من ميدان العمل ينهض الحل.. المرسوم 7 انطلاقة واثقة نحو «ترميم آثار الكارثة» بأدوات ممأسسة

تشرين – هبا علي أحمد:
ليس غريباً ولا جديداً أن تضطلع الدولة السورية بمسؤولياتها تجاه أبنائها ومواطنيها، في مختلف الظروف والمحن، في أيام الرخاء وفي أيام الشدة، وفي السلم وفي الحرب، وفي الكوارث سواء الطبيعية أم البشرية، تكون الدولة السورية حاضرة دائماً بما يصون المواطن كإنسان بالدرجة الأولى والأخيرة، وبما يرعى مصالحه ويحميها ويصونها تحت سقف هذا الوطن، وفي هذا ترى الدولة أنها أمام مسؤولية واجبة أخلاقياً واجتماعياً وإنسانياً.
منذ اللحظات الأولى لكارثة زلزال ٦ شباط الماضي كانت الدولة حاضرة على كل مستوياتها جنباً إلى جنب مع أبنائها من المتضررين من الكارثة الأليمة، فالضرر لم يقع على أفراد دون غيرهم بل وقع على دولة بأكملها لم تنفض غبار الحرب بعد، وتعيش حصاراً وعقوبات جائرة ظالمة ومحاولات تفقير وتجويع وتدمير، مع ذلك انطلقت الدولة إلى الأرض إلى العمل وإلى تطبيق وتنفيذ كل ما يلزم في فترة زمنية قصيرة جداً وبأسرع ما يمكن لتخطي الكارثة بمستوياتها كافة، الاقتصادية والاجتماعية والنفسية والإنسانية.

الانتقال من مرحلة تقييم الأضرار والأعداد والخسائر والتكاليف إلى المرحلة الفعلية العملية لمساعدة المتضررين مالياً ووضعهم على خط الحياة والإنتاج من جديد

لكل ما سبق يأتي مرسوم السيد الرئيس بشار الأسد / رقم 7/ بإحداث الصندوق الوطني لدعم متضرري الزلزال، بما يشكله كواحد من الأدوات الرئيسة للخطة الوطنية للتعاطي مع تداعيات الكارثة التي تسبب بها الزلزال خطوة تشريعية واسعة ومهمة وكبيرة، مكرّسة للفرد وما وقع عليه من ضرر وما يحتاجه للنهوض، وتتويجاً لخطة العمل الوطنية ذات الصلة وأسسها ومعاييرها المعتمدة، والانتقال من مرحلة تقييم الأضرار والأعداد والخسائر والتكاليف إلى المرحلة الفعلية العملية لمساعدة المتضررين مالياً ووضعهم على خط الحياة والإنتاج من جديد، بما ينعكس إيجاباً على مجمل قطاعات الدولة، أي بما معناه بناء الإنسان على الصعد كافة كمرحلة أولى وأساس، واجبة وضرورية، ليقوم بدوره في بناء الدولة كمرحلة ثانية وطبيعية.. فالأهمية التي أولاها المرسوم للفرد واضحة حيث كرّس له الدعم المالي، فيما أخذت موازنة الدولة على عاتقها التعامل مع الأضرار الواقعة على المجتمع، سواء التي أصابت البنى التحتية ومصادر المياه ومراكز الخدمة الصحية والمؤسسات والمدارس والمواقع الأثرية.

الاستكانة لا تجترح الحلول.. ومن الحل الواحد نصل إلى حلول تراكمية تقلل حجم الفترة اللازمة للتعافي من الكارثة وصولاً إلى التخلص من آثارها بشكل كلي

شمولية المرسوم الذي يتضمن التعاون والتكامل المؤسساتي والمجتمعي، إنما يشير إلى أثر الوعي الجمعي بالظروف المحيطة للتعامل والتعاطي معها وفق مقتضياتها، فالاستكانة للواقع لا تجترح الحلول، بل من العمل ينهض الحل، ومن الحل الواحد نصل إلى حلول تراكمية من شأنها أن تقلل حجم الفترة اللازمة للخروج من المشكلة، وبالتالي تقليل حجم المشكلة ذاتها، وصولاً إلى التخلص من آثارها بشكل كلي، ومن البدهي أن يأخذ ذلك زمناً ليس بالقصير ولكنه ليس بالطويل أيضاً.
جانبان غاية في الأهمية ميزهما المرسوم، لناحية الاستقلال المالي والإعفاءات التي شملها، ولاسيما الإعفاءات التي يحصل عليها المتبرع للصندوق حسب المبلغ المقدم ولسنتين تاليتين لسنة تبرعه، ما يخلق بيئة عمل أكثر مرونة وديناميكية ويوسّع من نطاق الدعم واستقطاب مساهمين وداعمين للصندوق بما يحقق وفورات مالية يحتاجها الصندوق لاستمرارية عمله وتحقيق أهدافه المنوط بها، وبما يصونه ويحميه من الوصول إلى مرحلة المراوحة في المكان أو مرحلة العجز عن تحقيق أهدافه.
هذه الخطوة الفاعلة والمهمة في سياق مرحلة ما بعد الزلزال، يُنظر إليها على أنها خطوة شاملة لمرحلة ما بعد الحرب أيضاً، أي بما معناه معالجة مجتمعة لكل الظروف وفق المقتضيات والمتطلبات، وبالتالي تكامل النهوض، النهوض من حرب تركت أضراراً وآثاراً مدمرة نفسياً واجتماعياً واقتصادياً وثقافياً، وبالتوازي النهوض من تداعيات كارثة تركت الآثار ذاتها باختلاف الأسباب والمسببات.

 

اقرأ أيضاً:

التكافلُ بين الدولة والمجتمع لدعم المتضرّرين.. حريصونَ على كلّ ليرةٍ

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار