سورية تجدّد مؤسساتها و”عزمها”
على الأرجح لم يعد ثمّة وقت “للتثاؤب.. ولا الذرائع”.. فللمستقبل القريب استحقاقاته التي هي من صلب التحديات الراهنة والسابقة، لأنها سلسلة مترابطة على مستوى التأثير والتأثّر، وقد يكون في الموقف مهلة نمنحها لأنفسنا لا للاسترخاء، وإنما لإعادة التموضع وبلورة البرامج على قاعدة تقييم ودراسة السياسات القائمة.
جملة واسعة الطيف رسمها السيد الرئيس بشار الأسد في كلمته أمام مجلس الشعب في جلسته الافتتاحية لدورته الرابعة اليوم، وخريطة طريق واقعية بمفردات جداً واضحة لا تقبل الاجتهادات والتأويل، ولا حتى الجدل، والواقع هي تأكيد عميق لفحوى النهج “الاستنهاضي” الذي يلفت إليه سيادته دوماً، ويمدنا بما نحتاجه من إصرار وفضاء فسيح لممارسة إرادة العمل وإدارة الملفات مهما كانت صعبة، لكن هذه المرة كانت الإشارة إلى دور أكثر تركيزاً لمجلس الشعب، وأداء أكثر فاعلية في سياق مجمل الأداء التنموي الذي تتوازع الأدوار فيه كل مؤسسات الدولة، ودولتنا دولة مؤسسات، وهذه إحدى ركائز ثباتها وتماسكها.
المسؤوليات كثيرة والمهام كثيفة، منها ما يرتبط بتصحيح مسارات بوصلة عمل سابق، ومنها ما يتعلق بأفق جديد ينطوي على تفاصيل أقلها أهمية.. يبدو مهماً، من شأنها مجتمعة – هي وليس سواها – أن تضمن معاودة البلاد النهوض بعد ثلاث عشرة سنة ونيف من الحصار والاستهداف المنظّم.
لدينا موارد وقوى ذاتية وإمكانات يجب أن نحسن إدارتها بحذاقة، بعيداً عن الجدل وتداول الخيارات، فثمة خطوط عريضة وواضحة ومتفق عليها، لا بد من إيلائها ما تستحق من أهمية ورعاية وعناية.. فقد أشار سيادته في كلمته صراحة إلى المشروعات الصغيرة والمتوسطة، كحامل تنموي بالغ الأهمية.. والواقع أن هذا العنوان شامل بإسقاطاته ومسؤولياته ونتائجه، ولا يقتصر على جهة محددة، أي هو مشروع تشاركي بين كل مكونات الدولة بكل معنى الكلمة، وتنميته والارتقاء به ينطويان على أسمى تطبيقات مفهوم التشاركية بأبعادها الاستراتيجية.
الإرادة يجب أن تكون قد توفرت، بل المفترض أنها متوفّرة، وبقيت الإدارة.. إدارة الأفق الجديد بمفرداته الكبرى.. مجلس شعب جديد، ولاحقاً طاقم تنفيذي – بحكم الدستور – وقبل ذلك كانت قيادة مركزية جديدة للحزب، والعنوان العريض “الدولة تجدّد مؤسساتها الكبرى”.. عنوان علينا أن نجسّد ترجمات له ترتقي إلى مستوى توجيهات السيد الرئيس بشار الأسد.. ونحن متفائلون جداً بحتمية النجاح، لأن الإخفاق ممنوع.