مسارات واشنطن العبثية.. تفاوض ورسائل مخادعة ومُضللة.. لا جديد لدى بلينكن في جولته التاسعة ونتنياهو أمام خيارين أحلاهما مرّ: الاستقالة أو القتل

تشرين – هبا علي أحمد:

اليقين الوحيد في ظل حال اللايقين التي تعيشها المنطقة راهناً، هو ما يخص المفاوضات بين المقاومة الفلسطينية وكيان الاحتلال الإسرائيلي، إذ بات واضحاً أن الأفق مسدود في هذا السياق، وكل الجولات التفاوضية محسومة النتيجة حتى قبل البداية، وهو ما كان الحال عليه في مفاوضات الدوحة (يومي الخميس والجمعة الماضيين)، وهو ما سيكون الحال عليه في الاستئناف الأسبوع الجاري وفي محادثات القاهرة ذات الصلة، المُقررة اليوم، ولاسيما أن المقاومة رفضت المشاركة فيها أساساً، فكيف يصح الحديث عن بوادر إيجابية كما أشاع الأمريكي من دون مشاركة الطرف الأساس؟.. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن الآمال التي تسربها واشنطن تصطدم بوقائع تقدمها المقاومة تؤكد أن تلك الآمال مخادعة ومُضللة.

الإشارات «الإيجابية» التي تبعثها واشنطن حول المفاوضات كاذبة و مخادعة غرضها إطالة المسار إلى ما بعد الانتخابات الأمريكية

خداع وتضليل
ومن المعروف أن الإشارات «الإيجابية» التي تبعثها واشنطن، كاذبة و مخادعة، إنما غرضها إطالة المسار قدر الإمكان حتى لو لم يُفضِ إلى حل.. إطالته بحيث يرتكب الكيان أكبر عدد ممكن من المجازر وبالتالي استمرار الإبادة الجماعية وجعل الحياة في غزة غير صالحة، وإطالته حتى حسم الانتخابات الأمريكية ومن ثم ليستمر الكيان في عدوانه على غزة كما يحلو له من دون أن يكون للتفاوض أي أرضية، وإطالته أيضاً- وهذا الأهم- لتأخير «الردود» من قبل إيران وحزب الله على عملية الاغتيالات الصهيونية التي تمّت في طهران وبيروت، وهذا أهم ما ترمي له واشنطن، ولاسيما أنه لهذا التاريخ لم يستطع أحد معرفة أو التنبؤ بما يمكن أن تكون عليه «الردود» شكلها، طبيعتها وحجمها، لذلك تشتغل واشنطن على مسارين مسار التفاوض العبثي، ومسار الرسائل، أي بعث رسائل وتحذيرات أمريكية لطهران بأن الكيان سيرد على «الرد» الإيراني نووياً، خصوصاً أن واشنطن باتت تُدرك حجم الجهوزية لدى إيران.
ما تُشيعه واشنطن يوحي بأنه لم يعد هناك سوى «فجوات» وبحاجة لسدها ومن ثم يُنجز الاتفاق، وهي تُرسل وزير خارجيتها أنتوني بلينكن إلى المنطقة اليوم لهذا الغرض، ولكن المعطيات تقول خلاف ذلك، لاسيما مع تعنّت إسرائيلي على مواصلة الحرب بعد تنفيذ المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار أي التفاف على أي اتفاق، وبالتالي لا يمكن الحديث عن مجرد فجوات بل هو عدم اتفاق أساساً وتسويف ومماطلة، وما لا تقوله واشنطن تتكفّل وسائل إعلامها وإعلام العدو بالكشف عنه، إذ أكد مصدر سياسي لصحيفة «إسرائيل هيوم» أنّ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يواصل الإصرار على أن تكون «إسرائيل» قادرةً على استئناف القتال بعد تنفيذ وقف إطلاق النار إذا تم التوصل إليه، مشيراً إلى أنّ نتنياهو يستمر في المطالبة بموافقة أميركية مكتوبة على ذلك.
ويشترط نتنياهو استئناف القتال بعد المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار، وبقاء سيطرة القوات الإسرائيلية على الحدود الجنوبية للقطاع في معبر «فيلادلفيا»، إضافةً إلى تفتيش النازحين الفلسطينيين العائدين من مناطق الجنوب إلى منازلهم في الشمال.
أمام هذا الواقع، فإن جولة بلينكن التاسعة إلى المنطقة لن تختلف عن سابقاتها، وليس بإمكانها سد «الفجوات» في أي اتفاق، أو الدفع قُدماً باتجاه اتفاق واقعي حقيقي، بل سيكون قطاع غزة أمام سلسلة مُتجددة من المجازر كما العادة، وبالتالي فإن التصعيد من قبل جميع الأطراف هو ما سيكون عليه الحال لاسيما أن محور المقاومة على العموم لا يتعاطى مع المسار التفاوضي بقدر ما يتعاطى مع الميدان وما يقوله الميدان.

متظاهرون إسرائيليون: إذا لم يستقل نتنياهو سنحرض على قتله والكيان على مفرق طرق مصيري.. صفقة أو تصعيد

تهديدات
وبينما يُراهن نتنياهو على الوقت وعلى الأمريكي والأطراف الداعمة له، وعلى المفاوضات العبثية، فإن التهديدات الداخلية والخارجية تُحيق به وتزداد خطورة، على نحو حتى الأمريكي لا يُمكنه إنقاذه، خصوصاً أن الأصوات داخل الكيان تعلو ويتم الحديث عن التحريض على قتله في حال لم يتم التوصل إلى صفقة لإعادة الرهائن، إذ نقلت وسائل إعلام العدو عن متظاهرين إسرائيليين مطالبين بإتمام صفقة تبادل الأسرى مع المقاومة في غزة، تهديدهم أنّه في حال لم يستقل نتنياهو فسيحرصون على أن يُقتل.
ودعا البيان الذي تلته عائلات الأسرى الإسرائيليين قبالة وزارة الأمن في «تل أبيب» إلى مواجهة نتنياهو إذا ما عرقل الصفقة، مؤكداً أن «إسرائيل» تتواجد على مفرق طرق مصيري: صفقة أو تصعيد.

أعداء «إسرائيل» أدركوا أن لديها نقطة عمياء على وجه التحديد في مجال الطائرات المسيّرة البسيطة والرخيصة

وعلى مستوى التهديدات الخارجية يواصل إعلام العدو الحديث عن تهديد الطائرات المُسيّرة وما تشكّله من سلاح مهم وفاعل ورخيص من حيث التكلفة.. والخوف الإسرائيلي الدائم من سيناريو إطلاق العشرات منها في وقت واحد، مؤكدة أنّ تطوير وإنتاج واستخدام مثل هذه الأنظمة من قبل أعداء «إسرائيل» سيؤدي إلى تآكل التفوق الإسرائيلي، ويشكل تهديداً كبيراً على الجبهة الداخلية أيضاً، مشددة على أنّ أعداء «إسرائيل» وعلى رأسهم إيران وحزب الله أدركوا أن لديها نقطة عمياء على وجه التحديد في مجال الطائرات المسيّرة البسيطة والرخيصة.

أنظمة «الدفاع الجوي الإسرائيلي» ليست فعّالة بما فيه الكفاية ضد تهديد الطائرات المسيّرة

وقالت صحيفة «دفار»: أصبحت الطائرات المسيّرة أرخص وأكثر توفراً في متناول أعداء «إسرائيل» وتمنحهم التطورات التكنولوجية الجديدة قدرات مختلفة لاستهداف قوات الأمن والجبهة الداخلية، مضيفة: إنها تضم مجموعة واسعة بدءاً مما يُعرف باسم «ذخيرة متسكعة» مروراً بالطائرات المسيّرة ذات الأجنحة الصلبة التي تنتحر عند الهدف، إلى مُحلِقات صغيرة ودقيقة يمكنها حمل بضع عشرات من الغرامات فقط من المتفجرات، لكنها قادرة على الوصول إلى نقاط الضعف مع قدرات مناورة دقيقة بشكل لا يصدق.
وتؤكد أنّه في «إسرائيل»، هناك قلق من أن أنظمة الدفاع الجوي ليست فعّالة بما فيه الكفاية ضد تهديد الطائرات المسيّرة، خاصة عندما يتم إطلاقها في أسراب من عشرات الطائرات المسيرة جنباً إلى جنب.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار