من يدفع الثمن؟
لاشك أن الحملة التي نفذتها إحدى الجهات الرقابية على محلات البالة، وما نتج عنها من تحصيل ضريبي ستنعكس سلباً على الأسعار التي سيتم تعويضها من جيوب الفقراء أولاً! فالمبالغ التي تم دفعها كضريبة تهريب لدخول هذه الكميات الكبيرة من «البالة» قد تطرب آذان البعض, وتسجل نقطة إيجابية من باب «نحن نقوم بواجبنا» إلا أنه في حقيقة الأمر وحدهم الفقراء بل الأغلبية العظمى من الناس هي من تدفع الثمن, لأن التاجر أو صاحب محل «البالة» في هذه الحالة سيرفع الأسعار مرات مضاعفة وسيتم التعويض من تلك الشريحة.
قد لا تدرك تلك الجهة الرقابية أي بـ«حسن نية» أن الارتفاع الفاحش وغير المسبوق لأسعار الألبسة الجديدة، ولاسيما في هذه الظروف الضاغطة خاصة مع موسم الشتاء دفع أغلبية المجتمع للتوجه إلى ما يسمى «البالة» أو «عتائق الرأسمالية» تهكماً, والتي أصبحت ملاذهم الوحيد «علماً أن أسعارها أصبحت تصيبنا بالدهشة»!، لكن لجودتها وموديلاتها التي تناسب الجميع فرضت «البالة» نفسها سوقاً كاملة لها أصحابها وقوانينها وزبائنها إلى حد أصبحت سوقاً منافسة لمصنعي الألبسة المحلية، بدليل أن عشرات المحلات التي كانت تبيع الألبسة الجديدة عمدت إلى استبدال بضائعها بـ«البالة» لأنها الأكثر رواجاً، وهي مناسبة للقدرات الشرائية لذوي الدخل «المهدود», والتي لا تقارن بتاتاً بأسعار«الجديدة» التي أصبحت للنظر والمشاهدة فقط.
في المقابل يعترض البعض على وجود محلات تبيع المستعمل لمحدودي الدخل، لكن في ظل هذه الظروف شئنا أم أبينا تعد حلاً جذرياً لتأمين متطلبات الأسرة وتستر السواد الأعظم من المجتمع, ولاسيما في هذه الظروف الصعبة التي بالكاد يستطيع كل منا تأمين أدنى مقومات الحياة.
فهل تعمل الجهات المعنية على دعم الصناعة الوطنية وبما يصب في إحيائها وبموازاة ذلك مراقبة أداء أسواق البالة, وضمان عدم صب «جام» غضب أصحابها على زبائنهم الذين لم تعد لديهم القدرة على التحمّل من أي جهة كانت ومهما كان هدفها! ببساطة دفعوا الثمن بكل الطرق والأساليب!