حرب معنويات تستشرس ضد جمهور المقاومة.. هوكشتاين وماكغورك إلى المنطقة غداً ‏لبحث إمكانية إطلاق تفاوض جديد يُنهي الـ1701‏

تشرين- مها سلطان:
حرب معنويات ضد جمهور المقاومة اتسعت واستشرست في الأيام الماضية استباقاً لوصول ‏المستشارين الأميركيين آموس هوكشتاين وبريت ماكغورك، وهي تتركز في أساسها على ‏تسريبات لا تتوقف يدعمها توحش إسرائيلي في القتل والتدمير من غزة إلى لبنان، يدفع باتجاه ‏إظهار هوكشتاين وماكغورك كـ«مبعوثي خلاص» لا مناص من الاستماع إليهما والأخذ بما ‏يحملانه.. أي بما يريده الكيان الإسرائيلي ميدانياً وسياسياً وعلى المدى الطويل. ‏
ومن التسريبات فإن هوكشتاين وماكغورك يحملان ما هو أوسع من مسألة تعديل القرار ‌‏1701 باتجاه فرض شروط إسرائيلية تتركز في أمرين: فصل لبنان عن غزة، وإبعاد المقاومة ‏اللبنانية/ حزب الله إلى ما بعد نهر الليطاني، ورغم أن وصولهما مقرر غداً الخميس إلا أن ‏حرب المعنويات ضد جمهور المقاومة تركزت في الأيام الماضية على إشاعة أن الحزب وافق ‏على كلا الأمرين، وأن المبعوثين الأميركيين يعودان إلى المنطقة بناء على هذه الموافقة، وأن ‏انتخاب الشيخ نعيم قاسم أميناً عاماً للحزب يصب في سياق حاجة الحزب إلى التفاوض تمهيداً ‏للقبول بما هو معروض، ومن ثم يقوم الحزب بالتعامل مع التداعيات المترتبة وانعكاساتها ‏على جمهوره وعلى ساحات الإسناد الأخرى.‏
وعلى زعم أن الحزب موافق سلفاً وأن التفاوض غطاء فقط، فإن حرب المعنويات تركز على ‏أن الكيان الإسرائيلي وصل في النهاية إلى ما يريده، أي الانتصار واستعادة قوة الردع، بينما دفع ‏محور المقاومة تكلفة باهظة جداً، حاضراً ومستقبلاً، أي الهزيمة وخسارة معادلة توازن الردع.‏

حملة تسريبات تستهدف كسر معنويات جمهور المقاومة عبر تصعيد الحديث عن مسار ‏تفاوضي مقبل يُحجّم حزب الله ميدانياً وسياسياً من دون أن يتمكن من الاعتراض عليه أو منعه

من يقف وراء هذه التسريبات يتوهم أمرين: الأول أن جمهور المقاومة ساذج إلى الدرجة التي ‏ينساق فيها لمعطيات العدو، وهو الذي له باع طويل – على مدى عقود المقاومة الطويلة – ‏بالتحليل والربط والتمييز والتفسير واستخلاص النتائج بنفسه. والأمر الثاني أن جمهور المقاومة ‏تملكه اليأس والانهزام بفعل خسارة كبار قادته من جهة، وبفعل أقصى التوحش الذي يمارسه ‏الكيان في غزة ولبنان، ووقوف المجتمع الدولي صامتاً متفرجاً، من جهة ثانية.‏
الأكيد الذي يتعامى عنه العدو أن جمهور المقاومة لا يفكر ولا يقرر بهذه الطريقة، وهو عملياً ‏يجيد التعامل مع التسريبات، ويجيد الانتظار والصبر حتى يتأكد ويتوثق، وبعدها لكل حادث ‏حديث.. وهو بالعموم لا يقف ضد التفاوض والوصول إلى تسوية تنهي الحرب، لكنه بالمقابل لم ‏يعلن ولا في أي وقت تعبه من المواجهة وانهزامه.. وهو بالعموم أيضاً لن يكون ضد أي اتفاق ‏تبرمه المقاومة مادامت هناك مصداقية وثقة بما تقرره وبما تراه صائباً.‏
وإذا ما انتقلنا من العموم إلى الخصوص، وعلى فرض صحة أن التفاوض سيقوم في أحد ‏جوانبه على تراجع حزب الله إلى ما بعد نهر الليطاني، فأي مكسب سيتحقق للعدو من وراء ‏ذلك.. أي فرق بين وجود حزب الله ما بعد أو ما قبل الليطاني مادامت الجغرافيا ستبقى ‏امتيازاً له ولو ابتعد بضعة كيلومترات؟ وكيف يضمن العدو ويطمئن إلى أن صواريخ ‏ومسيّرات الحزب لن تطوله.. أي فرق تشكله الجغرافيا بوجود الصواريخ بعيدة المدى ‏والمسيّرات؟
عملياً، لا فرق.. وقس على ذلك بقية بنود التفاوض التي تعرضها التسريبات، وعلى فرض أنها ‏صحيحة، وعلى فرض أيضاً أن حزب الله موافق عليها ولم يبقَ سوى التوقيع الذي سيحمله ‏هوكشتاين وماكغورك إلى الكيان الإسرائيلي، ثم تنتهي الحرب على لبنان وفق ما يروجه ‏الأميركي، أما الحرب على غزة فهي بحكم المنتهية، حيث لم يبقِ فيها الكيان لا بشراً ولا حجراً ‏في خطة ممنهجة لإعادة استعمارها. ‏
‏ ‏
ماذا في التسريبات؟ ‏
مع ذلك لنعرض ما تقوله التسريبات التي أجملها موقع «أكسيوس» الإخباري الأميركي ‏اليومين الماضيين نقلاً عن مسؤولين أميركيين، تحدثوا له عن خطة أميركية جديدة يحملها ‏هوكشتاين وماكغورك إلى لبنان (والمنطقة).‏

وحسب الموقع فإنه من الممكن التوصل إلى اتفاق ينهي القتال بين الكيان وحزب الله في ‏غضون أسابيع (قبل نهاية هذا العام)، مشيراً إلى أن بنيامين نتنياهو، متزعم حكومة الكيان، ‏يبدي موافقته على الخطة ويسعى باتجاه التفاوض.‏

جمهور المقاومة وبعد عقود طويلة بمواجهة العدو الإسرائيلي هو أكثر من يجيد التعامل مع ‏التسريبات إلى جانب الانتظار والصبر وهو لم يعلن ولا في أي وقت تعبه وانهزامه

ونقل «أكسيوس» عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين اعتقادهم بأن «حزب الله أصبح أخيراً على ‏استعداد للنأي بنفس عن حماس وعن قطاع غزة».‏
ويشير الموقع الأميركي إلى أن تصريحات محمود قماطي، نائب رئيس المجلس السياسي ‏لحزب الله، بأن الحزب لم يصله «أي مشروع أو مبادرة سياسية بشكل رسمي، وأن أولوية ‏الحزب الآن هي الميدان»، مشدداً على أن حزب الله لا يقبل بأي تفاوض تحت النار، قائلاً: ‏ليتوقف العدوان ونحن جاهزون للبحث في كل المسائل السياسية».‏
ووفقاً لموقع «أكسيوس» فإن الخطة/ الاتفاق موضع البحث، يتضمن إعلان وقف إطلاق نار ‏تتبعه فترة انتقالية لمدة 60 يوماً، وهو مبني على إعادة تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم ‌‏1701، كما سينقل حزب الله أسلحته الثقيلة شمال الليطاني خلال الفترة الانتقالية التي تتضمن ‏أيضاً انتشار الجيش اللبناني «8 آلاف جندي» على طول «الحدود».. في حين يسحب الكيان ‏جيشه إلى ما بعد «الحدود» تدريجياً.‏

جمهور المقاومة لا يقف ضد التفاوض والوصول إلى تسوية تنهي الحرب ولن يكون ضد ‏أي اتفاق تبرمه المقاومة مادامت هناك مصداقية وثقة بما تقرره وبما تراه صائباً

هنا لا بد من إعادة التذكير والتأكيد أن جيش الكيان تعرض ويتعرض يومياً لخسائر ‏كبيرة، ويعجز عن التقدم على الأرض لمسافات طويلة بفعل المقاومة الشرسة التي يواجهها ‏من مقاتلي حزب الله، حيث كان الكيان أعلن أمس عن مقتل 90 جندياً له منذ بدء عمليته البرية في ‏لبنان قبل نحو شهر، ومن ضمن هؤلاء مقتل 10 عسكريين وإصابة 20 آخرين قبل أيام في ‏عملية نوعية للمقاومة، وعلى إثرها علق وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت بالقول: إنه ‏يوم صعب، يستدعي أن تبقى «اسرائيل» متحدة من أجل الوقوف بثبات.‏
يأتي هذا بالتزامن مع ما تعلنه عدة وسائل إعلام إسرائيلية مؤخراً من أن جيش الكيان اقترب من ‏إنهاء عمليته البرية، وأنه أبلغ نتنياهو بأن الوقت حان لإنهاء القتال مع حزب الله.‏

ميدان الشمال
قياساً لما سبق يبدو ميدان الشمال غير معني بكل تلك التسريبات، فقد أعلن حزب الله أنه ‏استهدف فجر اليوم تجمعات لقوات الاحتلال عند أطراف بلدة الخيام (بلدتي العمرا ‏واليعقوصة) بصليات صاروخية عدة مرات، وذلك في وقت لاحق على غارات إسرائيلية ‏استهدفت مناطق الصرفند وحارة صيدا والبازورية في الجنوب الليلة الماضية وأسفرت عن ‏استشهاد 14 مواطناً وإصابة 63 آخرين. ‏
وفي وقت سابق أعلن الجيش الإسرائيلي أن حزب الله أطلق 75 صاروخاً على مدار يوم أمس ‏الثلاثاء، وهو ما يتناقض عملياً مع التسريبات الآنفة الذكر، ومع مزاعم غالانت بأن حزب الله لم ‏يتبقَ من قدراته الصاروخية سوى 20% مما كان لديه.‏
وعن ميدان الشمال، جاء في صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية أن المفاوضات ‏المتعلقة بلبنان وصلت إلى مراحل متقدمة، لكن القتال لن يتوقف بغرض المفاوضات، بل بعد ‏التوصل إلى اتفاق نهائي.‏
وأعادت الصحيفة الإسرائيلية نشر ما جاء في موقع «أكسيوس»، مضيفة عليه أن الاتفاق ‏المحتمل سيشمل أيضاً «إنشاء آلية دولية للتنفيذ والإشراف تمكّن الأطراف من الإبلاغ عن ‏الانتهاكات – وهذه الآلية هي مطلب إسرائيلي»، مشيرة إلى أن الاتفاق المحتمل «يمنع إعادة ‏تسليح حزب الله كجزء من التفاهمات التي ستنهي الحرب». ‏

غزة / بيت لاهيا
في الأثناء تتسع التحذيرات من مخططات إسرائيلية مبيتة لإعادة احتلال قطاع غزة، بدءاً من ‏الشمال، بدليل عمليات القصف الوحشي التي تطول مناطق الشمال والتي لا تستثني لا بشراً ولا ‏حجراً.. فالكيان يريد تحويل الشمال إلى «أرض محروقة» تسهل عليه إعادة الاحتلال ‏والاستيطان، ولن يمنعه أحد، لا أميركا ولا المجتمع الدولي، ولا حتى الأمم المتحدة التي ‏اكتفت بـ«القلق» من القرار الإسرائيلي بحظر عمل وكالة «أونروا» من دون أي إجراء عملي ‏أو حتى مطالبة الكيان بالتراجع عنه.‏
وبعد القرار اتسعت عمليات قصف الشمال، في تعميم للمجازر، وآخرها مجزرة في بيت لاهيا ‏أمس راح ضحيتها 100 فلسطيني معظمهم أطفال، وعشرات الجرحى والمفقودين.‏
وبرر جيش الاحتلال المجزرة بأنه كان يبحث عن أحد المطلوبين الذي تم رصده في المنطقة. ‏
وكان المتحدث باسم مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان جيريمي لورانس قال: ‏إن الأمم المتحدة «مذهولة» من الغارة الإسرائيلية على بيت لاهيا، ووصفها بأنها «واحدة من ‏أكثر الضربات دموية في غزة منذ ما يقارب 3 أشهر».‏
ووصفت الخارجية الأميركية هذه الغارة بالمروعة، وقال المتحدث باسمها ماثيو ميلر: ‏الولايات المتحدة تشعر بالقلق من عدد القتلى الذين سقطوا بهجوم إسرائيلي على مبنى ‏سكني في بيت لاهيا شمال القطاع.‏

التحذيرات تتسع من مخططات إسرائيلية مبيتة لإعادة احتلال القطاع ولن يمنعه أحد من ذلك ‏لا أميركا ولا المجتمع الدولي ولا حتى الأمم المتحدة

وأشار ميلر إلى أن مسؤولين أميركيين تواصلوا مع حكومة الكيان لمعرفة ما حدث، مضيفاً إنه لا يستطيع الحديث عن إجمالي عدد القتلى، لكنه على علم بتقارير تفيد بأن كثيرين منهم ‏أطفال.‏

مجازر معممة في كل القطاع
هذه المجزرة أعقبها قصف على مخيم نازحين في دير البلح وسط غزة، أسفر عن استشهاد 3 ‏فلسطينيين وإصابة آخرين، بينما قصفت الزوارق الإسرائيلية شاطئ النصيرات وسط القطاع، ‏وفي شمال القطاع قُتلت طفلة بالقصف الإسرائيلي المستمر على مخيم جباليا فجر اليوم ‏الأربعاء، وتم سماع انفجارات عنيفة ناتجة عن نسف مبان سكنية غرب مخيم جباليا.‏
وفي مدينة غزة، أطلقت الآليات العسكرية الإسرائيلية نيرانها على حي تل الهوا جنوب غرب ‏المدينة، تزامناً مع إطلاق نار من الآليات جنوب المدينة.‏
وفي جنوب القطاع أطلقت الدبابات الإسرائيلية النار صوب خيام ‏النازحين في منطقة المواصي غرب مدينة رفح.‏
من جهتها أفادت وسائل إعلام فلسطينية بوقوع إصابات في صفوف الأطفال من جراء قصف ‏القوات الإسرائيلية منزلاً في منطقة الشيخ ناصر شرق مدينة خان يونس.‏
وكانت وزارة الصحة في قطاع غزة أعلنت أمس الثلاثاء ارتفاع حصيلة شهداء القصف ‏الإسرائيلي المستمر على القطاع إلى 43 ألفاً و101 شهيد و223 إصابة منذ 7 تشرين الأول ‌‏2023.‏

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
الرئيس الأسد يبحث مع الأمير محمد بن سلمان أهمية تنفيذ مخرجات القمة.. ويبحث مع ‏السوداني العلاقات الثنائية وفد سورية إلى الاجتماع الدولي الـ 22 بصيغة أستانا يلتقي الوفدين الروسي والإيراني والبحث يتناول جدول أعمال ‏الاجتماع شارع حطلة الرئيسي في دير الزور.. وعود تزفيته داهمتها الأمطار والمفاجأة 100 متر من أصل كيلومترين! "رؤى لتطوير منظومة العمل التربوي" في ورشة عمل.. الجلالي خلال لقائه مجلس نقابة الفنانين المركزي: اهتمام الحكومة بتعزيز تنافسية ‏المنتج الدرامي الوطني والارتقاء به ١٤٠ ألف معاملة.. و ٩.٥ مليارات ليرة إيرادات نقل حماة بالتعاون مع "الفاو".. البحوث العلمية الزراعية تنجز برنامجاً حديثاً لردم فجوة الري هل تنخفض الأسعار قريباً؟.. موسم البطاطا الخريفية على الأبواب وبواكير الخضار الشتوية تدخل الأسواق استجابة لما نشرته «تشرين».. البدء بإصلاح خط للصرف الصحي يصب في نهر العاصي غزة ولبنان على طاولة قمة عربية – إسلامية غير عادية.. هل حان الوقت للانتقال من مناخ أميركي إلى مناخ عربي إقليمي ؟