سورية تشارك في مشاورات إقليمية افتراضية للمنطقة العربية وغرب آسيا
تشرين
بهدف المساهمة في تعريف وجهات النظر من الدول والشركاء في المنطقة حول العناصر الأساسية في تحول التعليم بوصفه مرتبطاً بالمجالات الموضوعية الخمسة الخاصة بالقمة ، بالإضافة إلى إيلاء اهتمام خاص بالتحديات التي تواجه الدول المتأثرة بالصراع أو بأوضاع هشة خاصة، شاركت سورية من خلال وزارة التربية – افتراضياً – في مشاورات إقليمية مع وزراء التربية وشركاء التنمية من إقليم غرب آسيا في 31 أيار 2022 للمساعدة مسبقاً في بناء الزخم للقمة التحضيرية التي تعقدها دولة قطر من أجل متابعة مسارات العمل المقترحة.
وتناول الاجتماع – الذي شارك فيه وزراء التربية وشركاء التنمية في المنطقة والأمم المتحدة متضمنة ممثلين عن اليونيسيف و اليونيسكو -ثلاثة أسئلة مهمة للتحول تركزت حول : عوامل أنظمة التعليم في غرب آسيا التي تعمل جيداً وتصلح للمشاركة مع باقي الدول بصفتها من أفضل الممارسات، و الأشياء التي يجب إهمالها بما فيها السياسات والممارسات التي لم تخدم الناس في الأعوام الماضية بشكل جيد، والعوامل الأساسية التي تحتاج للتغيير استجابة التحديات التي تواجهها المنطقة حالياً.
وزير التربية الدكتور دارم طباع خلال حضوره، وأمين اللجنة الوطنية السورية لليونسكو، ومديري المركز الوطني لتطوير المناهج التربوية، والمركز الإقليمي لتنمية الطفولة المبكرة، والإشراف التربوي والتعليم، المشاورات شارك بمداخلة تضمنت الآتي:
لاشك أننا نعترف جميعاً أن التعليم حق إنساني وأساس للسلام والتنمية المستدامة، لكن التحديات التي نعيشها تفرض علينا أن ندرك أن الاعتراف وحده ليس الحل، واليوم تتاح لنا الفرصة لنعيد النظر في برامجنا التربوية لنتجاوز المشكلة الأساسية في هذه البرامج في أنها مع توسعها وانتشارها وكفاءة خريجيها لم تستطع أن تطور بلدانها، أو أن تؤمن على الأقل استدامة مواردها.
كلنا نعيش اليوم أزمات الصراع الدولي وانعكاساتها في مجتمعاتنا، ونشهد بأم أعيننا خريجينا الذين نعدهم كيف يسهمون في بناء حضارة بلدان غير بلدانهم، وتحسين حياة شعوب غير شعوبهم.
إن عالمنا اليوم يواجه تحديات غير مسبوقة، من تغير في المناخ، إلى ظهور إيديولوجيات عنيفة وبغيضة، إلى خسارة جماعية في التنوع الحيوي، وصولاً إلى الصراعات والحروب الجديدة ومخاطر الأوبئة العالمية. لذلك تحتاج أنظمة التعليم في جميع دول العالم إعادة هيكلتها لتزويد المتعلمين بالمعرفة والقيم والقدرات للعمل من أجل تحسين حياة جميع الناس وحماية كوكبنا، والتعامل بيننا كمواطنين مسؤولين في مجتمع عالمي يحترم الإنسان ويؤمن بالسلام والعدل، ويمتلك مهارات التعلم إلى جانب مهارات الحياة والعمل من أجل المواطنة متخذين جوانب التعلم الوجداني والاجتماعي أساساً لتطوير شخصيتهم التربوية.
إن دعوة اليونسكو إلى إبرام عقد اجتماعي جديد بشأن التعليم يوفر المعرفة والابتكار اللازمين لتشكيل مستقبل مستدام وسلمي للجميع، مستقبل يرتكز على العدالة الاجتماعية والاقتصادية والبيئية لهو خطوة هامة من أجل التنمية المستدامة (ESD) ،وتعليم المواطنة العالمية (GCED) والتعليم من أجل الصحة والرفاهية، وهذا يتطلب أن يكون التعليم تحويلياً لكل طالب في كل بلد، وخصوصاً في بلده الأم، ولتحقيق التحول في أنظمة التعليم ينبغي دعم المتعلمين من جميع الأعمار لرعاية بعضهم بعضاً وحماية كوكب الأرض، لخلق مجتمعات أكثر سلماً وعدالةً واستدامةً.
لقد قامت وزارة التربية في الجمهورية العربية السورية منذ عام 2015 بالبدء في التعليم التحويلي بالتعاون مع اليونسكو واليونيسيف حيث تم بناء المنهاج السوري الجديد أثناء الحرب لمساعدة المتعلّمين لمواجهة التحديات التي سبّبتها هذه الحرب، مثل التدهور البيئي، والأمراض، والعنف، والتطرّف، والتمييز، والفقر، إضافةً إلى مواجهة تحدي تراجع المعايير والنتائج التربوية في بعض المجالات الأساسية، مثل القراءة والكتابة والحساب. كما يقوم على إبراز أثر الإرث التربويّ السوري العريق في الوطن العربي والعمل على إحيائه. ويحوّل الأزمات إلى فرص لتعزيز مفاهيم التفكير المتقدّم. ويواكب أحدث المستجدّات العلميّة والتربويّة والتقنية وتطوير التعليم المهني ومؤسساته الإنتاجية ..
كل هذه الأعمال تمت في ظل حرب دائرة على سورية ضرب الإرهاب فيها البنى التحتية للنظام التربوي، فتخرَبت معظم مدارس سورية وحاول الإرهابيون تعطيل التعليم، وتفرقة المجتمع بشكل طائفي مقيت لم تعتده البيئة الاجتماعية السورية، كما حاولوا ترسيخ قيم جديدة في المجتمع تعتمد على التطرف والعنف وعدم الانتماء والولاء للوطن.
وقد أتت جائحة كورونا لتبشر بكارثة جديدة تهدد العالم بشكل عام وتشل النظام التربوي، لكن حكومة الجمهورية العربية السورية قررت الاستمرار بالتعليم رغم جميع الظروف، معتبرة أن التعليم من أساسيات الحياة مثل الطعام والماء والهواء ولا يجوز إيقافها مهما كانت الظروف ، وخطا المعلمون خطوة هامة للنهوض بالتعليم التحويلي بعد أن التقى معهم السيد الرئيس بشار الأسد رئيس الجمهورية في 17 آذار الماضي ووجههم إلى ضرورة التركيز على الالتزام في التعليم التحويلي وفق مهارات القرن الواحد والعشرين وتعزيز استراتيجيات التفكير الناقد والتحليل والاستنتاج وحل المشكلات وايجاد الحلول المناسبة له، واعتماد التعليم الافتراضي والحلول الرقمية. لذلك ستركز ورقة الجمهورية العربية السورية المقدمة إلى قمة التعليم التحويلي التي ستنعقد على هامش اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك حول تطوير التعلم التحويلي في ظل الحروب والكوارث” آخذة التربية والتعليم في الجمهورية العربية السورية مثالاً”، على أمل أن تستفيد من هذه التجربة العديد من الدول التي تتعرض يومياً للكوارث والنكبات ولا تجد حلولاً لقضايا التعليم فيها.
واختتم حديثه متمنياً للقمة النجاح لما فيه خير واستقرار المجتمعات.
يذكر أن جدول الأعمال تضمن جلسة افتتاحية ترحيبية، واستعراض التحديات المشتركة ووجهات النظر حول تحويل التعليم في منطقة غرب آسيا، ودور الشركاء الدوليين في هذا المجال، و مناقشات حول أفضل السبل التي يمكن لشركاء التنمية تجسيد مشاركتهم في المنطقة لدعم الحكومات الوطنية بشكل أفضل في تحويل التعليم، وتحديد الدور الذي يمكن أن تلعبه الأمم المتحدة والشركاء الآخرون متعددو الأطراف في دعم الحكومات الوطنية في مجال تغيير التعليم في المنطقة، وجلسة ختامية تضمنت رسائل للقمة التمهيدية والملاحظات الختامية.
ويأتي هذا الاجتماع اعترافاً بأن التعليم حق إنساني وأساس السلام والتنمية المستدامة ، حيث يعقد الأمين العام للأمم المتحدة قمة التعليم التحولي في أيلول 2022 في مدينة نيويورك التي تبحث في تجديد الالتزامات العالمية للتعليم كصالح عام، والمساعدة في تصاعد العمل للتعافي من الفاقد التعليمي المتعلق بالجائحة، وفي تنشيط الجهود لتحقيق الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة، وفي تحضير الأفضل للمجتمعات في المستقبل .