض غير الشرب يقدر بحوالي ٢٠%، المؤسسة تعمل جاهدة لقمع تلك المخالفات والتعديات.
مشروع استراتيجي
وعن عمل المؤسسة لمعالجة النقص الحاصل بالوارد المائي، بيّن ميهوب أنه حالياً يتم تنفيذ محطة تصفية على سد ١٦ تشرين، بكمية مياه حوالي /٨٥٠٠٠/ م٣ في اليوم، ستغذي مدينة اللاذقية ومن المتوقع الانتهاء من تنفيذها خلال هذا الصيف، والأثر المتوقع كبير من جهة تحسين الواقع المائي سواء في المدينة أو الريف، حيث سيتم تغذية شبكات المدينة على الأقل لمدة /١٢/ ساعة للمشترك الواحد، وأيضاً سيتوفر لدينا حوالي /٣٠٠٠٠ – ٤٠٠٠٠/ م٣ في اليوم من المياه كانت تأتي إلى المدينة من السن إلى الريف.
تقييم شامل
وأشار ميهوب إلى أنه يتم حالياً التعاقد مع منظمات لإعادة تقييم شامل منظومة الضخ من السن بالكامل، من أجل تطويرها باتجاه المدينة والريف على المدى المتوسط، مبيناً أنه سيتم الكشف على ينابيع ريف المحافظة ومراقبتها وإمكانية تطويرها للمساهمة في توفير مياه الشرب الإضافية.
نقاط أمل
ولفت ميهوب إلى أنه ضمن إعادة تقييم منظومة الضخ من السن التي تتم حالياً بالتعاون مع المنظمات، سيتم إنشاء خزانات جديدة في قرفيص ودراسة مشروع حمام القراحلة، بالإضافة لحفر آبار جديدة، وأضاف: عندما تستدعي الحاجة لذلك يتم تعيين نقاط الأمل بالتعاون مع مديرية الموارد المائية.

وأوضح ميهوب أن جميع التجمعات السكنية المخالفة عمرانياً وتنظيمياً خاصة في المدينة يتم تغذيتها بالمياه، ويتم تركيب عدادات لها بشكل طبيعي، مشيراً إلى تنظيم ٢٢ ألف ضبط منزلي وغير منزلي خلال العام الماضي.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
1092طالباً بالثانوية العامة استفادوا من طلبات الاعتراض على نتائجهم قيمتها ١٥٠ مليون ليرة.. أين ذهبت مولدة كهرباء بلدة «كفربهم».. ولماذا وضعت طي الكتمان رغم تحويل ملفها إلى الرقابة الداخلية؟ الديمقراطيون الأميركيون يسابقون الزمن لتجنب الفوضى.. الطريق لايزال وعراً وهاريس أفضل الحلول المُرّة.. كل السيناريوهات واردة ودعم «إسرائيل» الثابت الوحيد هل هي مصادفة أم أعمال مخطط لها بدقة «عائلة سيمبسون».. توقع مثير للجدل بشأن مستقبل هاريس تطوير روبوتات لإيصال الأدوية عبر التسلل إلى دفاعات الجسم المكتبة الأهلية في قرية الجروية.. منارة ثقافية في ريف طرطوس بمبادرة أهلية الأسئلة تدور.. بين الدعم السلعي والدعم النقدي هل تفقد زراعة القمح الإستراتيجية مكانتها؟ نقص «اليود» في الجسم ينطوي على مخاطر كبيرة يُخرِج منظومة التحكيم المحلي من مصيدة المماطلة الشكلية ويفعِّل دور النظام القضائي الخاص.. التحكيم التجاري الدولي وسيلة للاندماج في الاقتصاد العالمي التطبيق بداية العام القادم.. قرار بتشغيل خريجي كليات ومعاهد السياحة في المنشآت السياحية