قراءة في زيارة السيد الرئيس إلى حلب
د. عدنان صلاح إسماعيل
إن زيارة السيد الرئيس بشار الأسد إلى حلب تحمل أكثر من دلالة ومعنى سواء في التوقيت أم في المكان الذي افتتح منه الزيارة وتحمل أكثر من رسالة للداخل والخارج .
حلب تاريخيا هي العاصمة الاقتصادية لسورية وهي الشريان الذي يضخ الدم في الاقتصاد السوري، وكان واضحا حجم الحقد التركي في التعامل مع مصانعها لما لها من أثر اقتصادي كبير في الداخل والخارج.
الشريان تعرض لضرر كبير جراء عدة عوامل أبرزها سيطرة المجموعات الارهابية المدعومة تركيا على مدنها الصناعية وسرقة المعدات وتدمير ما لا يمكن سرقته، وبعد التحرير كانت المعضلة الأساسية هي معضلة الكهرباء والوقود والطاقة.
البعض يقدم طروحات واقعية ومنطقية، والبعض الآخر كأنه خارج الزمن.
السيد الرئيس وبعقلية الطبيب المتقن للتعامل مع مريضه: قال إن الحل لعودة الحياة للشريان هو بالإنتاج، ومشكلة الإنتاج تتوقف على حل مشكلة الكهرباء وهذا ما يبطئ العملية، فكل الجهود مركزة لتزويد الصناعيين بمصادر الطاقة، وهذه مقاربة واقعية وشفافة للمشكلة الاقتصادية في سورية .
وهنا تكمن الدلالة الأولى للزيارة من محطة توليد كهرباء حلب لإطلاق المجموعة الخامسة للعمل وضمان تزويد حلب بالكهرباء.
إن النجاح في تزويد حلب بالكهرباء يعني حل مشكلات مئات الصناعيين الذين يعتمدون لتشغيل معاملهم إما على مولدات ذاتية تعتمد على المازوت الذي يستجرونه بأكثر من خمسة ألاف ليرة لليتر الواحد أو عبر شراء “أمبيرات” بأرقام خيالية. وقد يقول البعض كيف سينعكس ذلك على الأسواق؟
إن ضمان تزويد الصناعيين بالكهرباء سيحل حوالي 40% من مشكلات الصناعيين والحرفيين والتجار في حلب وسيقود إلى نتائج عديدة أبرزها تخفيض تكاليف الإنتاج، وبالتالي تخفيض الأسعار وإمكانية الوصول إلى رفع معدلات الإنتاج وخلق فائض تصديري وهذا أيضا تتابعيا ستكون له انعكاسات ضخمة على الاقتصاد الوطني أولها كسر الجمود في الحلقة التضخمية المفرغة وتحريك الدورة الاقتصادية، ومن جهة ثانية تحسين وضعية الميزان التجاري وبالتالي تحسين وضعية الليرة السورية وتخفيف الضغوط التضخمية عليها.
الدلالة الثانية دلالة سياسية موجهة إلى الخارج وتتضمن عدة إشارات، أولها أننا رافضون لما يسمى المشروع التركي لإقامة” منطقة عازلة” وجاهزون لمواجهتها، والإشارة الثانية كما قالها سيادة الرئيس سابقا لن يستطيع أحد أن يبتزنا بعملية إعادة الإعمار، فسورية قادرة على البدء بعملية إعادة الإعمار بسواعد أبنائها وأموال وطنية بحتة بعيدا عن أي مبادرات إعادة إعمار خارجية مغلفة بشروط سياسية.
الدلالة الثالثة موجهة للداخل وبالتحديد لكبار رجال الدولة والحزب، فالسيد الرئيس في آخر مقابلة تلفزيونية مع التلفزيون الروسي وضع خريطة طريق والزيارة تأتي ضمن خطوات التنفيذ، فعلى الجميع كل من موقعه أخذ زمام المبادرة لإعادة الحياة الاقتصادية ورفع الطاقات الإنتاجية المعطلة وكسر حالة التضخم.