النفايات الطبيَّة كارثة حقيقيَّة تُنذر بأزمات مستقبليَّة
بارعة جمعة:
مُخلَّفاتٌ طبيَّة مُعدية أو قابلة للتحلُّل تنشأ من المختبر، ما يجعل من فكرة التخلُّص من مخلَّفات الكائنات الحيويَّة أو المواد العضويَّة التي تُنذر بكوارث بيئيَّة وصحيَّة أمراً ضروريَّاً، هذه الأفكار وغيرها كانت محور اللقاء الذي نظَّمته جمعية أصدقاء دمشق ضمن محاضرة ألقاها الدكتور “نادر شغليل” وقدمتها الدكتورة الصيدلانية “هالة شاهين” من اللجنة العلمية للجمعية، متناولين من خلالها مفهوم النفايات الطبية وأهمية التخلص منها.
أساليب خاطئة
يتخلص المختبر من النفايات الطبية كغيرها من النفايات الأخرى، متجاهلاً مخاطر هذا الفعل على من سيعمل بترحيلها ونقلها فيما بعد، واللافت اليوم لجوء الكثير لرمي الإبر التي تعد من مخلفات العمليات الجراحية في المشافي دون شعور بالمسؤولية أمام خطورة هذا الفعل الذي وصفه الدكتور نادر شغليل بالجريمة التي يجب أن يعاقب عليها القانون، الأمر الذي اعتبره مستفزاً ويرفع درجة الحساسية لهذا الفعل من قبله، فاليوم وضمن المشافي بكافة أنواعها ننقذ مريض ونلحق الأذى بالكثيرين، وذلك عبر التعاطي غير الصحيح من قبل المعنيين في القطاع الصحي مع أسلوب التخلص من هذه النفايات بطرق مريحة وجعلها بأماكن خاصة بها.
وما يجهله البعض اليوم، هو أن كل ما ينتج عن المريض يُصنَّف ويُعامل معاملة النفايات الطبيَّة حسب توصيف “شغليل”، كما تتحمل المشافي ومعامل الأدوية النسبة الأكبر من المسؤولية في نشوء هذه النفايات والتي وصلت لمعدل ٨٠% لهم، فإذا أردنا محاصرة هذا الأمر علينا البدء منهم بالدرجة الأولى، فكل ما ينتج عن العمل الطبي كالأدوات والأغطية وغيرها تعتبر نفايات، كما أن الاكتفاء بعملية المسح بواسطة الكحول غير كافي برأيه.
مصادر التلوُّث
الإنسان هو المسبب الأول لهذا الفعل، وعليه تحمُّل نتيجته كما أنه هو من سيدفع الثمن في النهاية برأي شغليل، لكونه يمثل مصدر الخطر والسبب لحالات التلوُّث الاشعاعي والغازي والكيميائي أيضاً، فاللجوء لأعمال مثل “نبش القمامة” التي باتت ظاهرة بصورة جليَّة لدى شريحة كبيرة من الناس، والتي تمثل السير بحقل ألغام تمثل كارثة انسانيَّة وسيدفعون فواتير مؤجلة الثمن لها.
فالجمع بين النفايات الطبية والعادية بمكان واحد، يرفع احتمالية الإصابة لدى عمال النبش والنظافة بإصابات التسمم والانتانات الجروح والحروق بنسبة عالية برأي شغليل، والكثير من الاصابات التي وصلت لحدود “الإيدز” أيضاً، والاستمرار بالتخلص منها بطرق غير صحيحة سيضاعف الأمر أكثر مستقبلاً.
ونجد البعض يلجأ الكثير لأسلوب الحرق، ظنَّاً منهم بقدرته على التخلص من هذه الأدوات، دون النظر لعدم قدرته سوى على حرق الطبقة الخارجية، عدا عن إصدار غازات سامة تحمل مواد كيميائية، ومن هنا يمكننا القول بأن الحرق يقضي على ٩٩% من البكتيريا والجراثيم ولكنه يعجز عن القضاء على المواد الكيميائية ولا يعتبر الطريقة الأمثل.
كما يعد البعض أيضاً، أن لطرق “الاوتوكلاف” التي يعتمدها الحلاقين وأطباء الأسنان بإدخال أدوات العمل وإخضاعها لدرجة حرارة معينة، و “المايكرويف” القائم على رفع حرارة السائل داخل الكائن الحي بأنهما فعَّالتان، متجاهلين التكاليف العالية لاستخدام كل منهما، وصعوبة استخدامهما لكافة الأدوات كالمعادن، ليبقى ردم هذه النفايات، والتي تتسبب بتلوث بيئي مناخي، الطريقة الأنجع في حال غياب الحلول الأخرى.
إرشادات العمل
لدينا قانون للتعامل مع النفايات، ولكن المعيب هو عدم تطبيقه من قبل الناس برأي شغليل، كما أنه من الواجب استقاء الطرق من الواقع المعاش، فاللجوء لجمع الشاش الملوث وأدوات الأطباء ضمن كيس أصفر وتمييزه بعبارة “خطر النفايات الطبية”، ووضعه في مكان مخصص لها من الوسائل السهلة وغير المكلفة للفريق الطبي، ليأتي دور التوعية والتثقيف فيما بعد للناس كدور رئيسي في تنمية الثقاقة الطبية برأيه.
ويبقى العمل ضمن معقمات ومواد تنظيف السبيل الأفضل لتلافي هذه المشكلة، عدا عن تقليص حجم النفايات واختصارها لتسهيل التعاطي معها والعمل على فرزها أيضاً، حيث تمثل العشوائية في العمل أبرز الأسباب لنشوء هذه النفايات برأي الدكتور شغليل، داعياً المعنيين ضمن القطاع الصحي لتدوير الأدوات القابلة للاستخدام، والتعامل مع النفايات بطريقة التسجيل والتدوين للمراحل التي تمر بها كافة، وتقييمها بشكل دوري يومي أو أسبوعي، واعتماد الإحصاء كوسيلة لرصد هذه الخسائر.