تأكل حالها بحالها..!

وجدت المدارس الفنية مع نهاية القرن التاسع عشر، وذلك من خلال تجمعات الفنانين الفرنسيين الذين عاصروا النهضة الصناعية في أوروبا، وأرادوا أن يطرحوا أفكاراً جديدة حول رؤيتهم للحياة من حولهم، وأن يطوروا اللوحة الفنية في موازاة التطور الذي حدث في الشعر والمسرح والرواية.. والتطور الذي حدث في الصناعة..!

واليوم فإنّ نمط الحياة نفسها يتغير مع الزمن، تتغير التقاليد، واللغات، ووسائل الاتصال، وحتى مشاعر الناس، وأحلامهم، ومخاوفهم، وطموحاتهم، فلماذا إذاً لا تتغير الكتابة والرسم و العمارة، والموسيقا، والسينما مثلاً..؟!
منذ مدة طويلة– على سبيل المثال- بدأ الاتجاه نحو السينما الرقمية الفضائية، والاستغناء عن الشكل المألوف للمادة المصورة، وآلة العرض المبرمجة في بثٍّ فضائي من محطات منتجة – موزعة، إن الحياة مفتوحة دائماً على التجديد، ولكن مشكلتنا أننا نستقبل أكثر مما نرسل، وإذا كان الإبداع عموماً يعتمد على الموهبة الشخصية، فإنّ ربط الثقافة والإبداع بالحياة والاقتصاد هو الضمان للتطور والتجديد..!
قد يكون الحديث عن المدارس الفنية انتهى؛ لكنها مازالت موجودة، ومازالت الأجناس الأدبية والتشكيلية بتعددها تنتمي بشكلٍ أو بآخر لهذه المدرسة أو تلك، وفكرة المدرسة أساساً، هي تعبير حضاري لفكرة التعددية الفكرية – الإبداعية، وإذا دققنا جيداً في المئة عام الأخيرة، سنكتشف للأسف إن هذه المدارس بمجموعها تقريباً نشطت إن لم نقل نشأت في المجتمعات الغربية الأكثر تقدماً: فكرياً، سياسياً، اجتماعياً .. وإن النتاج العربي الإبداعي المواكب لهذه المرحلة ما كان إلا انعكاساً لتلك المدارس الخارجية، أو بشكلٍ أدق؛ كان المبدعون العرب مجرد تلاميذ وحسب، حيث اكتفوا بالانتماء إلى هذه المدرسة أو تلك، ولم يستطيعوا تأسيس مدارسهم الخاصة – رغم بعض الأسماء القليلة جداً- رغم أن الأدب العربي القديم، ولمن يدقق في إعجازاته المتعددة، استطاع أن يؤسس لأهم المدارس الأدبية التي عرفتها البشرية، لكننا- كما نحن دائماً– خسرنا كلّ شيء، واستطاع الغربيون حتى الإدعاء أنهم من فكّر وأسس هذه المدارس، التي صرنا ننتمي إليها..!
في المشهد الثقافي السائد اليوم، فقد حلت محل تلك المدارس الدارسة مسميات أخرى كالشللية مثلاً، وهي جماعات قطرية تسعى لشل وإلغاء بعضها بعضاً، أو ما يُسمى بنهج مدروس لإلغاء الآخر الذي لا ينتمي إلى هذه الجماعة، هي جماعات تأكل حالها بحالها في النهاية، ولا تستطيع أن تترك بصمتها، لأنها أساساً بلا بصمات، ونمت على حساب البصمات الأصيلة..!!!
……………………………………………………….

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
سورية تدين اتهام الاحتلال لـ«أونروا» بالإرهاب وتؤكد أنه يأتي ضمن محاولاته لإنهاء دورها وافق على تأمين 5 آلاف طن من بذار البطاطا.. مجلس الوزراء يعتمد الإطار الوطني الناظم لتبسيط إجراءات الخدمات العامة 1092طالباً بالثانوية العامة استفادوا من طلبات الاعتراض على نتائجهم قيمتها ١٥٠ مليون ليرة.. أين ذهبت مولدة كهرباء بلدة «كفربهم».. ولماذا وضعت طي الكتمان رغم تحويل ملفها إلى الرقابة الداخلية؟ الديمقراطيون الأميركيون يسابقون الزمن لتجنب الفوضى.. الطريق لايزال وعراً وهاريس أفضل الحلول المُرّة.. كل السيناريوهات واردة ودعم «إسرائيل» الثابت الوحيد هل هي مصادفة أم أعمال مخطط لها بدقة «عائلة سيمبسون».. توقع مثير للجدل بشأن مستقبل هاريس تطوير روبوتات لإيصال الأدوية عبر التسلل إلى دفاعات الجسم المكتبة الأهلية في قرية الجروية.. منارة ثقافية في ريف طرطوس بمبادرة أهلية الأسئلة تدور.. بين الدعم السلعي والدعم النقدي هل تفقد زراعة القمح الإستراتيجية مكانتها؟ نقص «اليود» في الجسم ينطوي على مخاطر كبيرة