أقدم كتاب في فن الطبخ! “الشاكرية” أشهى من “الكنتاكي” والتبولة أطيب من “المايونيز”
هدى قدور
مع إن الطعام السوري، هو الأشهى عالمياً، إلّا أن العولمة وتقليد الثقافات القوية، اكتسحا عادات الكثير من شعوب العالم.
فمال المتذوقون إلى (الكنتاكي) و(الكوردون بلو) والسلطات الغربية، متناسين طعم أكلات التبولة والمسبحة والقمحية أو “الهريسة” المتجذرة في بيئة المنطقة.
ولأن الشيء بالشيء يذكر، فإن اكتشاف أقدم كتاب في فن الطبخ يعود إلى عام 1750 قبل الميلاد أي قبل 3770 سنة خلت، وفيه 25 وصفة لطبخات شهيرة مكوناتها من بيئة المنطقة إذ تعتمد على لحم الضأن والماعز والبقر مع الخضار والفطر إلى جانب أكلات يدخل فيها التمر والزبيب والشعير.
طبخات لحوم الطرائد والحيوانات المدجنة، مسألة طبيعية منسجمة مع الواقع البيئي، لكن الأكلات الحديثة التي لم تعدّل شيئاً سوى في إكسسوارات الطعام وبهاراته أو رش بعض الجبنة المبروشة فوقه، جعلها معاصرة ومرغوبة بالنسبة للأجيال الحديثة التي لم تكتفِ بتقليد قصات الشعر واللباس والموسيقا والأغنيات، بل انتقلت إلى الطعام لأن تقليد القوي في كل شيء ينسجم مع منطق التاريخ كما يشير الباحثون.
اليوم يفضل الناس حليب البودرة، والمعلبات المستوردة، وخبز “التوست” والجبنة الفرنسية، مع إن الكثير من وصفات الطعام لدينا تضاهي تلك بعشرات المرات إن لم نقل أكثر، بل إن وصفات الطعام المحلية التي ضاعت عبر مئات السنين بسبب الاحتلالات والظروف الاقتصادية الصعبة التي مرت على المنطقة، أكثر من أن تحصى، وهذا ما تكشفه الآثار التي تكتشف في كل مرحلة كي تضيف إلى معارفنا الكثير حول عادات الأجداد في تلك المراحل.
اللوح المكتشف المشار إليه، وجده الباحثون في أرض الرافدين، وكان اللافت أنه يحتوي على وصفات لأطباق نباتية وأطباق تحتوي على اللحوم، وهذا إن دلَّ على شيء، فهو يؤكد حالة الرخاء الاقتصادي التي كانت سائدة في تلك الأيام إلى جانب الوعي الصحي والطبي، حيث تشير الحكم والنصائح المكتشفة إلى توصيات من أجل الحفاظ على جسم رشيق خالٍ من الأمراض.
“الشاكرية” أشهى من “الكنتاكي” و”التبولة” أطيب من سلطات “المايونيز”، لكن حمى التغريب وتقليد الآخرين لم تصل إلى الطعام مصادفة، بل مهدت لها عمليات تغريب للأدمغة وضياع للتراث وتفكك في الشخصية، هذا ما يؤكده أقدم كتاب للطبخ في التاريخ ألفه الأجداد.