الصمود يصنع النصر

تمتحن الأمم والشعوب بمواقفها الشجاعة من أجل تخطي الأزمات المفروضة عليها، سواء كانت سياسية أو عسكرية أو اجتماعية أو اقتصادية أو وبائية، وذلك بصمودها لتجنب نفسها مخاطر ما يخطط لها من القوى المتربصة بأمنها وفي حالتنا العربية فإن على رأس هذه القوى الولايات المتحدة الأمريكية وكيان الاحتلال الإسرائيلي للسيطرة على ثرواتها وضرب مصالحها في كل المجالات الحيوية.

وفي تاريخ الشعوب المحبة للحرية والسلام تتجلى أروع صور الحياة عند الدفاع عن نفسها، الشعب العربي السوري أكد في كل المراحل والأزمات أنه شعب الذرى، شعب مازال يقاتل قوى العدوان الأمريكي والتركي بصموده، ولن يستسلم لإرهابيي العصر.

لقد استطاع هذا الشعب أن يقنع العالم أن تاريخ سورية الممتد لأكثر من 7 آلاف عام هو وثيقة الحياة لكل حضارات العالم، وترجم ذلك ميدانياً بالتأكيد أن الأرض السورية عصية على كل من أراد تدنيسها من الغزاة.

سورية قد علمت العالم كيف يركب البحر، وحضارياً هي أم الحضارات والبوابة الشرقية للوطن العربي، لن تخضع مهما غلت التضحيات وتكالبت القوى عليها تثق بجيشها وقيادتها وشعبها وعلى أرضية هذا المثلث تعمل لتحرير أرضها والدفاع عن قرارها وسيادتها.

لقد حاربت سورية بشجاعة جيشها وعنفوان وجودها، وصدق وطنيتها دعاة الشرق أوسطية وما يسمى “قانون قصير” ومرتزقة أردوغان، ولن تعترف بما يفرض عليها من مشاريع استسلامية صهيونية، ولا مدت يدها إلى من اعتدى على أرضها، ولم تهادن، فالشعب السوري قادر على بناء ما خربه الإرهاب والمحتلين والمضي في تعزيز منجزات الشعب العربي السوري التي بناها بعرق جبينه.

سورية اليوم ورغم قساوة العدوان وتخريب الكثير من البنية التحتية من العدوان الأمريكي، لازالت بوصلتها كما هي، ترحب بكل المبادرات العربية للم شمل العرب من أجل الهدف الأسمى وهو (توحيد القرار العربي)، والحقيقة التي يعرفها القاصي والداني من العرب وغير العرب، حتى الأمريكان أنفسهم، أن سورية العربية قد كسرت دائرة الحصار الأمريكي والغربي الخانق، فقد اعترفت اعترافاً عملياً بفشل ما يسمى “قانون قيصر” وهذا ما سوف يمهد لمكاسب أكبر على المستويين العربي والدولي من زاوية تعزيز الدور الكبير الذي يضطلع به الرئيس بشار الأسد وهو يقود مرحلة النضال الوطني والقومي للأمة العربية، والسير في طريق إعادة الإعمار ودحر الغزاة الأمريكان وجلاوزة أردوغان، وأعتقد أن بوادر هزيمة أمريكا قد بدأت كما بدأت في أفغانستان عندما جرّت أمريكا أذيال الخيبة تاركة وراءها معداتها وعملائها وذيولها.

لن نخضع لطغاة العصر الأمريكان، قالتها سورية كما قالها الشعب الفيتنامي خلال مرحلة التحرير عندما قررت الولايات المتحدة الأمريكية التفاوض مع الثوار الفيتناميين أيام الحرب الأمريكية- الفيتنامية، أرسلت لهم كي يرسلوا وفداً يمثلهم في باريس للتباحث حول وقف الحرب بعد أن فتك ثوار فيتنام بالجنود الأمريكان، وفعلاً أرسل الثوار وفداً مكوناً من أربعة ثوار هم امرأتان ورجلان، وكانت المخابرات الأمريكية قد جهزت لهذا الوفد إقامة في أرقى فنادق باريس وجهّزت لهم كل أسباب الراحة والمتعة وكل ما لذّ وطاب، وعندما وصل الوفد الفيتنامي إلى مدينة باريس ونزل في المطار، كانت هناك سيارات تنتظر الوفد لنقله إلى مكان إقامته، ولكن الوفد رفض ركوب السيارات وطلب مغادرة المطار بطريقته، وأنه سيحضر الاجتماع في الوقت المحدد.

واستغرب الوفد الأمريكي ذلك وسأل رئيس الوفد: وأين ستقيمون؟ فأجاب: سنقيم عند طالب فيتنامي في إحدى ضواحي باريس، فتعجب الأمريكي وقال له: قد جهزنا لكم إقامة مريحة في فندق فخم، فأجاب الفيتنامي: «نحن كنا نقاتلكم ونقيم في الجبال وننام على الصخور ونأكل الحشائش، فلو تغيرت علينا طبيعتنا نخاف أن تتغير معها ضمائرنا، فدعونا وشأننا»، وفعلاً ذهب الوفد وأقام في منزل الطالب الفيتنامي ليدخل بعدها بمباحثات أدت لجلاء المحتل الأمريكي عن كل فيتنام.

ما نريد قوله: الإنسان يستطيع أن يعيش بنصف رئة، لكنه لا يستطيع أن يعيش بنصف ضمير.

طريق المناضلين واحد في مقارعة الطغيان والغطرسة والأمريكية، وإذا كانت فيتنام قد قدمت الشهداء على طريق الحرية فإن سورية ومنذ عشر سنوات لازالت تقدم مواكب الشهداء من أجل كرامة الإنسان السوري والعربي.

أكاديمي وكاتب عراقي

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار