الهويات الضّاحكة

تشرين- ادريس هاني:
– نحن مغاربيون!
تبدو خدعة ضعيفة، كالصيني الذي يقول: نحن شرق- أقصويون، كالروسي الذي يقول: نحن سلافيون، أوراسيون.. لعبة خلط دوائر الهوية التي لا يمكن إلاّ أن تكون مركّبة، ثمّ البحث غير البريء عن النقاء العرقي الذي بات فكرة غير مجدية منذ آرلوند توينبي.
لسنا نحن من نشاء أو لا نشاء، ولكنها صخرة الواقع الصلبة، حقائق العلم والتاريخ والأنثربولوجيا، وجب التذكير بأنّ الديبلوماسية لا تتحيّز، ليست موكّلة أن تفكّر عن أمّة، من يفشل في احتواء الهوية ضمن خطاب التركيب الخلاّق، سيقع في التّبسيط الهوياتي.
الهوية بحمولتها التاريخية والأنثربولوجية، لا يمكن أن تُتحدد من داخل الغواية الفرنكوفونية، بكل دلالتها الأيديولوجية، بكل غُلبها الكولونيالي القديم والجديد، خرق الهوية المركبة يُراد منه التمكين للفرنكوفونية التي شكلت حاجزاً ضدّ الكونية بلغتها الأنغلوفونية الأثيرة، هذه الهوية ليست قضية نعم أم لا، بل هي قدر منيع على التِّقوال.
– الهروب من المسؤولية التّاريخية، يجد في خرق الهوية المركّبة خير وسيلة، تبدأ الحكاية بالهوية وتنتهي بالميل إلى خرق القانون الإنساني الدّولي. الاحتلال هوية ناشزة، ليست له جغرافيا حتى نزحف نحوه بقلب الحقائق. إنّ التبسيط واحد من مهلكات حوار الحضارات. خرج الاستعمار بالوارد وعاد عبر رقصة «تويست».
– سيأتي يوم، تحتاج هذه الهويات الضاحكة تضامناً عربياً وإسلامياً، كما احتاجته أيّام الاستعمار، ستحتاجه في دورة الزمان الإمبريالي، كلّ مكسب تاريخي هو عنصر أساسي في القوّة الناعمة، ما زلنا نبحث عمن نكون، ومن نكون يا ترى؟.. انقلاب في سُلّم الأولويات.
– إن كنّا لسنا عرباً أو مسلمين، فلننسحب من جامعة الدول العربية، فلننسحب من منظمة المؤتمر الإسلامي، ولكن ما البديل؟
– اتحاد مغاربي؟.. يا عيني على الاتحاد المغاربي.
-هوية أفريقية؟.. الهوية ليست يابسة فقط.
– إلى أوروبا؟.. لن تقبل.
أهي حكاية أمّة تحنّ إلى عصور التشرد الهوياتي؟
الهوية ليست موضوعاً لـ«الكلاش»، الهوية مسار تاريخي تراكمي، تركيب بنيوي، حاجة أنثربولوجية وليست حاجة غرامية.
– حدّد هويتك، ثم كن طرزاناً.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار