مسلسلات “2020” و”لعبة نيوتن”.. وسر النجاح في قوة الأداء لـ”الشخصية المضادة”!
تشرين- حلا خير بك:
استوقفتني خلال المتابعة للمسلسلات هذا العام شخصيتان، أثرتا بمشاعري وبمشاعر الجمهور في مشهدي ذروة.. الشخصية الأولى هي شخصية “صافي” في مسلسل” 2020″ اللبناني والتي مثلها الفنان السوري “قصي خولي”.. والثانية هي شخصية “مؤنس” في مسلسل “لعبة نيوتن” المصري ومثلها الفنان المصري “محمد فراج”.. وما يجمع الشخصيتين هو كونهما “الشخصية المضادة”، الشخصية التي تحرك الشخصية البطلة، ويبدو أن قوة الشخصية المضادة وشدة إقناعها هي مصدر قوة العمل، إلا أنه في هذين المسلسلين المختلفين تماماً ، ما أبرز هاتين الشخصيتين ليس النص، ولا قوة وغرابة وفرادة قصة الحب التي من شأنها أن تشد الجمهور لأي عمل فني روائي أو درامي ، وإنما قوة الأداء للممثلين: قصي خولي ، ومحمد فراج.
قوة الاداء
إن قوة الأداء إلى جانب الكتابة الجيدة للشخصيتين المضادتين جعلتها تكاد في المسلسلين تنتزع أو تطغى على البطولة، سواء كانت لمنى زكي، أو نادين نسيب نجيم.. هذان المسلسلان: “2020” و”لعبة نيوتن” تضمنا عدة شروط لنجاح العمل الفني لا بد سنناقشها في مقالٍ آخر، ولكن قوة الشخصية المضادة أهم أسباب نجاح المسلسلين، ومن أهم وأجمل الشخصيات التي تابعناها على الشاشة خلال السنوات الأخيرة، ولقوة الأداء في التمثيل بإمكاننا القول تفوقت على الشخصية البطلة وبرزت وتصدرت وأقنعت حتى كادت تنتزع البطولة.. هذان الممثلان بفضل أدائهما نازعا البطل على البطولة.
مشاهد الذروة
أما مشهد الذروة لـ”مؤنس” فكان في المشهد الذي يحاول أن يفتح الباب الذي تختبئ خلفه “هناء” محاولا أن يستعيدها.. ومشهد الذروة ل”صافي” فكان مشهد الاشتباك الذي اختطف به البطلة النقيب.
في مسلسل “لعبة نيوتن “.. كان من الواضح أن الشخصية المضادة للبطلة “هناء” هي شخصية “مؤنس” والتي ظهرت في المسلسل بعد طرح وتقديم الشخصية البطلة، وهدفها تسللت شخصية “مؤنس” وتسربت لحياة “هناء ” اليومية ووجدت لها المكان المناسب، ومن ثم ومتأخراً كشفت عن وجهها الآخر، وبدأت تنازعها على المولود.. وكأن قرار الكاتب بخلق هذه الشخصية أو هذا التحدي للبطولة جاء متأخراً ومتردداً، وكأن الذي كتب شخصية “مؤنس” كتبها وحده كشخصية مضافة على قصة المسلسل، حيث يبدأ النزاع بين هناء وزوجها ليحل “مؤنس” لاحقاً مكان زوجها وينتزع منه هذا الصراع، ويبدو التفرد في كتابة شخصية مؤنس من خلال حوارها المختلف والقوي بالوقت نفسه.. الحوار المكتوب لشخصية “مؤنس” كان الحوار الأقوى بين الشخصيات، وأداء”مؤنس” كممثل كان الأقوى وبالتالي كاد ينتزع البطولة من “منى زكي”، وعلق بالذاكرة لدرجة بإمكاننا أن نطلق على المسلسل اسم “مؤنس”!
البطولة الحقيقية
بينما في مسلسل “2020” تبدو صورة نادين نجيم وقصي خولي متقابلتين في بداية الشارة والبطولة مشتركة بينهما، ولكن البطولة الحقيقة ليست مشتركة، فشخصية النقيب التي لعبتها نادين نجيم هي البطلة، لأنها بدأت بالحركة نحو هدفها واقتحمت عالم الشخصية المضادة “صافي” وتورطت في الحب ، لكن كان بإمكانك التساؤل طيلة المسلسل وحتى المشهد الأخير من هو البطل ومن هو على حق، لأن بين الشخصيتين صراعاً وتأثيراً متبادلاً وتبادلاً للأدوار بعد وقوعهما في الحب، هذه الثنائية رائعة بالكتابة ، ولكن بالأداء تفوق الفنان قصي خولي وانتزع البطولة بجدارة، وبإمكاننا أن نطلق على المسلسل مسلسل “صافي” ..
صافي ومؤنس
الشخصية المضادة للشخصية البطلة هي البطل المخالف للعرف، يتسم بسمات ليست بطولية، والغاية لديه تبرر الوسيلة، وكلما كانت مبرراته أقوى واعتقد أنه على حق نازع البطل على البطولة حتى لتشك بأنه البطل إلى أن يحسم الكاتب المعركة بينهما أخيراً.
وكما ذكرت سابقاً لهذين المسلسلين، عدة جوانب ساهمت في نجاحهما وتميزهما بين المسلسلات الأخرى، لكن ما جمع بينهما كما ذكرت الأداء المتميز والكتابة الجيدة للشخصية المضادة.