علماء آثار أجانب يسجلون ملاحم عشق ووفاء للتراث السوري

سناء هاشم

رغم كل الحقد الذي شهدته سورية عليها خلال السنوات الماضية من عمر الحرب، ورغم أن ثمانين بلداً دأبت طوال تلك الفترة على استهدافها بثقافتها وحضارتها وآثارها إلّا أن رصيدها من الحب لا يزال قائماً في نفوس الكثير من علماء الآثار الأجانب الذين عملوا في مواقعها الأثرية وأدركوا أن سورية هي وطن العالم وأن ما فيها من غنى حضاري وثقافي يجعل منها القبلة التي لا يمكن لأي متنور أن يتخلى عنها.

نخبة من العلماء والباحثين الأجانب ترجموا حبهم و وفاءهم للتراث السوري بالحضور والتواصل الفعال مع مديرية الآثار انطلاقاً من أن سورية ستبقى مهد الحضارة والتراث السوري هو تراث عالمي.

تقديراً لمحبتهم ووفائهم للتراث السوري نستعرض جهود أهم علماء الآثار الأجانب الذين عملوا في حقول التنقيب الأثرية السورية ولم يألوا جهداً في سبيل إعادة إحيائه.

 

“باولو ماتيه”.. عراب مملكة إيبلا

البروفيسور العالمي الكبير “باولو ماتيه” هو مكتشف مملكة إيبلا، جهد في العمل منذ عام 1970 في هذا الموقع الأثري، ومن خلاله اشتهر و أصبح عالماً مهماً على المستوى العالمي لعلماء الآثار.

عُرف ماتييه بمواقفه الإيجابية وتحليله ومنهجه الدقيق لكل المكتشفات الأثرية في موقع إيبلا، وله العديد من المؤلفات وشارك في الكثير من الندوات التي عقدت عن التراث الأثري السوري وما تعرض له من تدمير وتخريب خلال الحرب، كما أنه وعلى الرغم من كبر سنّه، إلّا أنه دأب على حضوره واهتمامه بكل المؤتمرات والأنشطة التي عقدت بخصوص واقع التراث الأثري، ولم يوفر الفرصة لتنبيه الرأي العام الأوروبي لما تعرض له التراث من تخريب بكل قوة.

وفي عمله ضمن فريق، رافق “ماتييه” في عمله وحبه للتراث السوري فريق من الآثاريين وعلى رأسهم البروفيسورة “فرنسيس بينوك” التي كان لها كلمات مؤثرة في أكثر من لقاء عن الآثار السورية، فهؤلاء ارتبطوا بسورية كعلماء آثار وأحبوها وأحبوا حضارتها، وهم مؤمنون إيماناً مطلقاً بالحضارة السورية ودورها المهم في مسيرة وتطور البشرية منذ الألف العاشر وحتى وقتنا الحاضر وذلك لما قدمته الحضارات السورية من ابتكارات مهمّة جداً للبشرية تتعلق بالزراعة والصناعة والكتابة والفنون والأديان وغير ذلك.

 

“كوهيد سايبو”..عاشق مدينة تدمر

من العلماء أيضاً الذين بقوا على تواصل مع المديرية العامة للآثار والمتاحف “كوهيد سايبو” العالم الياباني المعروف والذي نقب في مدينة تدمر لفترة طويلة، وتميّز بعشقه لهذه المدينة بشكل كبير ولديه الكثير من الأبحاث والوثائق عنها.

شارك عالم الآثار “سايبو” في أكثر من لقاء للآثاريين انعقد في سورية، كما كان حاضراً في الكثير من المؤتمرات الخارجية وتسليط الضوء والدفاع عن ما يحدث من أضرار للتراث الثقافي السوري، وكان له فضل كبير في مؤتمر مهم أقيم في بيروت عام 2014 حضره عدد كبير من علماء الآثار وكان على رأسهم مع ” باولو ماتيه” و”فرانسيس بينوك “، إذ شاركوا وقدموا خلاله محاضرات ومداخلات مهمة.

وهناك عالم الآثار الياباني ” سايبو” وبالإضافة إلى ما قدمه من أبحاث ومداخلات للتعريف بما تعرض له التراث السوري من تخريب وتدمير، عمل أيضاً على التعريف بأهمية التراث الثقافي السوري وضرورة حمايته وتدخل المؤسسات الدولية العالمية لتأخذ دورها في الدفاع عنه وتقديم الدعم لحمايته خلال الحرب وإيجاد كل السبل لصيانته.

قدّم ” سايبو” الكثير من الدعم والمعونات للمديرية العامة للآثار والمتاحف تمثّلت بأجهزة تصوير وحواسيب، ساهمت جميعها في أعمال التوثيق، كما كان لسايبو وأصدقاؤه اليابانيون الفضل في تدريب الكثير من خبراء الآثار السوريين، أكثر من 70 متدرباً مابين مهندس وخبير آثار ومرمم تدرّبوا على أعمال توثيق الأضرار وأعمال الرفع الهندسي وتوثيق القطع وتقييم الأضرار والتدريب على استعمال الأجهزة الحديثة ومنها التصوير الثلاثي الأبعاد، والأهم من ذلك كان بما يتعلق بتوثيق المباني التاريخية وكانت هناك كلف مالية عالية وكلها سعى “سايبو” لتأمينها .

 

ساعد عالم الآثار الياباني في أعمال ترميم لقطع أثرية تدمرية نقلت من تدمر إلى دمشق، إذ تم ترميمها بمنحة يابانية، وكان له الفضل في تزويد مديرية الآثار بأجهزة وحواسيب إضافة إلى مركبتين لنقل القطع الأثرية خصّصت الأولى لنقل القطع الأثرية إذ كانت مزوّدة برافعة والثانية كانت رافعة ميكانيكية تستطيع الدخول الى أماكن ضيقة وتستعمل داخل حدائق المتاحف وغيرها يمكن من خلالها رفع القطع الأثرية وتحريكها واستعملت في المتحف الوطني وفي حلب ولا تزال تقدم خدمات كبيرة إلى المديرية العامة للآثار والمتاحف، لا نبالغ عندما نقول إن” سايبو” يعد من أهم علماء الآثار، إذ وقف موقفاً مهمّاً إلى جانب المديرية العامة للآثار والمتاحف وبقي على تواصل معها، يستحق هذا العالم أن نتكلم دائماً عنه وعن وقوفه ومساندته للمديرية العامة للآثار والمتاحف في معركة الدفاع عن الآثار السورية.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
سورية ترحب بقرار محكمة العدل الدولية المتعلق بالآثار القانونية الناشئة عن سياسات الاحتلال الإسرائيلي في الجلسة الختامية للبرلمان العربي للطفل… الأمين العام يقدم الدروع التذكارية وبطاقة شكر للوفد السوري المشارك مادورو: انتخابات الرئاسة المقبلة ستحدد مستقبل فنزويلا قضية الإعاقة جزء من السياسة الوطنية للدولة تجاه المواطنين.. الوزير المنجد: المرسوم رقم 19يطور البيئة المؤسساتية المسؤولة عن ملف الإعاقة  135 ألف طفل مستهدف بالجولة الثانية لحملة اللقاح في حمص الوزير ابراهيم يبحث مع القائم بالأعمال بالإنابة في السفارة السودانية بدمشق علاقات التعاون العلمي والبحثي إذا كبر ابنك "خاويه" وإن كبر أبوك عليك أن ترعاه المنطقة بعد العدوان الإسرائيلي على الحديدة.. ترقب وانتظار والكيان باستنفار كامل وواشنطن تنأى تجنباً لحرب لا تريدها حالياً على رأسها مشروع إنتاج تعبئة وتغليف الأدوية السرطانية.. انطلاقة جديدة لـ«تاميكو» تبدأ بالإنتاج وتنتهي بالتسويق وزير النفط يفتتح مركز خدمات شركة محروقات بدمشق