صعوبات تعرقل الأهالي لتأمين البيئة الدراسية الملائمة للطلاب.. اختصاصية نفسية: لا بدّ من التعاون الدائم بين الأبناء ومعلميهم
تشرين- ياسر النعسان:
يلعب الأهل دوراً كبيراً في تأمين البيئة الدراسية للطلاب لرفع مستواهم الدراسي, وخصوصاً في هذه المرحلة الصعبة التي تمر فيها المدارس, ولاسيما الحكومية، التي لم تعد قادرة دوماً على تأمين الكادر التدريسي الكفء, والكامل في ظل تهرب المدرسين من التدريس, وهروبهم للمدارس الخاصة بسبب تدني الرواتب الحكومية, وارتفاعها عند الخاصة, إضافة إلى أنّ طلاب المدارس الخاصة يستدعون مدرسيهم للبيوت للحصول على الدروس الخصوصية, وهذا يعطي دخلاً إضافياً للمدرسين, من هنا يأتي دور الأهل في تأمين البيئة الدراسية السليمة لأبنائهم كي يتمكنوا من تحصيل أكبر ما يمكن من العلم, لينالوا الدرجات التي تحقق لهم مستقبلاً مشرقاً بالاختصاص الذي يرغبون, من خلال الأجواء الدراسية المريحة في البيت, وتأمين كادر تدريسي يسد فجوة الخلل, أو النقص التي يحدثها بعض المدرسين غير الأكفاء, أو لعدم توفر مدرس لبعض المواد, من هنا يأتي دور الأهل المهم الذي لا غنى عنه في تأمين البيئة الدراسية السليمة للأبناء ليزدادوا تحصيلاً.
يدفع الكثير
“تشرين” حاورت البعض من أهالي الطلاب, حيث كانت البداية مع السيد اسماعيل الذي أكد أنه يدفع الكثير كي يؤمن لأولاده بيئة دراسية, سواء من حيث تأمين الإنارة الجيدة لهم, أو من حيث تأمين الكتب والقرطاسية, والغرفة الملائمة والمدرسة الأفضل و…الخ, وهذا ما أكده صالح الذي أضاف من جهته أنه في كثير من الأحيان يضطر لتأمين كادر تدريسي لأولاده في البيت, لإعطائهم دروساً خصوصية, إما لضعف الكادر التدريسي الموجود بالمدرسة, أو لدعم الأولاد دراسياً, علّهم يحصلون على درجات أعلى في الشهادة الثانوية العامة, إضافة لاضطراره للاستدانة مالياً ممن هم ميسورو الحال كي يؤمن القرطاسية, ولباس المدارس لأبنائه, مع صعوبة السداد الذي سيكون على حساب لقمة العيش.
يحمّلنا مسؤولية أكبر
وبينت سمر أنها تسعى مع زوجها لتأمين ما أمكن من البيئة الملائمة لأولادهم, وخصوصاً الذين يدرسون الشهادة الثانوية, علماً أننا قدمنا من لبنان مؤخراً, والمنهاج اللبناني يختلف عن المنهاج السوري, الذي يعطى باللغة العربية في حين المنهاج اللبناني باللغة الإنكليزية، وهذا يحملنا مسؤولية أكبر, لصعوبة تكيف أبنائنا بداية مع المنهاج, ما يضطرنا للجوء للدروس الخصوصية مرتفعة التكاليف لردم الفجوة لدى أبنائنا مع المنهاج السوري, علماً أن الكثير من المدارس الخاصة تجارية هدفها الربح ثم الربح, وهذا لا يشجعنا على تعليم أبنائنا فيها, وهذا ما أكدته تغريد التي أضافت من جهتها أنّ الأهالي محكومون بتأمين البيئة الدراسية الملائمة, مهما كانت الظروف الاقتصادية صعبة, ولو اضطروا للديون إذ ليس بالإمكان أفضل مما كان.
فوق طاقتنا
حسام بيّن من جهته أن الواقع المزري لبعض المدارس العامة التي بالكاد تؤمن بعض كادرها التدريسي, والخاصة التي تحرص على جلب المدرسين الأرخص أجراً والأدنى عطاء يحملنا كأهل مسؤولية كبيرة فوق طاقتنا, وخصوصاً أننا من ذوي الدخل المحدود في تأمين بيئة دراسية ملائمة لأبنائنا من خلال تأمين شبكة نت بسرعة ملائمة كي يتابع أبناؤنا دروسهم على الشبكة العنكبوتية, ومن خلال تأمين بعض الدروس الخصوصية.
أما حنان فأشارت من جهتها إلى أنها مدرّسة وزوجها مدرِّس, أي أن دخلهما بالكاد يؤمن لهما لقمة العيش, ولديهما معاناة كبيرة في تأمين البطارية التي تعطي إنارة كافية للدراسة, في ظل غياب الطاقة الكهربائية (ساعة إنارة مقابل خمس ساعات قطع), علماً أنها تحاول مع زوجها تعويض أبنائهم عن النقص الدراسي الذي سيواجهونه في ظل تدني مستوى بعض المدرسين التدريسية, كما أننا نحاول ضبط أجواء البيت كي تكون البيئة الدراسية ملائمة لأبنائنا, وهذا ما أكدته ياسمين التي أضافت أننا نعاني من صعوبة تأمين التغذية المناسبة لأبنائنا كي يتحسن ذهنهم تجاه الدراسة لأن التغذية لا يمكن تجاهلها للطلبة, وخصوصا أن هذا الجيل مزاجه الغذائي صعب.
مدير تربية ريف دمشق الدكتور عبد الحليم اليوسف بين في رده على ما نقلته “تشرين” عن ذوي الطلاب، أن مديرية التربية بريف دمشق سعت منذ قبل بدء الأسبوع الإداري إلى تأمين الكادر التدريسي المناسب للمدارس, حيث استطعنا تأمين عدد كاف تقريباً لمدارسنا, من خلال المعلمين الوكلاء, ومدرسي الساعات الذين هم من خارج الملاك، بمساعدة المجتمع الأهلي, حيث تعهد المجتمع الأهلي بتأمين السكن للمدرسين والمعلمين الذين يبعدون مسافات كبيرة عن منازلهم, إضافة لتأمين السير الملائم لسهولة وصولهم لمدارسهم, مشيراً إلى أن التربية لن تكل ومستمرة في السعي لتأمين الكادر التدريسي في حال حدث أي نقص.
((مدير تربية ريف دمشق: استطعنا تأمين عدد كاف تقريباً لمدارسنا بمساعدة المجتمع الأهلي الذي تعهد بتأمين السكن للمدرسين والمعلمين الذين يبعدون مسافات كبيرة عن منازلهم))
أهمية دور الأسرة
وبينت الدكتورة فاطمة العليان الاختصاصية النفسية أنّ أهمية دور الأسرة تزيد في تأمين البيئة الدراسية السليمة لأبنائهم, ولاسيما في ظل الظروف المحيطة؛ ويكمن تلخيص هذا الدور من خلال بعض النقاط الآتية: التعاون الدائم مع الأبناء أنفسهم، ومع معلميهم والمتابعة المستمرة، في تقييم أدائهم ومستوياتهم التحصيلية؛ والمشاركة في حلول المشكلات التي يمكن أن تواجههم في المدرسة.
وتعزيز ثقة الأبناء بقدراتهم وتحفيزهم المعنوي على التقدم الدراسي؛ وتلافي نقاط الضعف، كذلك إيجاد مناخ هادئ وملائم أثناء فترة الامتحانات ومساعدة الأبناء على تجاوز أي توتر حاصل ومواجهته، ومساعدة الأبناء على اكتساب مهارات التعلم الذاتي، وتشجيعهم على ذلك.
وأخيراً مخاطبة عواطف الأبناء, والتركيز على قيمة العلم, والدراسة من خلال جلسات حوارية مثمرة وهادفة و تعظيم قيمة المعلمين, واحترامهم لدى الأبناء و اكتشاف ميول الأبناء, وإشباع حاجاتهم, ورغباتهم ودعمها.