قائد الفرقة السيمفونية الوطنية المايسترو ميساك باغبودريان: أمسيتنا الأخيرة لهذا العام مضمونها الكثير من الحزن

تشرين- إدريس مراد:
تستعدُ الفرقة السيمفونية الوطنية السُّورية بقيادة المايسترو ميساك باغبودريان، لتقديم حفلها الأخير لموسم2023على مسرح الأوبرا في دارالأسد للثّقافة والفنون، وذلك مساء الأربعاء القادم(20)الشهر الجاري في تمام الساعة الثّامنة مساءً.
حول هذا الحفل ومضمونه تحدّث المايستروباغبودريان لـ”تشرين” قائلاً: «كُلّنا يعلم بأنّ سنة2023 حملت معها الكثير من الصعوبات على سورية وعلى المنطقة بأسرها، ولا زلنا نعيش هذه المرحلة العصيبة، ويأتي حفلنا هذا بين ما يجري، وبين مسافة قصيرة تبعدنا عن عيد الميلاد، لذلك اخترنا مقطوعات تجسد مشاعرنا وأحاسيسنا نحن الموسيقيين تجاه ما يجري من جهة، إضافة إلى أشياء ترتبط بعيد الميلاد من جهة أخرى، ولكن كُلّها ضمن أعمال كلاسيكية بحتة».

قليلاً من الفرح، كثيراً من الوجع
باغبودريان: «اخترنا كونشيرتوغروسو”كونشيرتو ليلة الميلاد”، للمؤلف الإيطالي كوريللي، الذي كتبه لآلات منفردة عدة مع الأوركسترا، بمشاركة كلّ من العازفين: رزان قصّار وغطفان أدناوي “كمان”، ومحمد نامق “تشيللو”، و(المتتالية رقم 2) للمؤلف بيزية، التي تُقدم عادة آخر حركة منها كورالات أعياد الميلاد، وعمل آخر للمؤلف (البينوني) كتبه لآلة الأورغن، والوتريات بمشاركة عازف الأورغن أغيد منصور، واخترنا هذا العمل لأنّنا لا نستطيع أن نقيم مهرجان الأورغن هذا العام بسبب الظروف، وكي تبقى هذه الآلة موجودة، وفي الختام هناك مختارات ميلادية مع كورال الحجرة التابع للمعهد العالي للموسيقا، وكلها ضمن أعمال الموسيقيين الكلاسيكيين، وكل ما سنقدمه في هذا الحفل يتحدّث عن الميلاد، ويجسد الفرح الذي نحتاجه، وأيضاً عن الحزن الذي نعيشه، وفي المختصر نستطيع أن نُسمي البرنامج “قليلاً من الفرح، كثيراً من الوجع”، فدعونا نعيش هذا القليل لندخل إلى العام الجديد بآمال وأحلام جديدة».

برامج حسب الظروف
كما تحدّت قائد الفرقة السيمفونية الوطنية السُّورية عن برنامج حسب الظروف، حيث قدّمت الفرقة العديد من الأعمال الجديدة، واستمرت في برنامجها السنوي، فقد لبس عازفوها الكمامات، وعزفت لضحايا الزلزال وقدمت جنائزيات لشهدائِنا، ويتابع باغبودريان عن حال الفرقة في هذا العام الذي يوشك على الانتهاء.
الجميل والإيجابي عند الفرقة، أنّها تستطيع أن تعكس الواقع وتعبر عنه بكل حالاته، الإنسانية والاجتماعية، ومثالاً على ذلك في بداية السنة كنا قد نسّقنا برنامجاً نقدم خلاله أعمال(بيازولا)، مع عازفة الفلوت المصرية إيناس عبد الدايم، ولكن مع وقع الزلزال تغيّر كلّ شيء، فقدّمنا السيمفونية الخامسة لبيتهوفن، لنتحدّث من خلالها عن القدر وعن الألم الذي عشناه، ومع رحيل المايسترو السُّوري نوري رحيباني، قدّمنا مقطوعات من تأليفه كتحية إلى روحه، ومن ثمّ خرجنا قليلاً من قوقعة الحزن كحالة ضرورية للإنسان، فاستضفنا قائد أوركسترا تونسي، وقائد أوركسترا برازيلي ليقود الفرقة السيمفونية الوطنية في أمسية.
هكذا نقدّم برامجاً مختلفة ومتنوعة دائماً، ونتمكّن من إيصال رسائل مختلفة، لنستطيع مواكبة ما يجري حولنا، وتقديم مستوى فني ثقافي وإنساني اجتماعي في الوقت ذاته».
حماس الشّباب الجُدد
في السنوات الأخيرة هاجر العديد من الموسيقيين الفرقة والبلد، تركوا فراغاً كبيراً في هيكلية الفرقة، وحول مواجهة هذه المعادلة الصعبة أردف باغبودريان: «تأسست في سورية ومنذ فترة ليست بقليلة العديد من المعاهد الموسيقية للبناء الموسيقي الأكاديمي، وجاء وقعها في غاية الأهمية، ومنها في دمشق، فعلى سبيل المثال معهد صلحي الوادي للموسيقا والمعهد العالي للموسيقا، وفي الضفة الأخرى هناك الفرقة السيمفونية الوطنية ودار الأوبرا، وتالياً شكّلت هذه المؤسسات تعاوناً وتكاملاً لتأسيس جيل من الموسيقيين الأكاديميين الشباب، ومع هؤلاء نحاول ملء الفراغ المذكور، ونزج الشباب الموجودين في المعهد العالي للموسيقا للعزف مع الفرقة السيمفونية، والذين غالباً ما ينقصهم الخبرة والمهارات المطلوبة للمشاركة في الفرقة، ولكنهم يعملون بكل جهد من خلال التدريبات الطويلة، ومنهم مَن استطاع تغطية فراغ معين وبمسؤولية عالية، كما استطاع بعض العازفين الأساسيين الموجودين في الفرقة، تغطية مهمة العازف الأول، ونجحوا في مهمتهم.
وفي العموم هذه الحركة هي فرصة للشباب لبناء خبرتهم ورفع مستوى مهاراتهم، والاستفادة من خبرة الموسيقيين الكبار للدخول من الباب العريض إلى الحياة المهنية، كما يعطيهم العزف مع الفرقة فرصة لمواجهة المتلقي، واجتياز حاجز الخوف الذي ينتاب الفنان عند صعود المسرح في بداياته.

عموماً هذه المسائل ليست سهلة بالنسبة لنا وإلى الشباب، حيث يتطلب الأمر جهداً كبيراً، ووقتاً إضافياً من أجل تحضير الحفلات، ولكن توضّح لنا في الأخير بأنّنا نحصد نتائج جيدة في المقابل، ونستطيع القول بأنّها علاقة متبادلة بيننا وبين هؤلاء الموسيقيين الشّباب، فهم يعطونا طاقة الشّباب والحماس الموجود لديهم، ولكونهم في مستوى عالٍ من التعليم الموسيقي، فلديهم تدريبات يومية، ومتابعة مستمرة من الأساتذة، وبالتالي لديهم مستوى تقني جيد، ولكن تنقصهم خبرة العزف الجماعي ضمن فرقة محترفة، وسرعة تحضيرالأعمال، بالرغم من أنّهم يدرسون أصول العزف الجماعي، ويتعرفون على الأعمال الموسيقية العالمية من خلال أوركسترا المعهد العالي للموسيقا، ولكن تبقى مشاركتهم في الفرقة السيمفونية لها رهبة وخوف، ولاسيما وهم يعزفون إلى جانب أساتذتهم، وهذا ما يشكّل تحدياً مع الذات لتقديم كل ما لديهم، حتى لو طلب ذلك جهداً كبيراً وجلسات تدريبية إضافية.
معادلة التأليف وقيادة الأوركسترا
درس باغبودريان قيادة الأوركسترا في إيطاليا، وشارك ورشات عمل مع خيرة الموسيقيين العالميين، كما قاد العديد من الفرق الأوركسترالية العربية والعالمية، ودرس التأليف الموسيقي إلى جانب دراسته الأساسية، وفي هذا السياق ينهي حديثه بـ:«التأليف الموسيقي هو خط منفصل تماماً عن خط القيادة والأداء، وأثناء دراستي لقيادة الأوركسترا وخاصّة في إيطاليا، فينبغي على المرء أن يدرس التأليف الموسيقي أيضاً، حتى يعرف أصول التأليف، ويستطيع التّعرف على طريقة تفكير المؤلف وأسلوبه، وتالياً بإمكانه تقديم وترجمة الأعمال الموسيقية، ولاسيما المعاصرة منها، التي لا تسجيلات لها، وعندما يدرس قائد الأوركسترا التأليف إلى جانب دراسته يدرك جيداً هيكلية العمل الموسيقي، وأنا استفدت كثيراً من هذا الموضوع، واستطعت إظهار بعض الأعمال كأداء أول على المسارح، منها سوريّة ومنها أجنبية، وآخرها كان في إيطاليا منذ فترة وجيزة، قدّمتُ السيمفونية السابعة لـ(هايكفارتان)، كظهور أول لهذا العمل عالمياً، وهذه المسألة في غاية الأهمية في الساحة الموسيقية الكلاسيكية العالمية، ولولا دراستي للتأليف لما استطعت ذلك».

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
وعود بتحقيق نتائج مشرفة لبعثتنا الرياضية في أولمبياد باريس مدرب سيدات تلدرة: لهذه الأسباب قررنا الانسحاب من دوري كرة الطائرة الأمراض المعدية في غزة أكثر فتكاً من القنابل ..خبراء الأمم المتحدة والطوارئ يقومون بإجراء تحقيق وبائي وتقييم للمخاطر وزير الإعلام: شاشة التلفزيون العربي السوري لاتزال أنموذجاً إعلامياً يحترم عقل المشاهد ويعلي قيمه مجلس الشعب في ذكرى ميسلون .. سورية استطاعت تحقيق انتصارات عظيمة في وجه الحروب والحصارات المتعددة الأشكال سورية تدين اتهام الاحتلال لـ«أونروا» بالإرهاب وتؤكد أنه يأتي ضمن محاولاته لإنهاء دورها وافق على تأمين 5 آلاف طن من بذار البطاطا.. مجلس الوزراء يعتمد الإطار الوطني الناظم لتبسيط إجراءات الخدمات العامة 1092طالباً بالثانوية العامة استفادوا من طلبات الاعتراض على نتائجهم قيمتها ١٥٠ مليون ليرة.. أين ذهبت مولدة كهرباء بلدة «كفربهم».. ولماذا وضعت طي الكتمان رغم تحويل ملفها إلى الرقابة الداخلية؟ الديمقراطيون الأميركيون يسابقون الزمن لتجنب الفوضى.. الطريق لايزال وعراً وهاريس أفضل الحلول المُرّة.. كل السيناريوهات واردة ودعم «إسرائيل» الثابت الوحيد