إشارات

1
مع الأسف لا تزال بعض العبارات التقليدية تتكرر في توصيف وتقييم تجربة بعض الشعراء, فما زلنا نقرأ اختصار تجربة الشاعر محمود درويش بـ«شاعر القضية»، برغم أن تجربته الشعرية خدمت القضية الفلسطينية كثيراً، لكن حتى ننصف المبدع درويش لا يجوز حصره بهذا اللقب، وهو طيف واحد من منجزه الإبداعي الذي لا تزال الدراسات النقدية تتناوله بالتحليل والتثّمين, ونستطيع القول الأمر ذاته فيما يخص تجربة الشاعر نزار قباني الذي يوسم غالباً بـ«شاعر المرأة»، وهو لقب يقزّم تجربة الشاعر ولا ينصف ما أنجزته من نقلات نوعية، في مقدمتها ما أنجزته على صعيد المعجم اللغوي الذي استخدمه الشاعر فغدا الشعر على يديه خبز الجميع. ولعل كتاب الناقد د. محي الدين صبحي «الكون الشعري عند نزار قباني» هو ما يفترض أن يقرأه أمثال المتمسكين بوصف الشاعر قباني بذلك اللقب.
2
يرى بعض الباحثين أن التلفاز هو أقل الوسائل الإعلامية خدمة للثقافة بمفهومها الفكري، فهو يناسب الرياضة والإعلام والإعلان أكثر مما يناسب الثقافة, بمعنى؛ إنه يناسب النشاطات التي نالت اجتماعاً في تعريفها، كالمباريات الرياضية، والتي لا يتأثر عدد مشاهديها بوطأة تفاوتهم الثقافي وتباينهم الاجتماعي, لكن وبرغم صحة هذا الرأي إلى حدٍّ كبير إلاّ أن التلفاز هو مجرد أداة يمكن لساعات البث الطويلة أن تضخ من خلاله ما تريد فترفع من مستوى المشاهدين كبرامج تحليل الأعمال الفنية، سواء كانت موسيقية أو درامية بتنوعها (المسرحي، السينمائي، التلفزيوني، الإذاعي)، أو فنوناً بصرية من تشكيل ورقص بأنواعه، أو فنون عمارة، أو الفنون الأدبية, وأن تكون حتى هذه البرامج التحليلية بمستويات فتحقق هدفها.
3
يحتّج كثيرون من الناس على أن يكون لمطلق شخص رأي أو موقفٌ من قضية ما أو من مثقف ما، وما إن يعلن ذلك الشخص موقفه أو رأيه حتى يسارعوا إلى شتمه بأحد أفراد عائلته، مع إن المنطق يقول: إن الردّ الصحيح هو في دحض فكرته أو مناقشتها وتبيان خطأ توجهها, بالمختصر المفيد ما زلنا في منأى عن ثقافة الاختلاف التي يجب أن تبدأ المدارس بتعليمها وتكريسها عند الأشخاص، حتى لا تظل العواطف الثأرية هي السائدة، وليصبح التفكير الصحيح من تحليل وتركيب واختلاف للوصول لما هو مشترك حول أي قضية هو الثقافة السائدة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار