ما يحدث في أسواقنا المحلية لا يمكن تصديقه, أو حتى يتقبله عقل، ولا حتى تصويره كحالة عابرة بتاريخ بلد، يعيش حرباً كونية وحصاراً اقتصادياً ظالماً هزَّ أركان الاقتصاد الوطني، وسبب له أزمات خانقة, في مقدمتها نقص مقومات المعيشة, وأسعارها التي تشبه كل شيء إلّا تسعيرة أي مادة، ممكن تسميتها ( سرقة على عينك يامواطن) وغيرها من التسميات التي تحمل المزيد من هذه الصفات ..!
وما يثير القلق طريقة المعالجة من الجهات المعنية، ولاسيما حماية المستهلك والجهات المكملة معها بنفس الأسلوب والطريقة , ومن يدركها يعرف تماماً كيف تدار معركة الأسعار مع التجار وضعاف النفوس منهم, الذين تحكموا بكل مفاصل الأسواق وفي كل المحافظات , وخاصة الذين نموا بسرعة على أكتاف الأزمة وبدأ هؤلاء بافتعال أزمة وراء أخرى، كي يستغلوا المواطن في معيشته, وتحقيق مكاسب مادية واجتماعية وتكديس الثروة، على حساب الوطن والمواطن, ضاربين عرض الحائط بكل أشكال الرقابة التي سقطت أمامهم بحجج مختلفة ، قوامها أدلة وبراهين من وحي الأزمة، تبداً بالضرائب والرسوم ومفردات الفساد والرشوة، وحالات الدفع هنا وهناك, وارتفاع تكاليف المواد والكهرباء والمحروقات لتكون جميعها حجة تلو حجة يسرقون بها لقمة عيش المواطن، ضمن وطنه وعلى مرأى ومسمع كل حلقات الرقابة.
من دون أن ننسى ما تفعله حماية المستهلك من ضبوط بالمئات يومياً, وتغريمات بمئات الملايين, وما يظهر (غيض من فيض) , وهذا ما تم ضبطه..! فكيف الحال بمئات المخالفات والسرقات التي تتم يومياً، من دون أن تضبط ..؟
أبطالها ضعاف نفوس من تجار وفاسدي الأسواق, إلى جانب من يتفق معهم من أهل الرقابة , بدليل ما يحدث من ارتفاعات سعرية متلاحقة وعلى مدار الساعة , وكل تاجر يبيع ويشتري (على كيفه) , ولسان حال كل مواطن يقول حسبنا الله ونعم الوكيل..!؟
واليوم وغداً وبعد غدٍ المشكلة نفسها , والحقيقة واحدة، لا تستطيع أي جهة مسؤولة نكرانها لأن ما حصل- ومازال يحصل في أسواقنا من تلاعب بالأسعار، وتكديس السلع بالمستودعات، واستغلال حاجة الناس وضعف أركان الرقابة والمحاسبة، ومعها الجهات الرقابية الأخرى التي يزيد عددها على العشرات – خير دليل لتكريس هذه الحقيقة, بل تساهم في صور مختلفة على تكريسها، بقصد أو من دونه, وهذه مسألة في غاية الخطورة ليس على المواطن فحسب, بل على المكون الحكومي بكل أبعاده , لأنه يجسد حالة الضعف الكبيرة للأجهزة في معالجة ما يحدث, وإيجاد الحلول المباشرة التي تنهي بها حالات السيطرة لضعاف النفوس من التجار, وكبح رغبتهم في الربح السريع وتكديس ثروة الوطن في أيديهم مستغلين انشغال الدولة قي تضميد جراح الحرب , ومعالجة الأزمات, ولسان حال كل مواطن (وأنا منهم) يسأل: متى تنتهي حلقات فساد أسواقنا وتعود بكليتها إلى المستهلكين..!؟