خبير اقتصادي ل”تشرين”: إجراءات مواجهة تداعيات الحرب الأوكرانية لا تتطابق مع واقع السوق
قال الخبير الاقتصادي والصناعي السوري شادي دهام إن التوصيات التي اتخذتها الحكومة مؤخراً لمواجهة تداعيات الأزمة الأوكرانية لا تتطابق مع واقع السوق، وخاصة من حيث ضبط الأسعار.
واضاف دهام : تم فقدان مادة الزيت النباتي بكل أنواعها من الأسواق بشكل غير مبرر خلال الأيام الأخيرة. كما ارتفع سعر ليتر الزيت النباتي من 7800 ليصل إلى 13 ألف ليرة، مع عدم توفره في الأسواق، بالتوازي مع فقدان زيت القطن من الأسواق أيضاً فجأة، رغم أنه غير مرغوب للمستهلك مقارنة بزيت دوار الشمس، ولأسباب غير مبررة ومعروفة. وهذا حال أغلب السلع مثل السمنة والطحين و البيض والبسكويت والبرغل والطحينة والحلاوة والمنظفات بكل أنواعها والمحارم أيضاً.
وقال دهام : إن قراءته للأحداث تشير إلى أن الحرب ستضرب النمو الاقتصادي العالمي وستتأثر منطقتنا بشكل كبير، فمن المتوقع ارتفاع أسعار النفط ارتفاعاً جنونياً, إضافة إلى ارتفاع كبير بأسعار الذهب لكونه الملاذ الآمن للادخار, وكذلك المعادن كالنحاس والفضة والبلاتين تزامناً مع ارتفاع أسعار الشحن وأجور النقل وارتفاع أسعار الرحلات الجوية, ونقل البضائع وارتفاع أسعار المواد الأساسية وخصوصاً الحبوب لكون روسيا تعد أكبر مصدر للقمح في العالم وتأتي أوكرانيا في المرتبة الرابعة عالمياً في تصدير القمح والثالثة عالمياً في تصدير الذرة.
وهذا يعني أن سلة خبز العالم في خطر، إضافة إلى أن روسيا من أكبر مصدري الأسمدة في العالم وهذا يعني أن القطاع الزراعي في خطر أيضاً.
إدارة المخازين
أضاف دهام : يجب على الحكومة اتخاذ بعض الإجراءات لإدارة الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، في ظل التطورات الأخيرة في أوكرانيا، منها إدارة المخازين المتوفرة من المواد الأساسية، ووضع قائمة بالتوريدات الأساسية الأكثر ضرورة، مع الاتفاق على عقود التوريدات ومتابعتها والتشديد على الموردين لاستكمال الموقع منها بأسرع وقت ممكن، وتقييد التصدير للمواد التي يمكن أن تسهم في استقرار السوق، ودراسة إمكانية تخفيض أسعار المواد الأساسية.
اجراءات متعددة
وكانت الحكومة قد اتخذت بعض الإجراءات لمواجهة التداعيات المحتملة للتطورات التي تشهدها الساحة الدولية نتيجة الأزمة بين روسيا وأوكرانيا على الوضع الاقتصادي السوري الداخلي مثل:
إيقاف التصدير لمدة شهرين لمواد الثوم والبصل والبطاطا والسمن النباتي والحيواني والزبدة الحيوانية والزيوت النباتية والبيض وزيت الزيتون.
كما مدّد المجلس قرار منع تصدير البقوليات بكل أنواعها وأشكالها، والاستمرار بمنع تصدير مواد القمح وكل المنتجات المصنوعة منه، والفروج.
وتم تحديد منع الاستيراد لغير الأصناف الضرورية بهدف تخفيض الطلب على الدولار وتأمين الاستقرار للعملة المحلية.
ورأت الحكومة أن هذه الخطوات ضرورة حتمية للتماشي مع متطلبات المرحلة، لتفادي أي مخاطر اقتصادية قد تؤثر في السوق المحلية بشكل مباشر.
كما كلّف رئيس مجلس الوزراء حسين عرنوس، وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية التنسيق مع وزارتي التجارة الداخلية وحماية المستهلك والزراعة والإصلاح الزراعي لدراسة ومراقبة توفر السلع الأساسية في السوق المحلية، وذلك لزيادة المعروض السلعي من المنتجات والمواد الغذائية الأساسية، وتأمين حاجة السوق المحلية منها خلال الفترة الحالية، ومن ضمنها شهر رمضان.
واقترح الخبير الاقتصادي شادي دهام ضرورة دعم المنظومة الزراعية، ووضع استراتيجية لمنح القروض وتوجيهها للقطاع الزراعي، لكونه يمتص أعلى نسبة يد عاملة، مشيراً إلى أهمية توجيهها إلى قطاع الدواجن أيضاً لأنه يمر بأزمة، ويجب على الحكومة أن تسعى لتأمين القطع اللازم للاستيراد، لمعالجة ارتفاع الأسعار أثناء الحرب، وأن تفعّل خطا ائتمانيا مع الدول الصديقة، مثل تفعيل خط مقايضة مع الصين لمدة 3 أعوام على غرار الخط مع إيران.
ولم يستبعد دهام أن تحمل الأزمة الأوكرانية انعكاساً سلبياً على الأسواق السورية، حيث استهلاك سورية من القمح سنوياً يتم تأمين بعضه من القمح المحلي، بينما يتم تأمين القسم الأكبر من روسيا.
واضاف دهام: “باعتقادي الشخصي أن الكل سيخسر من هذه الحرب، والشعوب في كل العالم ستتضرر والشعب العربي سيدفع ثمناً قاسياً وخاصة الدول المستوردة للنفط”