عروس القلمون من أقدم مدن العالم.. وجهود أبنائها منصبة لإعادة رونقها السياحي

ريف دمشق- حسيبة صالح:
يبرود “عروس القلمون”، من المدن المهمة جداً على الصعيد الأثري توجد فيها مجموعة كبيرة من المواقع والأبنية الأثرية التي تعود إلى عصور مختلفة شهدت قيام كيانات سياسية كنعانية وآرامية، يعود أقدم ذكر لمدينة يبرود إلى كتابات الرُّقم الفخارية في بلاد ما بين النهرين وذكرها الجغرافي كلاوديوس بطليموس في كتابه الجغرافية، إذ تعد من أقدم المدن المأهولة في العالم ولا تزال نقوش الإنسان الحجري على عتباتها الصخرية، والقبور الملكية المحفورة في الجبال الصخرية شاهدة على قدمها، حيث كانت من أوائل المدن السياحية في سورية.
ما هو الواقع السياحي لمدينة يبرود بين الماضي والحاضر ؟
يقول المختص في شؤون يبرود التراثية مرعي البرادعي لـ”تشرين”: ينابيع بحيرة قرينا في يبرود التي كانت تغذي وتروي البساتين على أطراف مدينة يبرود وقرينا، وهي اختصار لكلمة (قرينانا) الآرامية السريانية وتعني (حورية الينبوع أو ربة الينبوع )، وقد أقام الأقدمون معبداً قرب رأس النبع لعبادة آلهة الينبوع وقد تحول هذا المعبد إلى دير للرهبان المسيحيين ثم تهدم وبقيت بعض حجارته حيث كان أبناء يبرود ينقلون هذه الحجارة المنحوتة لبناء منازلهم في البلدة.

البرادعي: توجد أندر مقابر محفورة في عمق الصخور في وادي قرينة وهناك مقبرة جماعية تضم ثلاثة وثلاثين قبراً نحتت تحت سقف مغارة طبيعية يصعد إليها بدرج صخري وتدعى النواويس

ينوه البرادعي لوجود أندر مقابر محفورة في عمق الصخور في وادي قرينة وهناك مقبرة جماعية تضم ثلاثة وثلاثين قبراً نحتت تحت سقف مغارة طبيعية يصعد إليها بدرج صخري وتدعى النواويس، وكانت هناك بحيرة تدعى بحيرة قرينة تغذيها الكثير من الينابيع كما يوجد إلى الآن نبع ماء عذب يدعى( عين كوشل ) وهو نوع من الينابيع الفرازية المستمرة والدائمة الجريان ولا تتأثر بكميات الأمطار والجفاف.
ويضيف البرادعي في أوائل القرن العشرين قام شفيق عقيل وهو من أبناء مدينة يبرود على تحسين المدينة من خلال زراعة الجبل المطل على عين كوشل بأشجار الصنوبر وحدد مجرى النهر الذي يمر بيبرود وزرع ضفاف البحيرة بالأشجار المثمرة المتنوعة وعمل على إنشاء المشتل الزراعي وتم تأسيس مقصف نبع قرينة ومقهى عين كوشل هذه المقاهي كانت تجذب السياح من كافة أنحاء سورية والعالم
وكان هنا عدد من الفنادق منها فندق يبرود الكبير بفرعيه، وثلاثة فنادق موزعة في المدينة، وهذه الفنادق كانت كلها محجوزة في أوقات الموسم الصيفي، و لجأ الكثير من الأهالي لتأجير المصطافين غرف في ببيوتهم، هذا كله كان له تأثير كبير على المجتمع اليبرودي، حيث أوجد جواً من التثاقف بكل مجالات الحياة، وكانت يبرود منذ قديم الزمان مشهورة بالزراعة والصناعة، وتعد سوقًا تجاريًا لكل القلمون ولقد كانت مصدراً للهجرات إلى أمريكا اللاتينية في أوائل القرن العشرين والكثير منهم أصبحوا تجارًا وصناعيين عادوا وأنشؤوا مصانع على مستوى الشرق الأوسط.

تأسف!
ويتأسف البرادعي إلى حفر الآبار العشوائي في محيط يبرود حيث وصل إلى ٣٥٠٠ بئر ما أدى لجفاف البحيرة والنهر وذلك بسبب الفساد وعدم تحمل المسؤولية في إعطاء التراخيص لإنشاء هذه الآبار وفقدت يبرود أهم مكون سياحي وبدأت تفقد الغطاء النباتي.

واقع سياحي ضعيف
ويضيف البرادعي: الواقع السياحي الحالي لمدينة يبرود ضعيف لافتقارها للمنشآت السياحية كالفنادق والمطاعم وقلة الأنشطة الثقافية والاجتماعية والتربويّة والرياضية ونقص الاهتمام بالبيئة..
“يبرود تستحق أن تعود كمنطقة سياحية وتراثية” بهذه العبارة بدأ المستثمر رامي المغربي حديثه لـ”تشرين، ولن تعود إلّا بجهود أبنائها، رغم التحديات الاقتصادية مثل تكاليف الإنتاج المرتفعة وضيق السوق المحلية، لذلك قررت أنا وأخي أمير المغربي إعادة استثمار مقصف قرينة والذي دمر بشكل كامل أثناء الحرب على سورية لإحياء السياحة في يبرود.
ونوه المغربي بالتعاون الكبير والدعم اللوجستي من قبل مجلس بلدية مدينة يبرود ويؤكد على مساهمة الكثير من الشباب اليبرودي وبشكل تطوعي لإعادة بناء وتنظيم المقصف، مشيراً إلى أن هذه المحبة تجعله لا يهتم للمردود المادي، لافتاً إلى مساهمة مدير بصمة شباب سورية في يبرود أحمد القاري، بإقامة حملة إعلانية كبيرة حول عودة المقصف للعمل من جديد، داعياً المستثمرين لفتح مشاريع سياحية لإتاحة فرص عمل للشباب في ظل هذه الظروف.
يشار إلى أن مدينة يبرود كانت من أهم المدن السياحية في سورية، حيث كانت مقصداً للملكة زنوبيا مصيفاً لها، وشهدت زيارة العديد من البعثات الأجنبية لدراسة آثارها وأوابدها التاريخية وخاصة الألمانية.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار