الفنان عبد الرحمن أبو زهرة.. موهبة مخضرمة

تشرين- د.رحيم هادي الشمخي:

لا يوجد دور كبير ودور صغير، هناك فنان كبير وفنان صغير.. والفنان الكبير يولد ناضجاً، فالوعي يقوده، والحكمة تعرف طريقها إلى داخله حتى قبل أن تأتيه سنوات الخبرة بحصادها، وقد كان (عبد الرحمن أبو زهرة) فناناً كبيراً وأصيلاً.

الفنان عبد الرحمن أبو زهرة ابن دمياط الذي أعطى للمسرح قرناً من حياته، من بدء عمله عام 1958 في المسرح القومي المصري.. موهبة مخضرمة، عركتها الخشبة الأسطورية ذات الجلال والهيبة، أعطاها فأعطته وأخلص لها فمنحته أسرارها، واجتهد عليها فتوّجته فوقها رغم أنه لم يكن نجماً تطارده العدسات وتكتب عنه الشائعات.

هذا الفنان بدأ عشقه للفن في مدرسة (خليل آغا) الثانوية، وتسلم ذات يوم جائزة الممثل الأول في المدارس من الملك فاروق الأول، ظل راهباً في محراب المسرح، واخترق المهنة المبدعة، وسجل اسمه في تاريخ التألق منذ اليوم الأول الذي حلّ فيه بديلاً للممثل (كمال حسين) في مسرحية (بداية ونهاية).

لقد ظل عبد الرحمن أبو زهرة صاحب الأسلوب الخاص، وواجه بعض القيود في السبعينيات بسبب مواقف سياسية، لكنه كان ممثلاً محترفاً يحتفظ له الجمهور في ذاكرته بصورة ذهنية خاصة لا تُبدّل، بدءاً من أعماله العظيمة في مسرحيات (تاجر البندقية) و(زهرة الصبار) و(القضية المحروسة).. وحتى أدائه لدوره الرائع في مسلسل (لن أعيش في جلباب أبي).

إن داخل كل فنان مساحة ترغب في أن تلبي احتياجه للنرجسية، فإما إن يوظفها لمصلحة فنه، وإما أنها تأسره وتغتال فنه، وقد استطاع الفنان (عبد الرحمن أبو زهرة) أن يوظّف ذاتيته في الاتجاه الصحيح، فاجتهد فيما قدّم أياً كان حجم الدور الذي أدّاه، وحقق المجد الخاص به حتى لو كان من خلال أدوار صغيرة، فقد أعطاها ما تستحقه من جهد، فأعطته ما يستحق من مجد.

لذلك كله، ولغيره، نحن نقدم كل التقدير لمسيرته الفنية الحافلة بالإنجازات التي حققها على طريق الفن العربي الرائع.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار