قصص قصيرة مرعبة لأمين الساطي «الجزء الثاني»
تشرين – أحمد محمود الباشا:
هذه هي المجموعة القصصية الثانية «الجزء الثاني» من قصص مرعبة للكاتب أمين الساطي التي تضمنت ثماني وعشرين قصة متنوعة في موضوعاتها، اتسمت جميعها بأسلوب الكاتب وطريقته التي عرف بها من خلال عالمه الوهمي واللاواقعي والخيالي والخوف وأحلامه الواسعة، وهذا ما نراه ملازماً له، وبات جزءاً لا يتجزأ منه، ويقول في ذلك: «الخوف غريزة أساسية في تكوين الإنسان، ومن وظائفه تعزيز الاستجابة لغريزة البقاء على قيد الحياة، بتوليد ردود أفعال سلوكية مناسبة لمواجهة الأخطار والتحديات»، ويضيف: إن «القصة تجربة صغيرة يمر بها القارئ لتزداد خبرته بالحياة، وليتعلم كيف يواجه التهديدات التي تنتظره في المستقبل».
وقد قدم لمجموعته هذه الإعلامي عماد كاتبة فقال: «أبطال القصة القصيرة يشكلون قلب الحياة اليومية المعيشة في قالب تتجسد فيه الأحداث واللحظات، لنقل وقائع كما هي، من دون أي تصنع أو تحريف في تصوير المجتمع وشخوصه»، أما عن الكاتب فقال: «نحن أمام قامة اقتحمت عالم الأدب بجرأة وحرفية لا مثيل لها، فالمهندس الدمشقي الذي أمضى حياته بعالم الهندسة، سافر وتنقل إلى بلدان عديدة في حياته الدراسية والمهنية، وعندما وصل به قطار العمر للتقاعد لم يركن للراحة، ومسك قلمه ليتحفنا بأعمال أدبية رائعة وكانت باكورة أعماله مجموعته القصصية أوهام حقيقية، ثم تبعها بأعمال ومؤلفات قصصية أخرى، وقد خطا بها على طريق الكتاب الكبار الغربيين الذين قرأ لهم واستفاد من نتاجهم».
وأن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي أبداً، وهذا ينطبق على كاتبنا الساطي الذي أمتعنا بأعماله الكثيرة والمفيدة، ليضيف مؤلفات وأعمالاً أغنى بها المكتبة العربية».
وسنمر بشكل موجز ومختصر على قصتين من مجموعته الثانية بجزئها الثاني الأولى بعنوان: «الحبيب إلى الحضيض»، والثانية بعنوان: «الريبة القاتلة».
الأولى: «الحبيب إلى الحضيض»
تتحدث هذه القصة عن شخص لديه حالة اكتئاب يمر بها فقرر كسرها بالسفر مع صديقه وأخته وأمه في رحلة سياحية إلى اسطنبول لمدة عشرين يوماً، وعندما أخبر صديقته ناديا بعزمه على ذلك جن جنونها، وطلبت منه أن تستعير سيارته طوال فترة غيابه للذهاب إلى وظيفتها الحكومية بدلاً من وسائل النقل العامة فأعارها إياها. وبعد عودته سأل عن ناديا فقيل له إنها سافرت للعمل في السعودية في مدينة جدة، وتركت له السيارة عند أخته، واستمرت علاقته مع أخت صديقته المراهقة.
كان يجلس وحيداً يفكر ولا يساعده على ذلك سوى فنجان القهوة التركي وسيجارة المالبورو، ونتيجة المخالفات الكثيرة التي ارتكبتها صديقته ناديا ومطالبته بتسديدها، قرر أن يتصل بها ويطالبها بتسديد تلك المخالفات لكونها المسؤولة عنها، فردت عليه قائلة: «ألا تعرف المثل الشعبي القائل»: «المرأة والمسدس والسيارة ليست للإعارة».
فحينها اتصل بوالدته وطلب منها أن تأخذ موعداً من خاله بالليلة نفسها، ليشرب فنجان قهوة بمعيته.
أما القصة الثانية «الريبة القاتلة» فتتحدث عن شاب قروي يسكن في غرفة قبو العمارة التي يعمل بواباً لها، حيث جاء من قرية صغيرة في البقاع الغربي، وحصل على وظيفة عن طريق قريبه الذي يعمل عند صاحب العمارة، وتراوده أحلام اليقظة طوال النهار، ويتابع أخبار الناس على مواقع التواصل الاجتماعي، الأمر الذي يعطيه شعوراً زائفاً بالحضور بين الناس والفتيات الجميلات من دون أن يكون معهن بالفعل.
وقد لعبت هذه التخيلات دوراً مهماً في ملء حياته الفارغة، وساعدته على الاستمرار فيها، وهذا يعود للتجارب الصادمة والكبت الجنسي أيام مراهقته بقريته الصغيرة، فحاول الاعتداء على إحدى سيدات العمارة، فباغتها وهاجمها وحاول افتراسها عندما رآها بقميص نومها الشفاف، فحاولت الصراخ فكم فمها ودفعها بقوة على الأرض، لكنه سمع حركة وصوتاً من ورائه، فإذا به صاحب العمارة وبيده مزهرية كريستال، فهوى بها على أسفل وجهه، فاندفعت الدماء كالشلال من عروق رقبته، ورمي جثة هامدة على قارعة الطريق، وتبلغ المخفر بوجود جثة لشاب في العشرين من عمره عارياً مقتولاً، ولم يتم التعرف عليه، ولم يتوصل التحقيق إلى شيء، ولعدم كفاية الأدلة رفعت الدعوى ضد مجهول، وأصدر المدعي العام أمراً بحفظ الدعوى مؤقتاً لحين ظهور أدلة جنائية في المستقبل.
بعد سرد ملخص عن هاتين القصتين نجد أن الكاتب أمين الساطي أعطانا شيئاً من العبر والدروس من واقع الحياة التي نعيشها وقصصاً وحكايا قد لا يتصورها ويتخيلها العقل لكنها تقع وتحدث، ويؤكد لنا أن الإنسان مهما اطلع وبحث لا بد له من الحاجة للاطلاع أكثر وخوض تجارب وصراعات وتحديات الحياة أكثر فأكثر. في الختام نتمنى لكاتبنا المزيد من أعماله هذه التي تفيدنا في حياتنا وتجاربنا المختلفة فيها، بما فيها من حلو ومر، ومنير ومظلم، ومحزن ومفرح، وما تخفيه في طياتها من قصص كثيرة سواء أكانت واقعية أم غير واقعية، مع تمنياتنا له بالمزيد من التقدم والنجاح لمؤلفاته التي نتشوق إليها دائماً.