إعادة إحياء السياحة
شهد القطاع السياحي ازدهاراً كبيراً خلال الفترة بين عام 1990 وعام 2010 ويستدل على الازدهار من عدد السياح الذي قارب ستة ملايين سائح سنوياً , توزعوا على الشاطئ الذي يربو على المئة كيلومتر والمناطق الجبلية بطبيعتها الرائعة ومناخها المعتدل صيفاً والمناطق الأثرية على امتداد البلاد من تدمر مروراً بالقلاع , إضافة إلى السياحة الدينية في معلولا والمسجد الأموي وغيرها.
توقفت السياحة بشكل شبه كلي خلال سنوات الحرب والآن بعد الاستقرار والمؤشرات السياسية الإيجابية القادمة من الدول العربية عبر إعادة افتتاح السفارات تباعاً يمكن أن يعاود القطاع السياحي نشاطه المعهود , وهنا نطرح السؤال : هل كان القطاع السياحي ناجحاً في أدائه قبل الحرب .
برأي الشخصي وبالرغم من امتلاك سورية كل المقومات لتكون بلداً سياحياً من الدرجة الأولى وبرغم الأعداد الهائلة من الوافدين قبل الحرب إلّا أن القطاع السياحي كان ضعيفاً جداً ودون المستوى المطلوب، وإذا أردنا أن نحلل نقاط القوة والضعف لهذا القطاع أقول بداية : سورية شكّلت عامل جذب للسياح ولكن إدارة القطاع السياحي وخدماته لم تشكل عامل جذب للسياح لعدة أسباب, أبرزها الافتقار إلى الخدمات السياحية الأساسية كاستخدام الصرافات الدولية وخدمات الطيران والصرافة ضمن المناطق السياحية وغياب الشركات السياحية ذات الخدمات المتكاملة من نقل ومطاعم وفنادق وارتفاع أسعار الفنادق والمطاعم بشكل كبير قياساّ مع دول الجوار وغياب الخدمات والمرافق في أغلب المناطق الأثرية والسياحية وافتقارنا إلى وسائل نقل ملائمة بين المحافظات.
قد يقول البعض : نحن حالياً في حالة حرب ولكن نحن بالتأكيد لا نقيّم الوضع الحالي فما أشرنا إليه يمتد إلى ما قبل الحرب.
وهنا أسئلة تتبادر إلى الذهن : لماذا تعمل قطاعات السياحة في مصر أو تونس بكفاءة أكبر بكثير من سورية ؟ ولماذا هذه الفروقات الكبيرة في الأسعار بالرغم من أن البلدين متقاربين معنا من حيث مستوى المعيشة كمصر مثلاً قبل الأزمة .
إذا أجرينا مقاربة للميزات السياحة نجد أن مصر تتفوق علينا من ناحية كثافة المواقع السياحية كتوزع الأهرامات ولكن مصر تفتقر لمواقع جبلية وريفية معتدلة المناخ .
المشكلة ليست مشكلة مواقع المشكلة في إدارة القطاع السياحي بعقلية اقتصادية فعندما تقدم العروض الرخيصة ماذا يحصل : يزيد عدد نزلاء الفنادق بشكل كبير فيرتفع معدل الإشغال وتنخفض التكاليف الثابتة فترتفع الأرباح وتعمل شركات الطيران وبولمانات النقل بوتيرة عالية , كما تعمل المطاعم أيضاً بوتيرة عالية ويزيد الطلب على عملة البلد فيتحسن سعر الصرف وتنشط الصناعات الحرفية من خلال شراء السياح للهدايا ويتحسن وضع الميزان التجاري.
النتيجة تنشيط دورة الاقتصاد الوطني بالمجمل من خلال الإدارة بعقلية اقتصادية .
الآن في سورية ماذا عسانا نفعل لتنشيط السياحة ؟
بداية يجب إنشاء شركات سياحية متخصصة تقوم بتنسيق الجهود لتقديم عروض سياحية متكاملة متضمنة النقل والإقامة والطعام بأسعار تجذب السياح إلى سورية, كما يتوجب تحسين الخدمات المصرفية وتنويعها في الأماكن السياحية , إضافة إلى تحسين الخدمات في المناطق الأثرية والجبلية والشواطئ من طرقات ونقل واستراحات محترمة بأسعار مقبولة واعتماد كتيبات تعريف بالمواقع السياحية تقوم الملحقيات التجارية بالترويج لها في الخارج واعتماد مهرجانات سياحية متنوعة بشكل سنوي أسوة بمهرجان المحبة سابقاً بشكل نصل فيه إلى زيادة عدد السياح , ما يسمح بتشغيل الفنادق والمطاعم وشركات الطيران والنقل ونصل بالنهاية إلى زيادة مساهمة القطاع السياحي في الدخل القومي وتخفيف معدلات البطالة من خلال زيادة عدد المشتغلين في هذا القطاع وكنتيجة طبيعية لما سبق تحسين سعر الصرف لليرة السورية .