مسؤولية مجتمعية تكرّس قيم التعافي المبكّر… ترسيخ لمبدأ الشراكة المحلية ومعاودة النهوض بمرسوم إستراتيجي

تشرين – بارعة جمعة:
«الوطن هو المنزل… وحمايته واجب بغض النظر عن نوع وحجم التحدي، وبغض النظر عن الإمكانات زادت أو نقصت، هذا ما كان منذ اللحظات الأولى للزلزال».. هي دعوة للوقوف مجدداً، بعيداً عن مبررات العجز وصعوبة الموقف، وجهها السيد الرئيس بشار الأسد للمجتمع بشرائحه كافة، لتخفيف وطأة المعاناة الإنسانية التي لحقت بمتضرري زلزال 6 شباط الماضي، مؤكداً الشعور العميق والشامل تجاه الوطن سورية، من قبل أبنائه، ممن اتحدوا عائلة واحدة أفراداً ومؤسسات لحماية وإنقاذ إخوتهم المكلومين.
واليوم يطل علينا الرئيس الأسد بمرسوم يخط معاني الالتزام والوفاء بالواجبات الوطنية تجاه المجتمع، الذي أكد تكاتفه مع دولته بأصعب المحن، مترجماً مطالبات العودة للحياة مجدداً بإنشاء «صندوق الدعم الوطني للمتضررين من الزلزال» ومحفزاً الطاقات البشرية للبدء بأخذ أدوارها الصحيحة، ووضع الخطط بالاستناد إلى الدقة في ترجمة المرسوم على أرض الواقع.

توجيه الدعم
رغم أن كارثة الزلزال شكلت حدثاً استثنائياً وفريداً من نوعه، ترسخ بالذاكرة الجماعية، لا يمكن تذكره إلّا لمن عاشه، كان من الضروري التوجه للمتضررين منه باهتمام خاص، عبر عنه المرسوم رقم 7 وفق قراءة الدكتور في علم الاقتصاد سنان علي ديب لفقراته، جاء تسريعاً لحركة العمل وتتمة لما تم طرحه في المرسوم السابق، كما أعطى الإنسان أولوية خاصة بصفته أساس التنمية، باعتماده على حقائق وبيانات أثناء التطبيق، ما سيخفف من الانحرافات بالعمل التي تم رصدها سابقاً.
لتوقيت المرسوم عبرة خاصة، وقد جاء مخاطباً الجميع، وليقول لهم: نحن معكم، ولم ننسكم، وسنتابع العمل لأجلكم، فيما توجه المرسوم أيضاً للكثير ممن امتهنوا استعراض نشاطاتهم التطوعية على أعين الناس، لترتيب هذه الأموال ضمن الصندوق الوطني، بما يضمن فاعلية أكبر ترمم جراح المواطنين.

إدارة المخاطر
أزمة حملت معها الكثير من الدروس والعِبَر، لذا من المفترض اليوم عرض السجلات للدروس المستفادة، لكونها غير مكررة في سورية وفق رؤية الخبير بإدارة المخاطر ماهر سنجر، وبالنظر للمعايير العالمية كان من الضروري عرض خطط الطوارئ، بما يضمن عدم تكرار هذه الأمور في أزمات قد تقع مستقبلاً، وذلك عبر النظر إليها كحقيقة وليس توقعاً.
ما نعيشه اليوم من ارتفاع لمعدل هذه الأزمات بكل المستويات الاقتصادية منها والطبيعية، والذي ازداد بعد التسعينيات، يفرض التعامل معها ضمن خطط على نطاق أضخم، مثل تحديد «كود» وطني لحالات الطوارئ، أو استثمار فرصة إضافة مادة لقانون الاستثمار أو إصدار قرار يسمح لشركات البناء السريعة بإعفائها من الضرائب وتسهيل إدخال مواد أولية للبناء بدلاً من استقدام بيوت جاهزة برأي سنجر، ما يسهم بتسريع فترة التعافي.
ما أشارت إليه الخطط من علاج نفسي ومادي هو أمر جيد، إلّا أنه من الطبيعي ربط هذا الأمر بالموضوع الاقتصادي، الذي يخضع لعقوبات «قانون قيصر» وتسهيلات إغاثية لفترة محددة، كما أن الفرصة اليوم سانحة لتطبيق البنية التحتية المستدامة، ولأخذ التنمية دورها وربطها بأهداف أخرى كالتعليم مثلاً، ومحاولة تحقيقها في المناطق المنكوبة، لذا ما نحتاجه اليوم ليس اقتطاعاً من ميزانية الوزارات، بل تخصيص الدعم وفق صندوق برأي الخبير في إدارة المخاطر ماهر سنجر، والذي أتى به المرسوم رقم 7 لعام 2023 تلبية للحاجة وتسريع لمرحلة التعافي بعد الكوارث.

الإنسان أولاً
للجانب النفسي أهمية كبرى في حياة الأفراد طلاباً كانوا أو عاملين، مستهلكين أو منتجين، لما يحمله من عمق الارتباط بالجانب الإنساني والاجتماعي على حدٍّ سواء، الذي سيعطي تطبيقاً رائعاً عن التفاعل بين أفراد المجتمع حسب رؤية المسؤولة في دائرة الإرشاد النفسي في وزارة التربية الدكتورة سبيت سلمان لواقع المجتمع بعد الكارثة، ما دفع لتنشيط العمل الجماعي وتهيئة الكوادر من مرشدين نفسيين لإقامة أنشطة الدعم النفسي في مراكز الإيواء والمدارس، هي مبادرات أكدها المرسوم رقم 7، الذي احتوى ضمن سطوره ثلاثة جوانب هي التنمية والوقاية والعلاج للمتضررين من الكارثة، كانت ضمن خطة الحكومة أيضاً في برامج الدعم والتهيئة.
حالات الهلع كانت واضحة لدى أشخاص فقدوا جزءاً من أجسادهم، كان للدور المجتمعي أهمية في التخفيف منها، بينما برزت حالات التكاتف بقوّة شملت أفراداً ومؤسسات، قدموا حاجات مادية كتبرعات ومبادرات محلية أثرت ضمن مواقع السوشيال ميديا، فيما للتكاتف الدولي صداه الأكبر برأي سلمان، من أناس حصلوا على مستلزماتهم المعيشية من قبله.
التنمية مسؤولية مشتركة، يتقاسمها طرفان هما الدولة والمجتمع، إنما للإنسان بناء خاص من حيث تنمية قدراته للمواجهة، وهي مسؤوليتنا نحن، فما عاشته أجيال متعاقبة من فترات الحرب والزلزال من تدمير فكري وجسدي يستلزم تفعيل المسؤولية الاجتماعية وفق رؤية الأستاذ في التنمية البشرية في الجامعة الافتراضية السورية هاني حداد لضرورة العمل والمساهمة بخلق أنشطة ثقافية وعلمية واجتماعية وعلمية ومادية، وهو واجب علينا كأفراد مسؤولين عن التنمية البشرية الصحيحة وخلق أنشطة ذات قيمة مضافة.
سورية خلال فترة الزلزال قدمت الكثير للأفراد، وذلك بالتخفيف عن معاناتهم، وما زالت تقدم من خلال توجيهات سيد الوطن التي أتت ضمن المرسوم رقم 7 لعام 2023، لتأمين الأسر المتضررة وتفعيل دور الجمعيات الأهلية التي لا بدّ من تنظيمها ضمن إطار الصندوق الوطني لدعم المتضررين، فالكارثة حقيقية وإنسانية، وصورة راسخة في حياة الكثير من الأشخاص برأي حداد، ولا يمكننا محو هذه الصور من ذاكرتهم إلّا من خلال ترميم واقعي وفعّال، ومساهمة كل من الطرفين المؤسسات والأفراد، لتجاوز المحنة، والتعافي قادم لا محالة.

 

اقرأ أيضاً:

من ميدان العمل ينهض الحل.. المرسوم 7 انطلاقة واثقة نحو «ترميم آثار الكارثة» بأدوات ممأسسة

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار