تؤمن الأموال وتساعد في إعادة الإعمار.. خبير اقتصادي يُقدم رؤية مختلفة للخصخصة 

الحرّية- هبا علي أحمد:

لا تخلو العناوين الاقتصادية التي تطرحها الحكومة المؤقتة بين الفينة والأخرى من حديث الخصخصة والذي يُمكن من خلاله الاستدلال على رؤيتها في النهوض الاقتصادي، لكن في المقابل ما يشغل المواطن اليوم هو مدى انعكاس مجمل العناوين المطروحة على الاقتصاد الوطني والمنتج المحلي وبالتالي على شكل الاستهلاك ومستوى المعيشة، الذي لا يزال دون المطلوب الأمر الذي يحتاج بطبيعة الحال إلى وقت.

من هنا تبرز مروحة واسعة من الأسئلة عن خصخصة القطاع العام ودعوة المستثمر الأجنبي إلى الاستثمار المباشر، ما هي السلبيات والإيجابيات لهذا التحول؟ وبالتالي ما انعكاسه على الوضع المعيشي للمواطن السوري؟ إلى جانب غيرها من الأسئلة حول القرارات المتخذة من الحكومة على الصعيد المالي وعائدية ذلك على الاقتصاد السوري.

للإضاءة على مجمل هذه النقاط، تواصلت “الحرّية” مع الخبير الاقتصادي والمدرس في الجامعة الوطنية الخاصة، الدكتور إبراهيم قوشجي، الذي شرح كل النقاط السابقة الذكر، مُقدماً رؤية مختلفة للخصخصة قد تكون مفاجئة لكنها تصب في صالح الاقتصاد السوري، حسب رؤيته القائمة على تطبيق صيغ الاقتصاد الإسلامي والخصخصة بما تقدم أدواته من حلول مبتكرة تحقق أهدافاً مهمة.

وقال الدكتور قوشجي: تملك سوريا قطاعاً عاماً كبيراً جداً، وهو قديم ومتهالك لدرجة كبيرة، وهذا يعني أن إعادة انعاشه تحتاج إلى أموال كبيرة وسوف نعود لنفس المربع الأول من مشاكل القطاع العام الإنتاجي؛ تردي المنتج وخسائر وفساد وهدر المال العام، وهذه المحاولة محكومة بالفشل مسبقاً.

أما خصخصته فسوف تؤمن أموالاً كبيرة لخزينة الدولة تساعد في إعادة إعمار البنية التحتية وتنشيط القطاع الخاص من جديد، ولكن يُفترض أن تكون الخصخصة في سوريا بطريقة مختلفة نوعاً ما عن بعض التجارب التي لم تكن ناجحة في بعض البلدان وشابها الكثير من التلاعب والفشل.

الاقتصاد الإسلامي والخصخصة

ويرى الدكتور قوشجي أن تطبيق صيغ الاقتصاد الإسلامي والخصخصة في آنٍ معاً في سوريا كإستراتيجية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهي محاولة لتحقيق التوافق بين إمكانيات الاقتصاد السوري وابتكار طرق لتنميته وإعادة التعافي الاقتصادي والاجتماعي في جميع نواحي الحياة، من هنا يجب تحويل القطاع العام إلى شركات مساهمة تمول من مدخرات أبناء المجتمع وإدراجها في سوق دمشق للأوراق المالية، وإشراك بنسبة محددة لشركات أجنبية يمكن أن تنقل لنا التكنولوجيا الحديثة وأساليب إدارية جديدة وشفافة.

ويقترح الخبير الصيغ الإسلامية لإمكانية توافق الخصخصة مع الشريعة الإسلامية بما يشمل تحقيق العدالة الاجتماعية في توزيع الثروات والموارد، بحيث لا تتركز الثروة في أيدي فئة معينة فقط، بل يتم توزيع الدخل القومي بشكل عادل على عوائد جميع عناصر الإنتاج، إلى جانب منع الاحتكار وتحوّل الاقتصاد السوري إلى اقتصاد منافس يحقق العدالة في السوق ولا يسمح بوجود احتكارات، أضف إلى ذلك حماية المصالح العامة  من حيث إدارة خصخصة الأصول الحيوية (مثل المياه والطاقة) بحذر، على ألا تزيد نسبة الخصخصة على 40% لضمان استمرار استفادة الأجيال القادمة منها.

حلول مبتكرة

وهناك عدد من الأدوات التمويلية الإسلامية في الخصخصة توفر حلولاً مبتكرة، حسب الخبير، مثل الصكوك الإسلامية التي تُستخدم لخصخصة الأصول دون الحاجة للبيع المباشر، مما يتيح للمستثمرين امتلاك جزء من أصول المشروع وفقاً للشريعة، الشراكة (المضاربة والمشاركة) وتستخدم عقود المشاركة لتمويل المشاريع بين القطاع الخاص والدولة، مع تقاسم الأرباح والخسائر، إلى جانب الإجارة للإبقاء على ملكية الأصول للدولة مع تأجيرها لفترات طويلة لتوفير التمويل.

دمج الخصخصة مع الاقتصاد الإسلامي يحقق أهدافاً عدة من أهمها تحفيز التنمية الاقتصادية إذ تُسهم الخصخصة في جذب الاستثمارات وتوفير فرص عمل جديدة، وتخفيف الأعباء عن الدولة إذ تتيح للحكومة توجيه مواردها نحو الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة.

وتطبيق الخصخصة ضمن منظور الاقتصاد الإسلامي ممكن ومفيد ويمكن أن يحقق الكفاءة الاقتصادية في التمويل أيضاً ويضمن العدالة الاجتماعية وحماية المصالح العامة وتحقيق التنمية الاقتصادية، وتجربة المصارف الإسلامية مثال مهم في استقطاب العملاء المودعين والمقترضين، كما يُشير الدكتور قوشجي.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار