أقنية اليوتيوب تزيح التلفزيونات عن العرش!
هدى قدور:
الاستغناء عن أساليب البث العادي أصبح أمراً واقعاً من الناحية التقنية حيث لا صحون على الأسطح ولا كابلات أو أجهزة تدوير للستالايت، بل جهاز صغير يشبه الريسفير المطور قادر على استقبال الأقنية عبر الإنترنت.
المسلسلات وبرامج الأخبار والمنوعات، ستكتفي بأقنية اليوتيوب وصفحات الفيس بووك من أجل الوصول إلى الجمهور الذي بات يفضل متابعة الأعمال عبر شاشة الموبايل أو بواسطة شاشة مسطحة معلقة على حائط الصالون في المنزل يمكنها أن تستقبل بث الموبايل إليها.. القفزات التقنية المتلاحقة تؤثر من دون شك على أساليب العمل وصناعة النجوم وطريق الوصول إلى الشهرة، ويبدو أن القنوات الكلاسيكية انتبهت إلى الاختلاف الحاصل مبكراً فعمدت إلى حجز مكان لها على الشبكة يواكب منبرها الكلاسيكي سواء كانت محطة أم إذاعة أم وكالة أنباء. حتى النجوم الذين صنعهم التلفزيون التقليدي في العقود الماضية، أسسوا قنواتهم الخاصة على الشبكة وحصلوا على ملايين المتابعات التي تدر عليهم مبالغ جيدة شهرياً، فالقضية مربحة اقتصادياً كما أنها تواكب التطور وتبقي على التواصل قوياً مع الجمهور..
اليوم، نشاهد ولادة نجوم من نوع مختلف وغير متوقع.. خبراء في السياسة والأبراج والشؤون الاجتماعية، يسجلون الفيديوهات ويقدمون النصائح ويحصدون الكثير من المتابعين. وأيضاً هناك العديد من المسلسلات بدأت بالاكتفاء بعرض اليوتيوب ولم تسوق العمل إلى محطات التلفزة كالعادة. فالاحتكار الفضائي سيشهد اختراقاً كبيراً مع انتشار هذا التطور الذي سيبدل في قواعد تشكيل الرأي وربما يهدم الكثير من الإمبراطوريات الإعلامية إذا ترددت في اتخاذ قرار المواكبة لهذا التجديد.
الفضاء الإلكتروني يشهد ولادة نجوم جدد بشكل يومي، ويدل على ذلك حجم المتابعين لكل “يوتيوبر” استطاع كسب الثقة والاستمرار في الاستقطاب بشكل بات فيه هذا المصطلح العائد إلى اليوتيوب، منتشراً بقوة أكثر من الأسماء الشهيرة لبعض النجوم الذين صنعهم التلفزيون في مرحلة سابقة. الثقافة الهوليودية ستتغير بالتأكيد، وسنشهد ولادة أسماء جديدة من الإمبراطوريات الفنية والإعلامية، وسيبدو الأمر حيوياً أكثر عندما يدخل العالم في دائرة البث الفضائي المجاني والسريع للإنترنت بحيث يتم كسر جميع أنواع الاحتكار ويصبح المجال مفتوحاً أمام الجميع كي يقدموا أنفسهم كنجوم في التمثيل والإعلام وجميع الاختصاصات التي لا تخطر على بال.
اليوتيوب حسم المعركة لمصلحته حتى الآن، تساعده في ذلك منابر أخرى على رأسها الفيس بوك الذي يتولى نشر أعمال اليوتيوب كي تحظى بالانتشار الأوسع، وفي هذا كله لابد ستتغير ذهنية الإنتاج وتصبح الدراما في واقع مختلف تماماً عما عهدناه في السابق، فالمشاهد لم يعد يمتلك الوقت لمتابعة المسلسلات الطويلة، بل يميل إلى الفيديوهات القصيرة التي تقدم فكرة واحدة خلال عشر دقائق فقط، وتلك قضية تتناسب مع موضوع عصر السرعة وعدم توافر الوقت الكافي لدى معظم الناس بالجلوس ساعات طويلة لمتابعة الأحداث المملة والمكررة للأعمال الدرامية بصيغتها التقليدية.. التغير يبدو كبيراً ولن يقتصر الأمر على الفنون البصرية، فقد سبق أن رأينا هذا التأثير في فنون الكتابة عندما اكتفى المؤلفون بإصدار كتبهم بصيغة “بي دي إف” على الشبكة، أم عندما عمد الشعراء إلى كتابة المقاطع الصغيرة عوضاً عن القصائد الطويلة، إضافة إلى حضور الفيديو المرافق مع كل فن أو هواية.. اليوتيوب لن يكتفي بإزاحة التلفزيونات التقليدية نهائياً من المشهد، بل سيبدل في فحوى الفنون وطبيعتها وأسلوب تعاطيها مع الجمهور، وربما يؤدي ذلك إلى ولادة فنون جديدة لا يتخيلها أحد إلى درجة أن البعض يتوقع أن يلجأ الإنسان إلى اليوتيوب في كل شيء بحياته اليومية، إنه الصراع مع الوقت والتكنولوجيا التي ستغير جميع قواعد اللعبة!.