السوق الصينية .. لاعب أساسي في معادلات التفوق لشركات صناعة الطيران
تشرين رصد
أعداد متزايدة من مواطني أكثر بلدان الكرة الأرضية سكانا يستخدمون الطيران بشكل متزايد، ما يعني توسعا غير مسبوق في قدرات شركات الطيران الصينية، سواء تعلق التوسع بأعداد الطائرات المشتراة أو الطيارين الذين يحلقون بتلك الطائرات والأطقم الجوية والأرضية التي توظف سنويا لخدمة المسافرين ناهيك عن بناء وتشييد مئات المطارات بسعة عملاقة لاستيعاب مئات الملايين من المسافرين، فلا شك أن النمو الاقتصادي المتواصل في الصين منذ عقود، أسهم في تحسن مستويات معيشة مئات الملايين من سكانها، وتحولهم من السفر برا إلى التحليق جوا ليس داخل بلادهم الشاسعة فحسب، لكن حول العالم، بما يعنيه ذلك من استخدام متزايد لعالم الطيران.
خلال الأعوام الثلاثة المقبلة ستتجاوز الصين الولايات المتحدة كأكبر سوق للسفر الجوي في العالم، ما يعني أن هناك تعطش دائم وطلب لا يتوقف من قبل الشركات الصينية على طلب مزيد من الطائرات، وبالطبع يحق لشركة إيرباص الأوروبية أن تصف صفقاتها الأخيرة مع الصين بـ”النصر التجاري البحت”، ففي أوقات مثل التي يمر بها الاقتصاد العالمي حاليا، وتزايد الاحتمالات بالدخول في مرحلة من الركود التضخمي، أن تقوم أكبر ثلاث شركات طيران حكومية في الصين بشراء نحو 300 طائرة، في أكبر طلب من قبل شركات الطيران الصينية منذ بداية جائحة كورونا على الطائرات، فلا شك أننا أمام تطور ملموس حول مستقبل شركات الطيران الصينية ذاتها.
الصفقة في تفاصيلها تكشف عن أن شركتي “طيران الصين” و”خطوط جنوب الصين الجوية” ستشتريان 96 طائرة من عائلة A320neo بقيمة تتجاوز 12 مليار دولار، بينما تقوم شركة طيران شرق الصين بشراء 100 طائرة من النوع نفسه بقيمة تقارب 13 مليار دولار، وبالطبع فإن تلك الأسعار هي أسعار ما قبل الخصم، حيث أكد الجانب الصيني أنه حصل على خصومات ضخمة أكبر من المعتاد ربما لضخامة الصفقة.
بالطبع الصفقة أثارت انزعاجا كبيرا للغاية لدى شركة بوينج الأمريكية المنافس الشرس لإيرباص الأوروبية، وحملت الشركة الأمريكية المسؤولية في فقدانها تلك الصفقة العملاقة، إلى الخلافات الجيوسياسية بين الولايات المتحدة والصين، التي تقييد صادرات الطائرات الأمريكية للصين.
غضب المسؤولون في شركة بوينج الأمريكية لا يعود فقط إلى خسارة تلك الصفقة، لكن إلى إدراكهم أن شركات الطيران الصينية ستكون لاعبا مهما للغاية في معادلات التفوق والطلب العالمي على الطائرات من الآن وحتى منتصف القرن، وأن خسارة صفقة بـ300 طائرة ربما يمثل بداية لخسائر قادمة في الطريق نتيجة قيود الصادرات التي تفرضها الإدارة الأمريكية على تصدير الطائرات المدنية للصين، وهي خسائر لا يمكن لـ”بوينج” أن تغض الطرف عنها أو تتحملها.