أمريكا تحاول إقناع أوروبا بالتخلي عن النفط الروسي والواقع عكس تمنياتها

تدفع الولايات المتحدة أتباعها الغربيين إلى حافة الهاوية من جميع النواحي الاقتصادية والسياسية والعسكرية بتحريضهم على السير في نهجها المعادي لروسيا، رغم أن جميع مراكز السياسات والصحف الغربية تجمع على أن الخاسر الأكبر من الأزمة الأوكرانية هو أوروبا سواء من ناحية زيادة الأعباء الاقتصادية أو الاجتماعية جراء تدفق اللاجئين إلى أوروبا وتوقع ارتفاع حدة هذا التدفق مع استمرار الأزمة.

ولعل من أهم مظاهر الخداع الأمريكي إيهام أتباعها بقدرتهم على التخلي عن النفط والغاز الروسيين بكل سهولة، فهل هذا ممكن؟

الغاز
في اليومين الماضيين اتفقت الولايات المتحدة على إمداد دول الاتحاد بنحو 15 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال الأميركي هذا العام. علما أن أوروبا تستورد ما تصل نسبته إلى 40 في المئة من احتياجاتها للغاز الطبيعي من روسيا عبر شركة “غازبروم” الحكومية الروسية وتصل واردات أوروبا من الغاز الروسي إلى أكثر من 360 مليار متر مكعب.
وفي محاولات يائسة للضغط على روسيا أعلنت دول الاتحاد الأوروبي أنها تعمل على استيراد ما يصل إلى 50 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال من مصادر أخرى هذا العام، وذلك استجابة للضغوط الأمريكية على أوروبا لتقليل اعتمادها على واردات الطاقة من روسيا.  لكن المستشار الألماني، أولاف شولتز، حذر من أن فرض حظر على واردات الطاقة الروسية يمكن أن يؤدي فوراً إلى ركود اقتصادي في أوروبا، وتسعى دول الاتحاد الأوروبي للتعاقد على شحنات غاز طبيعي مسال من عدة دول مثل الولايات المتحدة وقطر ومصر، لكن المحللين في السوق يرون أن هذا صعب في الوقت الراهن بسبب الضيق في سعة منافذ تفريغ ناقلات الغاز الطبيعي المسال لأوروبا الموجودة في إسبانيا، كما أنه لا توجد شبكة خطوط أنابيب منها إلى دول شمال أوروبا جاهزة لنقل تلك الإمدادات.
وحسب “فايننشال تايمز”، فإن كمية الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة إلى أوروبا ستعتمد في النهاية على التعاقدات التجارية. ومعظم صادرات أميركا من الغاز الطبيعي المسال في أغلبها تذهب عبر اتفاقيات توريد طويلة الأجل لدول أغلبها في آسيا.
كما أن سعة الإنتاج الإضافية لدى قطر ومصر، وحتى بإضافة الجزائر، لن تسد ما يصل إلى ثلث احتياجات أوروبا من الغاز الطبيعي، التي تستوردها من روسيا. فلدى قطر سعة إنتاج إضافية في حدود 11 مليار متر مكعب، ولا تصل سعة الإنتاج الإضافية لدى مصر والجزائر حالياً إلى أكثر من 5 مليارات متر مكعب.
يضاف إلى ما سبق الارتفاع في سعر الغاز الطبيعي المسال بقدر كبير عن الغاز الطبيعي، الذي تضخه روسيا إلى أوروبا عبر خطوط الأنابيب.
وحسب دراسات الطاقة في جامعة أوكسفورد سيكون على أوروبا أن تغامر بدفع أسعار أعلى بكثير لتحقيق هدف خفض اعتمادها على الغاز الطبيعي الروسي، وبالتالي يرى أغلب المحللين في أسواق الطاقة، أن الهدف الأوروبي بخفض الاعتماد على الطاقة من روسيا يبدو “غير واقعي”. ويعددون الأسباب التقنية من حيث سعة منافذ التفريغ، وتوفر خطوط الأنابيب، التي تربط الدول الأوروبية، وأيضاً الالتزامات التعاقدية طويلة الأجل للدول المصدرة مع زبائنها الآسيويين وفي مناطق أخرى من العالم.

النفط
تعد روسيا ثالث أكبر دولة منتجة للنفط في العالم بعد الولايات المتحدة والسعودية، إذ بلغ إجمالي الإنتاج الروسي من النفط 11.3 مليون برميل يوميا في كانون الثاني الماضي، منها 10 ملايين برميل يوميا من النفط الخام، و960 ألف برميل يوميا من المكثفات، و340 ألف برميل يوميا من سوائل الغاز الطبيعي بجانب ذلك، تعتبر روسيا أكبر مصدر للنفط ومشتقاته في العالم، وثاني أكبر مصدر للنفط الخام بعد السعودية.
وفي كانون الأول الماضي ، صدرت روسيا 7.8 ملايين برميل يومياً من النفط الخام والمنتجات البترولية الأخرى التي يتم شحنها بشكل أساسي عبر خطوط الأنابيب وعن طريق الناقلات.
ووفقا لتقرير وكالة الطاقة الدولية، تتجه نحو 60% من صادرات النفط الروسية إلى دول أوروبا الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
وفي تشرين الثاني الماضي ، استوردت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في أوروبا ما مجموعه 4.5 مليون برميل يوميا من النفط من روسيا (34% من إجمالي وارداتها)، منها 3.1 ملايين برميل يوميا من النفط الخام والمواد الأولية و1.3 مليون برميل يوميا من المنتجات النفطية.
وفي وقت سابق حذر فيه وزير الخزانة البريطاني ريشي سوناك من أن حظر واردات النفط والغاز من روسيا بشكل فوري على مستوى الاتحاد الأوروبي سوف يتسبب في هزة اقتصادية في أنحاء أوروبا، وسيكبد الاقتصاد البريطاني خسائر تتراوح قيمتها في تقديره ما بين 70 و75 مليار جنيه استرليني.
وهذا ما أكدته وزيرة التحوّل البيئي الفرنسية باربرا بومبيلي، في تصريحات سابقة من أنّ دول التكتّل الـ27 لا يمكنها أن تفرض حظراً تاماً على وارداتها من النفط والغاز الروسيين.

بدائل روسيا
رغم الحظر الغربي المفروض على شراء النفط الروسي، وجد الخام طريقه إلى الأسواق العالمية المتعطشة للإمدادات، والتي تشهد طلبا متزايدا جراء انتعاش الأنشطة الاقتصادية في أعقاب جائحة كورونا.
وحسب بيانات شركة بترو لوجيستكس، المتخصصة في تتبع ناقلات النفط، فإن صادرات الخام الروسية المنقولة بحرا زادت خلال الشهر الجاري بنحو 350 ألف برميل يومياً مقارنة بشباط إلى ثلاثة ملايين برميل يوميا، في حين تجاوزت شحنات المنتجات النفطية مليوني برميل يوميا هذا الشهر.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار