وزير الإعلام: الدراما لم تعد للتسلية وإنما تحولت لسلاحٍ .. وقادرون على جعلها أداةً للإصلاح لا التخريب
بارعة جمعة
ما صنعه الرواد القدامى من تاريخ للدراما السورية جعل منها مرجعاً فنياً يستحق الالتفات إليه وأخذ التجربة منه، واليوم مع التغيرات الحاصلة في مسيرة الدراما السورية كان لابد من الوقوف أمام هذا الكمّ الهائل من التساؤلات حول أسباب انكفائها عن القيام بدورها الرئيسي في نقل صورة الواقع بصدق ومسؤولية من قبل صناعها، ما استدعى اجتماع المعنيين بها من قبل وزارة الإعلام ولجنة صناعة السينما والتلفزيون ضمن ورشة عمل تحت رعاية رسمية من رئيس مجلس الوزراء حسين عرنوس، ضمن قاعة الأمويين في فندق الشام، لمناقشة واقع الدراما الحالي وسبل تطويرها والأخذ بها إلى بر الأمان.
استهداف مباشر
لعل أكثر ما يدور في أذهان الكثيرين ما تعيشه الدراما السورية من تغييب مقصود ضمن الساحة العربية، وفرض شروط تعجيزية في حال دوم أي عمل درامي سوري لجهة ما منهم، أو رفضه بشكل قطعي دون مناقشته، والذي يبرره الحملة الكبيرة من قبل جهات عدة لإضعافها، والتي كانت محور نقاش الجلسة الأولى من ورشة الدراما والتي تناولت صناعة الدراما بين التعثر والنهوض، والتي ترأسها رئيس مجلس لجنة صناعة السينما والتلفزيون علي غالب عنيز متسائلاً عن دور الأطراف الخارجية في محاربة الدراما، وعن دور التنازلات المقدمة من قبل البعض في الداخل، ومستذكراً أعمال فنانين كبار أمثال الماغوط وياسر العظمة، ممن قدموا نماذج مشرقة في الدراما السورية.
في حين تبرز الدراما المشتركة في حديث عنيز، والإساءة من قبلها لمفهوم الدراما لدى المشاهد السوري، باحتوائها سلبيات كثيرة طغت على المشهد، وجعلت من أسلوب الطرح لدى أعمالنا نوعاً من التذمر الواضح، وهنا يأتي دور الورشة في تحقيق نقلة نوعية بهذا القطاع لكون الجميع شركاء في إعادة صياغة الفن وتدعيمه بقوانين لحماية هذا المنتج العريق، وعلى قدر عالٍ من المسؤولية.
محاولات جادة
إلا أن محاولات فتح طرق جديدة لصناعة الدراما من قبل وزارة الإعلام ولجنة صناعة السينما هي جادة برأي وزير الإعلام الدكتور بطرس حلاق، فالدراما لم تعد للتسلية أو اللهو، إنما تحولت لسلاحٍ، كما أننا قادرون على جعلها أداةً للإصلاح لا التخريب.
وتمثل هذه الورشة برأي حلاق الفرصة لإبراز نوع من التقدم، ولكن بشرط احتوائها خطاباً عقلانياً واقعياً ومنضبطاً، لأنه في حال الالتزام به، سنصل إلى نتائج حكماً، فما تعرضت له من البلاد من حروب أبرزها حرب السوشيال ميديا، التي تستهدف الوعي المجتمعي بشكل رئيسي، والذي إذا ما خسرناه فسنفقد الانتماء والهوية وأنفسنا أيضاً على حد تعبيره.
فالحرب الفكرية ليست آنية بل مستمرة، وتستوجب منا أن نكون جنود هذه الحرب، كما ينبغي علينا ألا نغفل ما استخدم من فكر طوال السنوات العشر الماضية ضمن الدراما برأي وزير الإعلام بطرس حلاق، لكونه يستهدف الشخصية من الداخل، ولكون الدراما أحد أشكال الخطاب الإعلامي والأكثر تأثيراً، وإن لم تكن حقيقية فالتكرار سيجعل منها حقيقة لدى الأجيال الصغيرة، فالأهم في صناعة الدراما ليس الربح بقدر تكوين الوعي الذي تعرض للتسليع الذي لم يأتِ من فراغ، لجهة اعتبار الدراما صناعة باتجاه هدم المجتمعات وبناء الأرباح على أنقاضها.
صناعة الدراما
لاشك أن هنالك خطراً محدقاً يحيط بالدراما، والذي تترجمه خطابات الكراهية وتعميم السلبيات وتزييف الحقائق، فلكي نصنع الدراما علينا الانطلاق من الواقع لا الخيال برأي حلاق، ومعرفة طرق جذب المستثمرين لها وتأمين بيئة لنموها والتي تعتبر مسؤولية حكومية وجماعية.
وفي النظر لما قدمه الموسم الرمضاني الأخير، الذي عده الكثير مرحلة التعافي للدراما، بتقديمه فرص عمل كثيرة لأصحابها وأرباح قدرت ب 64 مليار ليرة سورية حسب توصيف أمين سر لجنة صناعة السينما والتلفزيون أحمد رضا الحلبي، لا بد هنا من النظر للصعوبات والتي كان أبرزها الرقابة، والتمييز بينها وبين مفهوم التقييم الفني، الذي يفرض وضع لجنة مختصة للرقابة بحضور أكاديميين وممثلين عن كل وزارة تتعلق بها خطوط العمل وذلك تبعاً لنوع العمل الدرامي.
فيما تشكل هجرة الكتاب والفنيين الخطر الأكبر على مستقبل الدراما السورية برأي الحلبي، ليأتي بعدها ارتفاع التكاليف الإنتاجية والتضخم ومحدودية الأقنية التلفزيونية التي جعلت المنتج السوري يلهث لبيع منتجه ضمن المحطات العربية، كل ذلك حوّل المنافسة بين الأعمال والأقنية العربية إلى منافسة غير شريفة، يفرض على نقابة الفنانين ولجنة صناعة السينما القيام بدور تكاملي فيما بينهم للنهوض بالدراما السورية.