نساءٌ مثقلاتٌ بالقهر والصمت.. وروائيّاتٌ كُنَّ صوتَهنّ!

لعلّ «آيات الرفاعي» لم تتوقع يوماً أن عامها التاسع عشر سيسدل الستار على حياتها بنهاية ظالمة بشعة كهذه، مغادرة طفلتها ذات السنة الواحدة يتيمة مترعة بالفقد والذعر.

أتراه خوفها، صمتها، حرصها على مشهدٍ لزواج براق؟ أهو الخوف من الانفصال، أم المعرفة بما ينتظرها كمطلّقة في بيت ذويها وحارتها ومجتمعها؟؛ كم (آيات) تقاسي تعنيفاً صامتاً تحت سقف ملاذها؟, كم (آيات) قتلت ووئدت مراتٍ ومرات ولمّا يزل فؤادها صامت الأنين؟.

لكن من عساه يدافع عن حقوق المرأة ويناصر قضيتها، ويطالب بحريتها ومساواتها, ونبذ العنف ضدها أكثر من المرأة نفسها؟, أيّ دور قامت به النساء المثقفات العربيات، أي صوتٍ صادح، أي قصائد! أي أحداث روائية تركت في النفس أثراً إنسانياً وفي العقل رسالة تنويرية؟.

فلم تصمت «مي زيادة» عن حقوق المرأة والمطالبة بحريتها، بل رسخت مكانتها الثقافية كأبرز أعلام النهضة الأدبية في تاريخ الأدب النسوي العربي، وسعت عبر شخصيتها الرائدة لتمكين نفسها أولاً حين أقبلت على التعليم والتفرغ للكتابة، لتعمل جاهدة فيما بعد على تعزيز مكانة المرأة العربية لنيل حقوقها الإنسانية عبر العديد من المؤلفات أبرزها: «باحثة البادية»، و«كلمات وإشارات»، و«المساواة»، و«ظلمات وأشعة».

أما الكاتبة السورية (كوليت خوري) فواجهت بشجاعة اتهامها بالتمرد في روايتها (أيام معه) من جراء خروجها على التقاليد والأعراف الشرقية حين رسخت الثورة التي قامت بها (ريم) على التقاليد والعادات الشرقية التي تمنع الفتاة من التعلم والحب والحياة كإنسان مساوٍ للرجل؛ ولا نغفل في تمردنا الأنثوي عن ذكر (فردوس) بطلة رواية الكاتبة المصرية نوال السعداوي «امرأة عند نقطة الصفر»، التي أمضت حياتها متخبطة في مجتمع مزدوج المعايير لتمسي في النهاية مريضة مثيرة للشفقة من شدة وحدتها وقهرها، حيرتها ومحاولاتها العثور على ضوء في نهاية نفق حياتها الدامس, قاومت وثارت ضد هيمنة الذكور صارخة بصوتها الأنثوي.
في روايتها «أنا نادية.. زوجة إرهابي» تسرد الكاتبة الجزائرية “بايا قاسمي” سيرة ذاتيّة لشابة جزائرية، إبان النزاع بين الإسلاميين والسلطة فترة التسعينيات، حيث تتزوج نادية من أحد المجرمين الذي تحوّل مع الوقت لأمير جماعة مسلحة, شتى أنواع الإهانات قاستها نادية؛ الاعتداء والتعنيف في حكاية مثقلة بالألم والشجن والحرمان.

أما زينب فواز، المؤرخة والروائية اللبنانية، فطرحت أفكارها النيرة, وخاضت معارك ومناظرات عديدة على صفحات الجرائد، دفاعاً عن المرأة وقضاياها وحقوقها وحريتها.

«المنثور في طبقات ربات الخمور» كتابٌ جمعت فيه العديد من تراجم النساء الرائدات المؤثرات فى الحياة عبر العصور المختلفة, «عيناك قدري» المجموعة القصصية الأولى للكاتبة السورية غادة السمان التي صنفتها واحدة من الكاتبات النسويات اللواتي ظهرن في تلك الفترة، لتكسر بعدها الإطار الضيق لمشاكل المرأة والحركات النسوية إلى آفاق اجتماعية ونفسية وإنسانية, أما روايتها«ليلة المليار» فأظهرت السمان عبرها ما عانته المرأة العربية من حيث الانتماء والوطنية والتثقيف وعمليات التهجير.. حتى عدّت «ليلة المليار» مرجعاً مهماً لدراسة ماهية الشعور الإنساني ومعاناته.

بات وجود المرأة العربية القائم بذاته المستقل عمن حولها، وتحريرها تحريراً حقيقياً؛ بحاجة لحركة أنثوية عربية جديدة تتكفل بتصحيح المفاهيم والأوضاع القامعة للمرأة، سعياً للاعتراف بإنسانيتها وكرامتها, من المهم العثور على أسباب إخضاع المرأة لسلطة الرجل، هل للأسرة دور؟ للمجتمع؟ هل المرأة نفسها المسؤولة عن وضعها؛ أين الحل؟ أتراه كامناً باللغة والفكر والهوية الخاصة بالمرأة أم بمساواة مُطلَقة مع الرجل!.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار