القطبة المخفية!
على وقع ارتفاع الأسعار انقسم المجتمع إلى فئتين: فئة تقتنص الفرص للتحكم بمصير المواطن، والفئة الأعظم تتهاوى نحو قاع الفقر وتختنق بعجزها عن تدبير أبسط مقومات الحياة، فقد طالت الارتفاعات الدواء والوقود والنقل وحتى الغذاء، وبات الشعور أن هناك قطبة مخفية تدير شؤون الأسواق، ليقف المواطن وحيداً يواجه قرارات لا تصبّ بكل الأحوال في مصلحته، وليقف عاجزاً أمام تجار امتهنوا اللعب في لقمة عيشه!
المضحك المبكي أنه رغم تدهور الحالة المعيشية للناس، لا يزال بعض المعنيين ينظمون قصائد البكاء على الأطلال وأن غايتهم وبوصلتهم المواطن الذي صار من المنسيات!
الاعتراف بالواقع قد يكون بداية الحل، لكن حقيقة الأمر أننا نعيش مرحلة النكران وأن كل شيء تحت السيطرة، والمعزوفة الوحيدة التي يتغنون بها بضعة ضبوط تموينية لصغار الباعة بينما من يحكم قبضته على السوق ويتاجر بحاجة الناس وفقرهم يفرض أسعاره وفق مزاجية غريبة من دون رادع ومن دون محاسبة!
ما يحدث باختصار؛ فلتان سعري وجودة غذائية مفقودة، وأسواق بلا ضوابط واستغلال وجشع من التجار والمستوردين، وبعد كل ذلك يقولون إن الخيرات تعم الأسواق، والكلام لا غبار عليه ولكن من يجرؤ على الاقتراب والشراء؟
اليوم ومع تحرير الأسعار فإن الأوضاع المعيشية قد تزداد سوءاً إذا لم يتم اتخاذ إجراءات لدعم القوة الشرائية للمواطن ترافقها زيادة إنتاج وكسر احتكار المستورد الوحيد لأي مادة لخلق جوٍّ من التنافس في السعر والجودة وإلّا سنبقى ضمن دوامة لا تنتهي!
حركة الأسواق حالياً تؤكد أن الأسعار عادت للارتفاع بقوة من جديد، تارة بفضل قرارات رفع للسعر يقال عنها “تعديلات” وفي كثير من الأحيان استسلام لإرادة التاجر والمستورد الذي يحتكر ويفرض إرادته بما يلائم جيبه ومصلحته، ويبقى المواطن يتلقى الصفعات من وراء تصريحات تأتي من معنيين يعيشون على كوكب ثانٍ، ومن خلال قرارات تزيد الفقير فقراً، ويبقى الحل بموازنة الأجور مع جنون الأسواق، أما زيادة الإنتاجية حتى الآن فهي مجرد كلام!