الصندوق الوطني لدعم المتضررين من الزلزال… متخصصون يستشرفون غايات إنسانية نبيلة وسياق قانوني منظم لمواجهة تداعيات الكارثة
تشرين- رشا عيسى:
يحمل المرسوم التشريعي رقم ٧ لعام 2023 والقاضي بإحداث الصندوق الوطني لدعم المتضررين من الزلزال جملة من الغايات الإنسانية النبيلة هدفها تقديم الدعم للمتضررين بفعل الزلزال الكارثة، إضافة إلى حشد الإمكانات ووضعها في سياق قانوني منظم لمواجهة تداعيات الكارثة غير المسبوقة التي ألمّت بمجتمعنا.
ضمان وأمان
الباحثة الاجتماعية الدكتورة سلوى شعبان تؤكد لـ( تشرين) أن إحداث الصندوق يأتي انطلاقاً من الدور الذي تقوم به الدولة تجاه الأزمات والصعوبات والكوارث، من تقديم العون والمساعدة وإيجاد الحلول وتسهيل وتذليل العقبات للوصول للاستقرار ومتابعة الحياة الطبيعية والآمنة، ما تجلى ضمن إصدار مراسيم جمهورية متتالية تهتم بالمواطن ومصلحته وتسعى لتأمين البدائل الحياتية تجاه ما تأثر وتضرر .
ويعد (الصندوق) الضامن الحقيقي لعبور المراحل القادمة، وتتويجاً لدور الدولة المجتمعي والإغاثي إلى جانب المراسيم الأخرى والخطط الموضوعة لإعادة الإعمار والبناء، وتحفيزاً داعماً لكل مبادرة مقدمة من المغتربين السوريين الذين هبّوا ولبّوا نداء الوطن وعبّروا عن انتمائهم الوطني ومحبتهم الخالصة ومساهمتهم المختلفة والمتنوعة والتلقائية في التبرعات العينية والمبالغ المادية المقدمة للإغاثة والمساعدة.
ووجدت شعبان أن (الصندوق) بمنزلة ضمان وأمان لكل مواطن تأذى هو وعائلته, ولكل من يريد أن يكمل الرسالة الإنسانية لأهله المتضررين بمتابعة ذلك، فالدولة وعبر مؤسساتها الحكومية لم تقف مكتوفة الأيدي بل كانت وما زالت المشجعة والراعية والداعمة لتجاوز تلك الكارثة بكافة الجهود المبذولة والتسهيلات المقدمة،لافتة إلى أن مناقشة مشروع التوجهات الأساسية لخطة العمل الوطنية للتعاطي مع تداعيات الزلزال متضمنة المعايير والتعريفات والتوصيفات المتعلقة بآثار الزلزال وأضراره، بيّنت الحالات وأولويات التعاطي معها، ودرجات الضرر على الإنسان والمجتمع ومراحل الاستجابة للكارثة ومرحلة التعافي وإعادة التأهيل والإعمار وتوفير المقومات البيئية التمكينية للتعاطي مع التداعيات.
إحداث (الصندوق) له أهمية مجتمعية كبرى للمساعدة والدعم والرعاية للمتضررين تحت رعاية اللجنة العليا للإغاثة باعتبارها مرجعية مهمة في قيادة خطة العمل الوطنية وبمتابعتها للتنفيذ على المدى القريب والمتوسط والإستراتيجي كما قالت شعبان.
نقلة في الدعم المالي
بيّنت المحامية هزار نور الدين أمون لـ ( تشرين) أن المرسوم رقم٧ لعام ٢٠٢٣ المتضمن إحداث الصندوق الوطني لدعم المتضررين من الزلزال يشكل نقلة في الدعم المالي وتنظيم توزيع المساعدات في حال طبق بشكل صحيح وعادل.
وأوضحت أمون أن الدعم المعنوي والنفسي يحتاج مدة غير قصيرة من الزمن للتعافي من الآثار التي تركها الزلزال في النفوس، ولكن نستطيع التعويض بعض الشيء عن هذا الضرر عن طريق الدعم المادي الذي يجب أن يتم بالسرعة القصوى ليحقق بعض الغاية من الدعم النفسي.
ويشكل هذا الصندوق إجراءً متطوراً لدعم المتضررين من الكارثة في حال إدارته بشكل صحيح وعادل بعيداً عن أي تلاعب وفقاً لأمون.
وقالت: إن التعاطي مع تداعيات الكارثه تقع مسؤوليتها الأولى الرئيسية على عاتق الدولة فهي الداعم الأهم، وأما المساعدات المالية ذات الطابع المحلي فهي حالة إنسانية رائعة، لكنها عاجزة أن تشكل فارقاً في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها الجميع.
قوة قانونية
من جهتها، لفتت المحامية رشا رزق إلى أن المرسوم يفرض قوة قانونية وتنظيمية لـ (الصندوق) الجديد الذي أفرزته كارثة الزلزال فهو يتمتع بقيمة إنسانية عالية هدفها ترميم الضرر المادي والجسدي و المعنوي للمتضررين من جراء الفاجعة الكبرى وفق آلية قانونية محددة وواضحة.
كما أن لـ(لصندوق) جوانب قوة إدارية ومالية حددها المرسوم بوضوح في بنوده، وتشرح رزق لـ( تشرين) أن المادة الرابعة من المرسوم تحدثت تفصيلاً عن مالية الصندوق كما يلي:
أ – يفتح للصندوق حساب جارٍ أو أكثر لدى المصارف العاملة، وتودع فيه الموارد المالية للصندوق.
ب- تحدد الموارد المالية للصندوق على النحو الآتي:
الاعتمادات التي ترصد للصندوق في الموازنة العامة للدولة.
المنح والإعانات والهبات والوصايا والتبرعات والمساهمات المالية ذات الطابع المحلي والدولي التي تقدمها الدول والمنظمات والاتحادات والنقابات والصناديق والهيئات والمؤسسات والشركات والأفراد وفق القوانين والأنظمة النافذة.
الفوائد المصرفية لإيداعات الصندوق
أي موارد أخرى يوافق عليها المجلس وفق القوانين والأنظمة النافذة.
ج – تصرف المبالغ الواردة إلى الصندوق بالقطع الأجنبي حسب نشرة الحوالات والصرافة الصادرة عن مصرف سورية المركزي.
د- يدور الرصيد المالي للصندوق في نهاية العام للعام الذي يليه.
ه- رئيس المجلس، أو من يفوضه، هو عاقد للنفقة وآمر للتصفية والصرف للصندوق.
و- يكون للصندوق نظام مالي ومحاسبي يتضمن إجراءات تحريك الأموال وشروط وأحكام وآليات صرفها.
ز- تخضع حسابات الصندوق إلى عملية التدقيق المالي من قبل مدقق حسابات خارجي مستقل يعين من قبل مجلس الإدارة.
وأشارت رزق إلى أن المادة الخامسة – من المرسوم تؤكد على الإعفاءات التي يوفرها المرسوم، بحيث تعفى عملية تحويل الأموال من وإلى (الصندوق) من كل الضرائب والرسوم المالية والمحلية والعمولات والبدلات وأي تكاليف أخرى. في تأكيد على أن الإنسان أولاً وأن عمليات المساعدة المختلفة واجب على الحكومة وانطلاقاً من تحمل الدولة لمسؤولياتها ورعاية المواطنين.
الاستقلال المادي والمرونة
بدورها، أوضحت المحامية هناء حبيب لـ( تشرين) أن الاستقلال المادي لـ (الصندوق) إحدى نقاط القوة إلى جانب المرونة التي يتمتع بها بموجب المرسوم.
والنقطة المهمة الأخرى التي توردها حبيب بالإضافة إلى القيم الإنسانية التي يحملها المرسوم، تتعلق بمجلس إدارة الصندوق الذي يضم إضافة إلى الشخصيات الاعتبارية أربعة ممثلين عن المنظمات غير الحكومية أو الفعاليات الاقتصادية أو خبراء في هذا المجال يختارهم رئيس المجلس – أعضاء كما جاء في المادة السادسة من المرسوم.
وأكدت حبيب أن المرسوم يحمل صفة انسانية لكونه يجمع الإمكانات لمواجهة تداعيات الكارثة غير المسبوقة في حجمها وأثرها وما خلّفته من مأساة على المستوى الوطني.
وعند سؤالها بشأن المادة العاشرة من المرسوم والتي تنص على أنه سيجري العمل بأحكام هذا المرسوم التشريعي لمدة ثلاثة أعوام من تاريخ نشره، أشارت حبيب إلى أن المرسوم محدد المدة باعتبار مدة ثلاث سنوات كافية لمعالجة آثار الزلزال، وأن كارثة الزلزال هي حالة وقتية لا تتصف بالديمومة، وإذا كانت هذه المدة غير كاملة يمدد العمل بالمرسوم بمرسوم جديد يصدر عن السيد الرئيس، ولا سمح الله إذا حصل زلزال آخر أيضاً يمدد العمل بالمرسوم، متمنية أن يتم العمل بشكل دقيق وعادل للوصول إلى الغاية السامية التي صدر لأجلها المرسوم.
تقوية العمل الإنساني
من جهته الباحث الزراعي الدكتور مجد درويش رأى أن إحداث (الصندوق) خطوة في سبيل تعزيز أواصر التعاون الأهلي وتقوية العمل الإنساني وذلك بتفعيل دور الجمعيات الأهلية والمجتمعية في تخفيف الأعباء والمتاعب عن أهلنا المتضررين في المناطق المنكوبة عبر إعادة تأهيل البنى التحتية والخدمية وللتعويض المالي عن الأسر المتضررة من جراء هذه الكارثة الطبيعية أو أي حدث مستقبلي لا قدر الله.
وبيّن أن هذا (الصندوق) وعبر الأسس الناظمة له لا بدّ أن يحظى بدعم واستقطاب جميع الأطراف على مستوى القطاع العام والخاص والجمعيات الخدمية والأهلية ذات الصلة الضالعة في العمل الإنساني والتنموي أو حتى الهيئات الدولية بمن فيها العاملة على الأرض ما يساعد بشكل كبير في تجاوز الآثار السلبية المترتبة عن هذه الكارثة الكونية.
اقرأ أيضاً: