أمطار أيار تَهِبُ ينابيع وأنهار الحسكة الحياة
خليل اقطيني
أدت الأمطار الغزيرة التي شهدتها محافظة الحسكة في شهر أيار الحالي إلى تفجر الينابيع والآبار التي أصابها الجفاف، لتمنح بدورها الحياة لكل ما هو محيط بها من بشر وشجر وثروة حيوانية.
هذه الظاهرة التي أدت إلى جريان المياه في الأنهار فارتفع تدفق نهر الخابور من صفر إلى 75 م3/ثا عند مدينة الحسكة كان لابدّ من متابعتها. ففي منطقة جبل عبد العزيز – قرية مغلوجة قال أحمد الفرحان: في الجهة الشرقية من الجبل توجد أربعة ينابيع ، عادت الى التدفق بسبب غزارة الأمطار .
ويضيف: أما بالنسبة لنبع مغلوجة فتصب مياهه عبر ساقية في نحو 15 بئراً لها فتحات كبيرة تقدر بمترين ، وقد قامت الجهات المعنية بتركيب خزان بسعة 70م3 على هذا النبع، وتمديد خط بطول 1كم إلى منهل يغذي 10 قرى في المنطقة. هذا في الجهة الشرقية من الجبل, أمّا في الجهة الغربية فتوجد عدة ينابيع كعين أم السرج ، وعين الصفرة وعين النعجة التي مازالت تعطي مياهاً قليلة للمنطقة الموجودة عند أقدام الجبل الشمالية الغربية.
مع عودة هذه الينابيع والعيون إلى التدفق أصبحنا كما يقول الفرحان قادرين على تأمين المياه للشرب ولسقاية المزروعات والثروة الحيوانية, وعاد اللون الأخضر لتغطية سهول المنطقة, ما أدى إلى تأمين المراعي الطبيعية للثروة الحيوانية، و وفّر علينا المال اللازم للأعلاف، وبدأت تربية المواشي تدر أرباحاً فانتعشت المنطقة اقتصادياً.
البيئة الحاضنة للعيون والينابيع
وعن جبل عبد العزيز يقول مدير الزراعة المهندس علي الخـَلـّوف: يقع في الجزء الجنوبي الغربي من المحافظة، على بعد 35 كم من مدينة الحسكة، يبتدئ من الجنوب الغربي من نهر الخابور ويتجه غرباً إلى نهر الفرات، يتخلل الجبل الوديان المسماة بالثنايا وهي أربعة: ” مغلوجة ــ الجفر ــ البديع ــ الحجل” وتم اعتماد الجبل كمحمية بيئية عالمية.
ويحوي جبل عبد العزيز الكثير من عيون المياه الحلوة والمالحة، إلى جانب وجود مخزون مياه جوفي كبير بحسب الجيولوجيين. ومن أشهر هذه العيون *عين الغـرّة : ماؤها عذبٌ جارٍ, *عين مغلوجة : عين ماء وموقع أثري, *عين مخروم : وفي هذا الموقع عينان، واحدة مالحة برأس التل تصلح للزراعة والثانية ماؤها عذب اكتشفت حديثاً. *عين الحارَّة *عين مرثية : وهي مالحة لا تصلح للشرب .
*عين بلالة وأم ذكير : وهما عينان بينهما 3 كم، *عين شنَّة : وفيها سيلٌ جارٍ في الشتاء، مياهه غير صالحة للشرب ويكثر فيها دود العلق.
*عين تل فـوَّار : تقع شمال شنَّة لها نفس خواصها بالماء والتربة .
*عين أم مدفع : أغزر عيون الجبل من جهة الجنوب، وهي على بعد أقل من 2 كم من عين خويبيرة وشرقها بـ 3 كم عين زين المبرج وكلها تصلح للزراعة وليس للشرب .
*عين خنيزيز : مياهها مالحة لا تصلح للشرب.
مؤكداً أن هذه الينابيع تفجرت وعادت للجريان من جديد , ما أدى إلى انتعاش الزراعة وتربية الثروة الحيوانية.
19 نبعاً وعدة آبار عادت إلى الجريان
يؤكد مدير الموارد المائية المهندس عبد العزيز أمين أن الأمطار التي هطلت بغزارة في الأيام الأخيرة لم تؤدِّ إلى تفجر العيون والينابيع والآبار فحسب، وإنما إلى تفجر نحو 19 نبعاً وعدة آبار وعادت مياهها للجريان في مختلف أنحاء المحافظة بعد جفافها نتيجة قلة الأمطار لأكثر من عقد من الزمن ، وبلغت أعلى غزارة للينابيع نحو ألف ل/ثا في نبع السفان يليه نبع قصر ذيب 760 ل/ثا في منطقة المالكية، وتتراوح غزارة بقية الينابيع بين 70 و 400 ل/ثا.
وأبرز الآبار التي عادت إلى الحياة بئر عربي قديم في قرية توينان جنوب غرب مدينة الحسكة، كما تفجرت بئر تابعة لمديرية الزراعة في قرية أم مدفع جنوب المحافظة، علماً أن البئرين جافتان منذ أكثر من عشر سنوات.
وأضاف أمين : تعد منطقة جبل عبد العزيز من أغنى المناطق بعدد الينابيع والآبار، ويعد نبع خويبيرة من أغزر الينابيع في المنطقة بغزارة 900 ل/ثا، كما وصل تدفق المياه من نبع عين الحارّة في منطقة الجبل إلى 25 ل/ ثا.
أما بالنسبة للمنطقة الجنوبية من المحافظة فيقول: إن نبع الشيخ سليم من أهم الينابيع التي تغذي بحيرة سد الشهيد باسل الأسد جنوب الحسكة والذي استمر بالجريان طوال السنوات السابقة، إلّا أن جريانه خلال الأيام الأخيرة زاد كثيراً ووصل إلى 1200 ل/ثا. يليه نبع طابان الذي يقع على الضفة المقابلة لنبع الشيخ سليم بغزارة 950ل/ثا.
«من الجفاف إلى التدفق»
ويشير مدير الموارد المائية إلى أن تدفق هذه الينابيع يعود إلى تحسن الموازنة المائية، نتيجة الأمطار التي هطلت في الحوض الهيدروغرافي لنهري دجلة والخابور، والتي أسهمت بزيادة كمية المياه المخزنة في سدود المحافظة، وخاصة في سد الشهيد باسل الأسد جنوب الحسكة والذي حصل على مليوني م3 من المياه في يوم واحد. موضحاً أن أغلب الينابيع والآبار كانت جافة منذ أكثر من 10 سنوات لقلة الوارد المائي، مقارنة مع الكمية المستنزفة في أعمال السقاية والري سواء من الآبار الارتوازية أو من المياه السطحية للأنهار، ويعتبر تفجر الينابيع مؤشراً على تحسن الوضع العام للمياه الجوفية، وتوفير مخازين إضافية لاستخدامها في سقاية المزروعات، إضافة إلى أن مياه أغلبها صالحة للشرب.