يرى الموسيقا وجهاً حضارياً نواجه به العالم.. المايسترو شادي نجار: سنبقى نعزف حتى يشرق الأمل مكان الألم
حوار: ميسون شباني:
منجز موسيقي لافت يقدمه المايسترو شادي نجار عبر مقطوعاته وبإجادة متميزة ولمسة خلاقة يمازج روح الغرب عبر آلاته الشرقية ويعيد توزيع التراث الموسيقي بأسلوب مختلف ينمُّ عن ذكاء فني في أسلوب صياغة اللحن وتوزيعه ..
المايسترو شادي نجار وفي حوار لـ”تشرين” يؤكد أهمية الموسيقا في حياة الشعوب ويؤمن بكونها مازالت لغة العالم.
رسالة حب وثقافة
البداية كانت حلمًا عبر على ضفافه ووضع أساساته عبر. أوركسترا “صبا”.. يقول المايسترو نجار: تشكلت أوركسترا صبا عام ٢٠١٦ فكانت رسالة حب وثقافة في منتصف الألم والحزن ، كانت قراراً وخياراً وهو أن يعلو صوت الموسيقا على صوت الهاون والقذائف، وسميت “صبا” لسببين مقام الصبا في الموسيقا الشرقية، وهو من المقامات التي تبدأ بنوتة وربما لا تنتهي بنفس هذه النقطة، إضافة لكونها كناية رمزية بأن واقعنا ما قبل الحرب لن نسمح أن يكون هو واقعنا بعد الحرب من ناحية أخرى، وكلمة “صبا” في فكر جبران خليل جبران تعني الروح الحزينة التي تهب من الشرق، والغرب صدّر لنا هذا الحزن والألم، لذلك من خلال موسيقانا وثقافتنا سنحول هذا الألم لفرح متجدد ونرسله لكل العالم لنقول لهم إنّ في سورية شعباً يعشق الحياة ويحب الموسيقا ويتخذ من الموسيقا وجهاً حضارياً وثقافياً يواجه به العالم، والحال الذي نحن عليه لن يدوم ولا بدّ من التفاؤل بغدٍ أجمل، فالحياة ستستمر وموسيقانا ستبقى تعزف دائماً ليشرق الأمل مكان الألم والتجدد الدائم بالحياة.
تكامل الفكرة واللحن
وعن أهمية التناسق بين المقامات الموسيقية ومؤلفاته خاصة أن ٩٠٪ من معزوفات الأوركسترا هي من تأليفه يضيف نجار: كلُّ لحن أجرب أنّ أؤلفه وأبنيه على فكرة معينة وهذه الفكرة تذهب وحدها للمقام الأنسب لها بمعنى؛ إذا كانت الفكرة فرحاً فمن الطبيعي أن تكون على مقام العجم أو مقام الرست، وإذا كانت الفكرة التي نبني عليها لحناً هي فكرة حزينة من الطبيعي أن تكون على مقام الصبا، وإذا كانت ضمن مجال الرومانتيك أو الرومنس ممكن أن نذهب لمقام النهوند أو مقام الكرد إذاً لاشك في أن هناك تكاملاً بين فكرة اللحن واختيار المقام الأنسب والفكرة التي بني عليها اللحن، وعندما مزجت روح الغرب بآلة الرق الإيقاعية الشرقية، قدّمت مزيجاً في الهارمونيك بين آلات البيانو والكمان والغيتار، كما أضفت تناسقاً بين مقامات النهاوند والكرد والحجاز.
الإبداع يولد من الألم
وعن فكرة أن الإبداع الموسيقي يخلق من الألم يقول نجار: أؤمن تماماً أن الإبداع يولد من رحم الألم والفنان كلما زادت معاناته في الحياة واشتدت عليه التجارب يستطيع بشخصيته أن يكون أكثر تمرداً على الواقع وأكثر قوة على الحزن أو الألم.. نحن نتكلم عن الفنان الذي يملك شغف الموسيقا وهذا الشغف هو الذي يدفعه للوصول إلى مكان يطمح له من خلال موسيقاه وألحانه، أما الفنان الذي يعتبر أن الموسيقا هي مجرد دخل مادي فلن يستطيع أن يطور من إبداعه ومن فنه. إذاً يجب أن نكون متأكدين تماماً من أنّ الشغف الذي يملكه الفنان هو القادر على إيصال رسالته لأكبر شريحة ممكنة على أن يكون هو أولاً مؤمناً بالرسالة التي يؤديها الإبداع، وأن يبتعد الموسيقي عن حصر نفسه ضمن قالب معين لكي يحقق النجاح والتميز اللذين يسعى إليهما ضمن عمله، كما يجب أن يخرج من نطاق البوتقة التي فرضها عليه ربما مجتمعه أو ظرف معين، وأن يؤمن بقدراته للوصول بأعماله للإبداع الذي يحتاج من خلاله إلى الانفتاح على الثقافات الموسيقية المتنوعة.
الانفتاح الموسيقي
وأما بالنسبة لموضوع الموسيقا الحلبية كيف يتم إحياؤها والمحافظة على ميزاتها من دون أن تفقد روحها؛ يضيف المايسترو نجار: أؤمن تماماً أنَّ الفنان يجب أن يكون منفتحاً على الثقافات الموسيقية الأخرى وهذا الانفتاح يغني الفنان دائماً يضعه ضمن إطار التطور في الأفكار بالنسبة للتوزيع الموسيقي أو الكورالي، والتراث شيء مهم جدًا في شخصية كلِّ فنان وفي حياته الفنية ويجب المحافظة على التراث بنفس جديد وبروح موسيقية متجددة شريطة ألّا يمس باللحن الأساسي أو الكلمة الخاصة بالتراث..
لغة العالم
وعن تأثير الموسيقا بزمن السرعة والتكنولوجيا هل مازالت لغة العالم؟ يجيب نجار لاشك في أن الموسيقا كانت ومازالت وستبقى لغة العالم، لغة الثقافة، لغة الحضارة، لغة السلام، وفي حال اجتمع موسيقيون من كل أنحاء العالم فهم يستطيعون أن يحكوا لغة وحدة بين بعضهم وهي لغة الموسيقا ولا شك في أن تأثير الموسيقا في زمن السرعة أو التكنولوجيا أصبح أكبر وأكثر ولكن لا شك في أن الموسيقا مازالت هي لغة العالم.
وجه الحضارة
وعن مشروعاتهم لتوثيق هذه الاستمرارية يقول نجار: من المعروف دائماً أنّ الاستمرارية هي أصعب من البداية.. أن تستمر بشيء وتحافظ على المستوى نفسه هو أصعب وذلك خوفاً من الوقوع في فخ الروتين وخوفاً من الوقوع بالتكرار وخوفاً من الوقوع في فخ المشاكل المحيطة باستمرار بهذا العمل، والمشروعات القادمة هي حفلات موسيقية في محافظات أخرى، ونحن حريصون على أن ننقل هذه الرسالة من مكان إلى كلِّ مكان، وأن نخاطب الناس وقلوبهم وأرواحهم.. هذا هو الهدف من الموسيقا التي أقدمها وهي تحمل في طياتها نوعًا من الثقافة ووجهاً من أوجه الحضارة، تحاكي لغة الروح وليس لغة الجسد سواء بالأغاني التي تقدم أو بالألحان، وبعض المقطوعات الأخرى المعروفة سواء شرقيه أو غربية لكن بتوزيع جديد…