مآلات الأزمة الأوكرانية ..
تشهد الأزمة الأوكرانية موجة جديدة من التوتر الحاد بين روسيا من جهة وكل من الولايات المتحدة الأمريكية والناتو والاتحاد الأوروبي من جهة ثانية، وغلب على هذه الموجة لغة التهديدات ولغة التحذيرات المتبادلة، ورغم انعقاد لقاءين عبر الفيديو خلال الشهر الماضي بين الرئيسين الأمريكي جو بايدن والروسي فلاديمير بوتين فإن منسوب التوتر لم ينخفض بل اتصل الرئيس الأمريكي، بالرئيس الأوكراني وشجعه على مواقفه الاستفزازية ضد روسيا .
من جانبه أبدى الرئيس الروسي بوتين حرصاً على منع تدهور العلاقات الروسية الأمريكية والانزلاق إلى المواجهة ، فقدمت موسكو خطة متضمنة اقتراحاتها للحوار بين الطرفين؛ روسيا والناتو، وحددت مطالبها ببند رئيسي هو الحد من انتشار و تمدد الناتو شرقاً وعدم ضم أوكرانيا إلى هذا الحلف لأن ذلك يهدد بشكل جدي الأمن القومي لروسيا الاتحادية .
لقد جاءت القمة الثانية الافتراضية ببن الرئيسين بمبادرة من الرئيس بوتين بهدف احتواء التصعيد وفتح باب الحوار وتحقيق ما تم الاتفاق عليه سابقا ألا وهو الاستقرار الاستراتيجي الذي يفيد كل الأطراف وينزع فتيل التوترات، وأعلنت موسكو أنها ليست بصدد الهجوم على أوكرانيا وأن قواتها متواجدة ضمن الأراضي الروسية ولم تتجاوز الحدود ومع ذلك تركز الدعاية الغربية والأمريكية على أن روسيا تنوي غزو أوكرانيا وذلك لتخفي نشر الناتو لقواعد عسكرية ولمنظومات من الصواريخ المتطورة في بولندا ورومانيا ودول البلطيق على مقربة من الحدود الروسية إضافة إلى تزويد أوكرانيا بأحدث الأسلحة لمواصلة استفزاز موسكو واستخدام أوكرانيا مخلب قطٍّ في وجه روسيا والمضي في تطويقها ومحاصرتها في البحر الأسود وجورجيا ودول آسيا الوسطى وتحريض دول البلطيق لاتفيا ولوتوانيا وغيرهما واستدراجهم واحدة تلو الأخرى إلى الانضمام إلى حلف الناتو في محاولة لإضعاف روسيا ومواجهة شراكتها مع الصين .
ربما هناك سيناريوهات تخفيها واشنطن لتسخين الأزمة في أوكرانيا وجعلها كرة اللهب في وجه الصعود الروسي العالمي بعد نجاح موسكو في ساحات عديدة أبرزها الساحة السورية التي تم فيها كسر المشروع الإرهابي الذي رعته واشنطن في الشرق الأوسط ودعمته بشكل كامل، ويتوازى هذا مع تسخين إدارة بايدن لموضوع تايوان واستفزاز الصين المتكرر حولها انطلاقاً من الاستراتيجية الأمريكية التي رسمها البيت الأبيض مؤخراً المتمثلة بأن روسيا والصين هما العدوان الرئيسان للولايات المتحدة الأمريكية ما يعني أن مآلات تطور الأزمة الأوكرانية تتجه نحو الأسوأ والأخطر .