إلهام الأسطل.. فنانة فلسطينية في عقر دارها
تشرين- وصال سلّوم:
استطاع الفن التشكيلي الفلسطيني باستثنائية طروحاته وأفكاره، اختزال آلاف المفردات بمعنى لوني وفكري ولهفة إنسانية ووجدانية خالصة للشعب الفلسطيني، فكان حنظلة ناجي وجمل سليمان وبطيخة خالد.. وحبل المقاومة الفنية جرار ليبقى سجل الفن الفلسطيني مشرقاً ومعبراً عن آمال شعب عربي وضمير عالمي يرفض الاحتلال والظلم والعدوان بصورة تشكيلية احترافية تدعو للفخر والاعتزاز.
فكان للفن التشكيلي الفلسطيني مشاركة فعلية كمادة وموضوع توازي آلامه وآماله واستطاع بحق تكوينَ أشكال ومنطلق تعبيري ينسجم وروح القضية الفلسطينية الحرة والشجاعة والولادة دوماً لأسماء فلسطينية قادرة على فعل التحدي والمقاومة والتذكير المستمر بحق شعب كامل بالحرية والدفاع عن النفس.
كل هذا وصولات الفن التشكيلي مستمرة ترافقت دوماً مع تصاعد المقاومة وتلاحق الحوادث المأسوية والنكبات التي واجهت ومازالت شعبنا الصامد في الأرض المحتلة والمنتشر في أرجاء الوطن العربي وأصقاع العالم بلاد الشتات
إلهام الأسطل، اسم فلسطينيّ يضيف للفن التشكيلي المقاوم حضوراً يضاهي استثنائية فكره وفنه ورسائله ومقاومة لونية قادرة على فعل النصر المعرفي الذي يوازي النصر القيمي الذي حققه ومازال الشعب الفلسطيني المقاوم.
إلهام الأسطل فنانة من غزة استطاعت برصاص قلمها وألوانها الزيتية خردقة الجدران والاستثمار في زمن الحرب بلوحات فنية تحاكي أوجاع ونكبة شعب مأزوم بفعل إجرامي وحشي ليكون الفن حالة توثيقيه وأرشفه وجدانية وعلى مرأى العالم أجمع، واليوم من لم يرَ معاناة غزّة ودموية صورها ونحيب أطفالها تحت وطأة الهجمات الإسرائيليّة صوراً بكل ثقلها وحجم أوجاعها إلّا أنها لم تكن إلّا صورة مصغرة عن معاناة شعب كامل اُحتلت أرضه ودُمرت بيوته وشُرد أهله وقُتل شيوخه وأطفاله ونساؤه ومازال تحت نير الاحتلال.. إلهام الأسطل الشابة الفلسطينية ابنة الخامسة والعشرين بتوقيت حزن غزة، من خان يونس جنوب القطاع وثقت الحرب ومعاناة أهلها بدأت مجموعتها منذ الخريف السابق وعنونتها باسم (كارثة ومعاناة) لتكون اللسان الناطق عن أحداث وأفعال فلسطينية غزاوية فكانت لوحة الأسير الفلسطينيّ السابق بدر دحلان، الذي تأثّرت فيه إلهام وبعمق ملامحه، التي حوّلتها لخطوط لونية حاولت جاهدة بكل الحب والتعاطف والمناصرة لتجسد ما أمكن من وجع اللحظة وربطها بواقع الألم والمعاناة الّتي يعيشها الأسرى الفلسطينيّون، وهذا الدافع الرئيس لرسم اللوحة.
دحلان الذي خرج من سجون الاحتلال في 30 حزيران الماضي، وهو يعاني اضطرابات نفسيّة حادّة جرّاء التعذيب الشديد الّذي تعرّض له خلال أسره وخرج مصدومًا ومشوّشًا، بعينين جاحظتين وجسد نحيل وآثار تعذيب طاغية على ملامح وجهه وتعابيره وتضمّنت مجموعة لوحاتها أيضًا قصّة المسنّة الفلسطينيّة دولت الطناني، الّتي هاجمها أحد كلاب البوليسيّة لجيش الاحتلال الإسرائيليّ بوحشيّة بعد مداهمة منزلها في مخيّم جباليا شماليّ قطاع غزّة.
والتي انتشرت صورة ذعرها وخوفها أمام وحشية وحيونة عسكرة إسرائلية.. كارثة ومعاناة قادرة على استقطاب أفظع الصور التي لن تنحصر بصورة صرخة أو تنهيدة أسى.. فالقطاع الغزاوي المقاوم أمام ظلم ووحشية الاحتلال والتهجير والنزوح والجوع والآلام والآثام كانت الحاضر الرئيس والإطار الأشمل للوحات فنية قامت من تحت الركام ومن بين الأنقاض وبتوقيع فنانة فلسطينية غزاوية اسمها إلهام الأسطل.