نُبل الدولة وقوتُها
بقدر ما هو مثير للدهشة الرقم 2.6 مليون كعدد الأشخاص ذوي الإعاقة في سورية..يبدو مثيراً للإعجاب بل والفخر أيضاً.. المرسوم رقم 19 الصادر منذ أيام قليلة، والمتعلق بحقوق ذوي الإعاقة والتزامات الجهات العامة والخاصة تجاههم..
وإن كان لا مجال للإنشاء والسرد النافل في القضايا ذات الأبعاد العميقة مجتمعياً، إلّا أنه لا مجال أيضاً لعزل إلحاح الحالة الوجدانية في تلقي مثل هذا المرسوم، المفعم بالنفحة الإنسانية المغلّفة لتشريع محكم يؤسس “لدستور” حقيقي في التعاطي المجتمعي مع فئة باتت تشكل نسبةً غير قليلة في قوام المجتمع السوري، فئة ذوي الإعاقة بكل تشعبات الإعاقة وأسبابها وأشكالها.
وقد كانت لافتةً شموليةُ المرسوم و وضوحه و مرونته في المتابعة الرشيقة لأدق التفاصيل و الحيثيات الضامنة لحق ذي الإعاقة في كافة مناحي الحياة، و إفراد مظلة واسعة الطيف من الرعاية فوقه، وتحديد مسؤوليات كلِّ وزارة معنية وكلِّ جهة في منظومة الاحتضان الجديدة له.
2.6 مليون ذي إعاقة، يعني أنّ لدينا في سورية مثل هذا العدد من الأسر التي تعاني وطأة الرعاية بسلسلة أعباء ثقيلة، وهذا يعني أنّ ثمة ” أزمة” صامتة تعتري هذه الأسر، ليكون الحلّ بصوت عالٍ هذه المرة على شكل مرسوم حاسم يعيد تنصيب حقوق ذوي الإعاقة وذويهم أيضاً.
هذا في القراءة التنظيمية لهذا التشريع- الحدث- لكنْ ثمة تناول آخر يتعلق بدور الدولة السورية وحضورها، و ظرفية هذا الحضور، يجب أن نكترثَ له كثيراً، وأغلب الظن أنَّ هناك من يكترث و يتابع باهتمام في الخارج، من مهتمين ومنظمات دولية وناشطين في المجال الإنساني، فأن تتوجّه الدولة ببالغ الاهتمام وفي أحلك الظروف للرعاية الدافئة لأبنائها وتخفيف معاناتهم، على التوازي مع الانشغال باستحقاقات مصيرية متعددة الجبهات، سياسياً واقتصادياً ومجتمعياً بالعموم، يعني القوة والدور والحضور.. بل والسيادة بأسمى معانيها النبيلة، هكذا يجب أن ينظر كلُّ معني في الخارج للمرسوم 19، وننتظر من المنظمات الدولية المتخصصة والمعنية بذوي الإعاقة والأخرى التي طالما ارتفع صوتها للدفاع عن الحالات الإنسانية في هذا العالم، ننتظر من الجميع الإفصاح لا الصمت، أم إنَّ الملامح البيضاء الناصعة في سورية لا تقع في مجال رؤيتهم؟