مع تنامي مخاطر التضليل الإعلامي.. إستراتيجيات فعالة للتحقق من المعلومات
الحرية- إلهام عثمان:
مع تهافت الأخبار على مدار الساعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تبرز ظاهرة التضليل الإعلامي كمشكلة تواجه المجتمعات، لتضرب بجذورها في مجموعة متنوعة من الأساليب، من بينها الأخبار الزائفة والتلاعب بالصور، ومقاطع الفيديو المحررة بشكل مضلل، وهنا نجد أن تقييم مصداقية المعلومات، أصبح ضرورة ملحة تتطلب أدوات وإستراتيجيات فعالة للكشف عما نشاركه كحقائق، لا سيما أن هذه الظاهرة باتت تهدد قدرتنا على التمييز بين الحقيقة والزيف.
صحة الحقائق
يعدّ تحليل مصادر المعلومات ومصداقيتها أمراً أساسياً للتأكد من صحة الحقائق، وفقاً لما أكده الدكتور هيثم محمد أستاذ الإعلام، من خلال حديثه لـ “الحرية”، مبيناً أن أهمية وعي الأفراد بمفاهيم الأخبار المضللة والتزييف، يعد ضرورياً لتحقيق مجتمع واعٍ وقادر على اتخاذ قرارات مستنيرة، لافتاً إلى ضرورة تنظيم ورشات عمل لتعزيز التفكير النقدي لدى الشباب، حيث إنهم الأكثر عرضة للتأثر بالأخبار الكاذبة، لا سيما أن التغريدات والمشاركات لدى تداول أي خبر، قد تجد صدىً لدى الكثيرين، وقد يكون تم تداول محتواها عبر مدونة غير موثوقة، بعد فبركتها و تحريفها للتلاعب بحياة ومصير بعض الأفراد.
دور المؤسسات
الأمر لا يقتصر على الأفراد فقط، بل يشمل أيضاً المؤسسات الإعلامية وغيرها، هذا ما بينه محمد، إذ يتعين عليها أن تكون على قدر المسؤولية في توجيه رسالة واضحة للجمهور حول أهمية التحقق من المعلومات، وأن تتبنى سياسات تعمل على تدريب العاملين بها على كيفية فرز الأخبار المضللة، لتكون فاعلة في مواجهة هذه الظاهرة.
إستراتيجيات
ومن الإستراتيجيات التي يمكن اتباعها حسب رأي محمد، تحليل سمعة المصادر قبل نقل المعلومة من خلال أدوات التحقق، مثل بحث الصور العكسي لمنع تداول الشائعات، والتوقف عن الانغماس في الأخبار التي تلعب على وتر المشاعر، لأن المغالاة في رد الفعل تؤدي إلى تكوين الآراء بناءً على معلومات مضللة، مشيراً إلى أن الجهود الفردية والجماعية لتوعية المجتمع بأساليب التحقق من المعلومات مهمة للتقليل من تأثير التضليل، لافتاً إلى أن نشر ثقافة البحث والتحقق بين الأجيال القادمة، يمكن أن يسهم في إنشاء مجتمع يقدر الحقيقة ويميزها عن الزيف، وتطوير الوعي العام يعد خطوة رئيسية في بناء مستقبل مشرق خالٍ من التأثيرات السلبية للتضليل الإعلامي.
الحد من الانزلاق
من جهته أكد خبير الإعلام الرقمي عمر الحسين، أنه على الأفراد قبل استهلاك أو مشاركة أي محتوى، التأكد من صحة الأخبار عبر موقع إخباري موثوق لديه سمعة جيدة بين المختصين والمؤسسات الكبيرة والمعروفة بممارساتها الأخلاقية، وذلك عبر البحث العكسي عن الصور المثيرة للجدل، ومن أدوات البحث العكسي Google Images، والتي تساعد في تحديد ما إذا كانت الصورة قد تم تعديلها أو استخدام سياقات مختلفة عن تلك المعروضة، مبيناً أن المعلومات تفهم بشكل أفضل عند النظر إلى السياق الذي تم تقديمها فيه والتحقق من البيانات المستخدمة ومطابقتها مع الحقائق المعروفة، جميعها تساعد في الحد من الانزلاق نحو معلومات مضللة.
أهمية التفكير النقدي
وهنا أشار محمد إلى أن غياب التحليل والتفكير النقدي، والذي يعد من أهم أسباب انتشار التضليل الإعلامي، لذا لا بد من تعزيز الوعي عند المجتمع حول سياسات التحقق ومخاطر التضليل، وهذا يتطلب جهوداً جماعية خصوصاً من قبل المؤسسات التعليمية والإعلامية، كما يمكن تنظيم ورش عمل وحملات توعية تهدف إلى تعليم الأفراد كيفية التعامل مع المعلومات، وتعليم الأجيال الجديدة كيفية التحقق من المصادر، من خلال تمكين الأفراد وتطوير وعيهم، لبناء مجتمع قادر على التصدي لهذه الظاهرة والتمييز بين الحقائق والزيف، وتغيير المنظور والاعتماد على أدوات التحليل يعتبر خطوة أساسية نحو مستقبل إعلامي أكثر مصداقية، مشدداً على أهمية التركيز على تطوير المهارات ورفع مستوى الوعي حول الأساليب المستخدمة، وأن القدرة على تمييز الحقائق ليست مجرد مهارة فردية، بل هي مسؤولية جماعية تقع على عاتق المجتمع ككل، ليكون مجتمعاً واعياً وقادراً على التعامل مع المعلومات لا سيما مع التحديات الكبيرة التي نواجهها اليوم، فقد أصبح من السهل على أي شخص نشر معلومات زائفة تثير القلق، لذا يعد فهم أساليب التضليل وكيفية مواجهته، أمراً بالغ الأهمية في عصر المعلومات الحالي.
وختم محمد: كأفراد ومؤسسات، لا بد لنا من المساهمة في مواجهة هذه الظاهرة، من خلال القيام بدورنا على أكمل وجه، حيث يبدأ كل شيء من الفرد ، ليشكل تأثيراً إيجابياً على المجتمع لنشر الوعي من أجل حقائق أكثر دقة وشفافية، ما يستدعي تكاتف الجهود لفهم كيفية التحقق من المعلومات.