الاستثمار المنسي..!

في كل مرة نكتب فيها يأخذننا القلم للحديث عن هموم الصناعة والاقتصاد والتسويق ومشكلات التدخل الايجابي والتهرب الضريبي والسلع المدعومة وغيرها من مشكلات لأنها أصبحت متلازمة مع حياتنا ونعيشها لحظة بلحظة ..
لكن القطاع المهم، الذي مازال يغيب في همومه ومشكلاته عن اهتمامنا والتعاطي معه مازال دون المستوى المطلوب رغم أهمية مكونه الاقتصادي, وحجم الأموال المستثمرة فيه، هو قطاع البريد..!
والذي يثير استغراباً واضحاً يحمل في طياته الكثير من التساؤلات حول الآلية التي يدار فيها هذا القطاع , وحجم الأموال المستثمرة فيه , ومَنْ المستفيد منها هل أصحاب الشركات الخاصة وحجمهم الحقيقي في السوق ..؟ والأهم من ذلك حصة الخزينة ونصيبها من العائد المادي للأموال المستثمرة فيه..!؟
وما يثير الاستغراب أكثر كثرة الأقاويل والأحاديث حول عدم التزام الخاص بدفع مستحقاته المالية من ممارسة الخدمات البريدية على حساب البريد الرسمي على امتداد الوطن ولكن في الأماكن التي تحقق الربحية السريعة بغض النظر عن البقعة الجغرافية التي تغطيها خدمة البريد الخاص ..!
وهنا لا نقلل من أهمية الدور الذي يؤديه وإنما نريد أن نضع بعض النقاط على حروف اقتضى الأمر الوقوف عندها مطولاً.. في مقدمتها المساحة التي يشغلها كلا القطاعين العام والخاص و(العائدية) الاقتصادية الناجمة عنها والربحية المتحققة والفائدة منها..!
وهذه المسائل تحتاج مزيداً من الوضوح في الإجابة وخاصة إذا علمنا أن القطاع الحكومي يحقق تعاملات مالية فعلية سنوياً تقدر قيمتها الإجمالية بعشرات المليارات سنوياً و وبحجم انتشار لا تتجاوز نسبته 5% من الحوالات البريدية في أغلبية الخدمات ويقدم هذه المليارات للخزينة فما بالك القطاع الخاص الذي يستحوذ على الحصة الأكبر من مساحة الخدمات البريدية مقابل القليل من ملايين الليرات تحصدها الخزينة العامة ..!
وبالتالي هذا الأمر يؤكد حدوث خلل كبير وحالة عدم توازن في السوق تميل كفتها لصالح القطاع الخاص بصورة مباشرة لأمرين اثنين الأول حجم التواجد في السوق للقطاع الخاص، والثاني يتعلق بمؤسسة البريد وعائدها الاقتصادي الكبير مقابل حجمها الصغير في السوق البريدية مقابل عشرات المليارات من الليرات , تقابلها ملايين صغيرة يدفعها الخاص ..!
من هنا نجد أن العدالة مفقودة في هذا القطاع رغم قوننة العمل وفتح باب المنافسة التي تفتقد أبسط مقوماتها في ممارسة المنافسة الشريفة , وما نحتاجه اليوم قوننة تحمل عدالة في التوزيع وإنصافاً للمستثمرين يتناسب مع حجم كل قطاع وما يقدمه من عوائد مالية لخزينة الدولة , ومساهمة في تحسين مستوى المعيشة , أم يبقى هذا القطاع قطاع الاستثمار المنسي ..!؟

Issa.samy68@gmail.com

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار